أقلام حرة

وهل تملك العنقاء إلا ان تنهض؟ المثقف في عيدها الثالث

احتفالُنا بأعيادِ الميلاد هو إحياءٌ سنويّ للإصرارِ على البقاء،  وتذكرةٌ أن لاخيارَ للعنقاءِ إلا أن تنهض...

 

فتحتُ الصفحةَ الأولى من "المثقف" في اليومِ الثاني من أيّامِ مايو، وبالخطِّ العريضِ على رقعةٍ خضراءَ قرأت:

" نعتذر لقرائنا الكرام عن التحديث لهذا اليوم ....."

قلت : خير إن شاء الله! فالمحررُ بحاجةٍ لبعض الراحة...

فكثيرأ ما تساءلتُ، ترى هل ينامُ هذا المحررُ الذي يردُّ على استفسارتِنا وطلباتِنا  بلمحِ البصر،  وكأنَّ له ألفَ عينٍ  وألفَ أُذنٍ  وألفَ يدٍ لتديرَ دفةَ القيادِة من وراء ستارٍ اختاره لنفسِه  لا يتخلله إلا تلك الروحُ الملائكيةُ التي يتحلى بها ... والتي يطلُّ بها علينا من الفضاءِ السايبريّ!

 

لعلّ من يقرأ كلماتي يظنّني أبالغ ، ولكن من يعرفني يعلمُ أن كلماتٍ كهذه لا أنطقُ بها إلا من منبعِ صدقٍ وشعورٍ حقيقيّ؛  ومن تعاملَ مع صحيفةِ " المثقف" يعلمُ جيداً أن لا مبالغةً فيما أقوله هنا ...

 

وتكرّرت الملاحظةُ يوماً بعد يوم حتى بدت الرقعةُ الخضراءُ تلك وكأنّها  قد ألصقت على الصفحة بألفٍ طبقةٍ من الصمغِ الأصلي الجاوي !... قيل لي أن الصمغَ الجاوي من أكثر أنواعِ الصمغِ التصاقاً، بعد " لزقة جونسون!"؛   حتى أنني لم أعد أطيقُ اللونَ الأخضر... وتمنّت عيني رؤيةَ الأزرق من جديد،  رغم أنّ اللونَ الأخضرَ يرمزُ للأملِ والأزرقَ للحزن، إلا أنِّي بدأتُ أرى العكس...

 

وكلّ صباحٍ أفتح الأولى وأرى نفسَ الوجوه، نفسَ العناوين،  والرقعةَ الخضراءَ، ولا يتغيرُ فيها سوى التاريخ ..

الأرشيفُ كان السلوى ، وكما يقولُ المثل " إن ضاق خلقك تذكر أيام عرسك!"

ثم .... بدأت كراسي العرس تتكسرُ، وكأنَّ الحضورَ فيه قد جاؤوا من عالمٍ آخرَ يتكلمون لغةً أخرى بحروفٍ وأصواتٍ لا معنى لها ... وصفحة بعد صفحة تهاوى كلّ شيء.. ثم توقفت الساعة،  وتوقف التاريخ ...  اليوم الثامن من مايو سنة 2009 ... وحتى الذكريات سُلبت منا!

 

ثم سكنَ كلُّ شيء...  وحتى الرقعةَ الخضراءَ تهاوت ... ولا أدري كم من القرّاء والكُتّاب واصلوا زيارة "الأولى " كل صباحٍ كما كنت أفعل،  فقد جعلت منها محراباً  حتى حلّت الوحشةُ تماماً فيها وفي نفسي؛ فكتبتُ للمحرر بنفاِذ صبرٍ : "هاي وينكم، مو والله ضجنا!"

 

كنتُ أتساءل، ترى هل سنحتفل بذكرى تأسيس "المثقف"  هذه السنة كما احتفلنا في السنة الماضية والتي قبلها؟

 وكان صوتٌ في داخلي يردُّ عليَّ بإصرار: "وهل  تملك العنقاء إلا أن تنهض؟"

نهنئ "المثقف" بعودتِها المليئةِ بالحيوية، بحلَّتِها الإنيقةِ ورقيِّ مستواها .. وبثوبها الأزرق الجليل.

 

 3-inam

 

 

 

فهنيئاً لنا جميعاً بهذه العودةِ البهية.

..........................................

حرير و ذهب (إنعام)

الولايات المتحدة

6/6/2009

 

في المثقف اليوم