بأقلامهم (حول منجزه)

سليم جواد الفهد: المفكر العراقي ماجد الغرباوي داعية نير لتحديث الدين

- الغرباوي مفكر إسلامي عراقي فذ من مواليد 1954.

- هاجر إلى أستراليا في عهد نظام صدام حسين وحصل على الجنسية الأسترالية.

- أسس صحيفة ومؤسسة المثقف في مدينة سيدني الأسترالية.

- له العديد من الكتب والمؤلفات التي تدعو لتحديث الدين الإسلامي ونبذ التطرف.

- ينتقد الغرباوي التفسيرات الجامدة للنصوص الدينية ويؤكد على أهمية العقل والاجتهاد في فهم الدين.

- يدعو إلى قراءة جديدة للنصوص الدينية تتوافق مع قيم العصر الحديث.

يرى أن الدين الإسلامي قادر على التكيف مع متغيرات العصر دون المساس بجوهره.

أبرز أفكاره:

1- ضرورة التمييز بين الدين كعقيدة إيمانية وبين الدين كمؤسسة اجتماعية.

2- الدين الإسلامي دين إنساني يدعو إلى الحرية والتسامح والعدالة.

3- يجب تحرير الدين من سطوة المؤسسات الدينية التقليدية.

4- أهمية الاجتهاد والتفكير النقدي في فهم النصوص الدينية.

5- ضرورة مواكبة الدين للتطورات العلمية والفكرية في العصر الحديث.

القلة من أصحاب رسائل التنوير من ينذر نفسه لإكمال مشروعه حتى النهاية غير أَبِهَ ولا مبالي بالعقبات والصعوبات وكأن رسالته التنويرية وحيانية ومسؤولية ما ورائية يترتب على أكمالها مصائر الخلق أجمعين.

المفكر العراقي ماجد الغرباوي من هذه الطينة النقية طينة عُجِنَت بماء المسؤولية لتبرز وجه الحق للخلق والغاية هي ترسيخ كرامة الكائن الإنساني وسعادته. من خلال وضع المعادلة المقلوبة في نصابها الصحيح: (الدين في خدمة الإنسان) و(ليس الإنسان في خدمة الدين).

من أجل ذلك سعى المفكر الغرباوي إلى قراءة متجددة للنص تقوم على النقد والمراجعة المستمرة من أجل فهم متجدد للدين كشرط أساس لأي نهوض حضاري يساهم في ترسيخ قراءة متجددة للنص وهي ضرورة لنهوضٍ حضاري راسخ في قيم الحرية والتسامح والعدالة.

أدرك مقكرنا أن الدين عنصرا أساسيا في حياة الكثيرين فهو يقدم لهم الإرشاد والهداية والمعنى في الحياة. ولكن مع مرور الزمن قد تصبح بعض النصوص الدينية غير مفهومة أو غير متسقة مع قيم المجتمع المعاصر.

من هنا تأتي أهمية القراءة المتجددة للنص الديني والتي تقوم على النقد والمراجعة المستمرة من أجل فهم متجدد للدين. فهم عصري للنص يتناسب مع احتياجات العصر الحديث. تُساهم في ترسيخ قيم الحرية والتسامح والعدالة وهي القيم الأساسية لأي نهوض حضاري. غايته معالجة التطرف والظواهر السلبية التي قد تُنسب إلى الدين والدين منها براء.

مبادئ القراءة المتجددة للنص عند الغرباوي

أولا: النقد والمراجعة المستمرة:

يجب أن تُبنى القراءة المتجددة للنص على النقد والمراجعة المستمرة دون الخوف من التساؤل أو إعادة النظر في بعض الأفكار.

ثانيا: الاعتماد على العقل والمنطق:

يجب أن تعتمد القراءة المتجددة للنص على العقل والمنطق مع الأخذ بعين الاعتبار السياق التاريخي والثقافي الذي نزلت فيه النصوص.

ثالثا: التسامح مع التنوع:

يجب أن تُراعي القراءة المتجددة للنص التنوع في التفسيرات وأن تتسامح مع مختلف وجهات النظر.

مقتضيات الحكمة في التشريع.. نحو منهج جديد لتشريع الأحكام

سأقف مع هذه الإضاءة من إضاءات مفكرنا الفذ بإختصار لأن من المستحيل الإحاطة بكل درره في هذه الشهادة القصيرة.

 مقتضيات الحكمة في التشريع تشير إلى الضوابط والمبادئ التي يجب أن توجه عملية صياغة القوانين والتشريعات. هذه المقتضيات تهدف لتحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق المواطنين وتعزيز العدل والمساواة في المجتمع. وفيما يلي بعض المقتضيات الرئيسية للحكمة في التشريع:

1. الدقة والوضوح: يجب أن تكون القوانين محددة ودقيقة بحيث يتسنى للمواطنين فهمها وتطبيقها بسهولة. يجب أيضاً أن لا تكون هناك تركيبات لغوية معقدة أو غامضة التفسير.

2. المرونة: ينبغي أن تكون القوانين مرنة بما يتناسب مع احتياجات المجتمع والتطورات الاجتماعية والتكنولوجية الجديدة. وبالتالي، يمكن تعديل القوانين وتكييفها لتلبية المتغيرات الجديدة.

3. المساواة والعدل: ينبغي أن تكون القوانين عادلة وعادلة بالنسبة لجميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن جنسهم، عرقهم، دينهم أو أي خصائص أخرى.

4. السلامة والأمان: يجب أن تهدف القوانين والتشريعات إلى حماية سلامة المواطنين وتوفير بيئة آمنة ومستقرة. يجب أن تكون هناك تدابير فعالة لمكافحة الجريمة والحفاظ على الأمن.

5. الشفافية: يجب أن تكون العملية التشريعية شفافة ومفتوحة، بحيث يتسنى للمواطنين معرفة كيفية اتخاذ القرارات وصياغة القوانين. يجب أن يحظى الجميع بحق الوصول إلى المعلومات والمستندات ذات الصلة بالقوانين.

6. الاستدامة: ينبغي أن تعمل القوانين والتشريعات على تحقيق التوازن بين الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمجتمع.

ومن أجل تحقيق هذه المقتضيات يجب أن يكون التشريع مبنيا على أسس قوية ومبادئ قائمة على العدل والمساواة وحماية حقوق الفرد والمجتمع بشكل عام. كما ينبغي أن يتمتع المشرع بالحكمة والفطنة في اتخاذ القرارات الصائبة التي تحقق المصلحة العامة وتسهم في تنمية المجتمع بشكل شامل.

تتضمن مقتضيات الحكمة في التشريع الاستناد إلى الدراسات والبحوث العلمية الموثوقة والتحليل الشامل للظروف والمتغيرات المحيطة بتلك القضايا. كما يتطلب الأمر الاستماع لآراء ومقترحات الخبراء في المجالات ذات الصلة واستشارة الأطراف المعنية والمجتمع المدني لضمان إشراك جميع الفئات الاجتماعية وتلبية احتياجاتها وتطلعاتها.

وتكمن مقتضيات الحكمة أيضا في وضع تشريع يأخذ بعين الاعتبار توجهات التطور العلمي والتكنولوجي والاجتماعي ويكون متكيفا مع التحولات السريعة في المجتمعات الحديثة. فعالمنا المعاصر يشهد تطورات هائلة في مختلف المجالات ومن ضمنها القانون والتشريعات ولذا فإن التشريع يجب أن يكون قابلاً للتطور والتعديل لمواكبة التحولات والتحديات الجديدة.

وأخيرًا تعني مقتضيات الحكمة في التشريع ضرورة توفير آليات فعالة للمراقبة والتقييم المستمرة لسلوكيات التطبيق والتنفيذ لتشريعات المجتمع. يجب أن يتمكن المجتمع من مراقبة تلك القوانين وقياس فاعليتها والتأكد من تحقيقها للأهداف المرجوة. علاوة على ذلك يجب وضع آليات قانونية لتعديل أو إلغاء التشريعات التي تثبت فشلها أو عدم ملاءمتها للظروف الراهنة.

باختصار يجب أن يتسم التشريع بالحكمة والعقلانية والتفكير الاستراتيجي لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المجتمعات لذا ينبغي أن يعكس التشريع المقتضيات الحكيمة والمتطلبات العصرية للتشريع بناء على أبحاث واستشارات ومراقبة فعالة.

وهذا عرض مختصر لفحوى كتاب مقتضيات الحكمة في التشريع للأستاذ ماجد الغرباوي:

يُعدّ كتاب "مقتضيات الحكمة في التشريع" للأستاذ ماجد الغرباوي من أهم الكتب التي تناولت فلسفة التشريع في الإسلام. ويُناقش الكتاب العلاقة بين الحكمة والتشريع ويؤكد على أن الحكمة هي الأساس الذي تُبنى عليه القوانين والشرائع.

أهمّ الأفكار التي يُناقشها الكتاب:

مفهوم الحكمة في الإسلام:

يُعرّف الكتاب الحكمة بأنّها "علمٌ يُدرك به ما يجب فعله وما يجب تركه". ويؤكد على أنّ الحكمة هي صفة من صفات الله تعالى وأنها تمثل الغاية من التشريع الإسلامي.

العلاقة بين الحكمة والتشريع:

يؤكد الكتاب على أن التشريع الإسلامي مبني على الحكمة وأن جميع الأحكام الشرعية لها حكمة وسبب ويشير الكتاب إلى أن الحكمة قد تكون ظاهرة أو خفية وأن على المسلم أن يُؤمن بحكمة الله تعالى حتى وإن لم يُدركها.

مقتضيات الحكمة في التشريع:

يناقش الكتاب بعض أهم مقتضيات الحكمة في التشريع، مثل:

- التدرج في التشريع: يؤكد الكتاب على أن التشريع الإسلامي جاء متدرجا وأن ذلك من مقتضيات الحكمة. فمثلاً لم يُحرم الله تعالى الخمر دفعة واحدة بل حرمها على مراحل.

- مراعاة المصالح: يؤكد الكتاب على أن التشريع الإسلامي يُراعي المصالح وأن ذلك من مقتضيات الحكمة. فمثلا حرم الله تعالى الربا لأنّه يُضر بالمصالح الفردية والمجتمعية.

- سدّ الذرائع: يؤكد الكتاب على أن التشريع الإسلامي يُسد الذرائع التي قد تؤدي إلى الفساد. فمثلاً حرم الله تعالى الزنا لأنه قد يُؤدي إلى الفساد الأخلاقي والاجتماعي.

- أهمّ خصائص الكتاب:

الأسلوب السهل والمبسط: يقدم الكتاب أفكاره بأسلوب سهل ومبسط مما يجعله مناسبا لجميع القراء.

- الاستدلال بالقرآن والسنة: يؤكد الكتاب على أفكاره بالاستدلال بالقرآن والسنة مما يعطيها مصداقية وقوة.

- الشمولية: يُناقش الكتاب موضوع فلسفة التشريع بشكل شامل ويُغطي جميع جوانبه.

- خلاصة:

يُعد كتاب "مقتضيات الحكمة في التشريع" من أهم الكتب التي تناولت فلسفة التشريع في الإسلام. ويُقدم الكتاب أفكارا قيمة حول العلاقة بين الحكمة والتشريع ويؤكد على أن الحكمة هي الأساس الذي تُبنى عليه القوانين والشرائع.

ملاحظة:

هذه نبذةٌ مختصرةٌ عن فحوى كتاب "مقتضيات الحكمة في التشريع" لا تغني عن قراءته لأنه كتاب غني وفيه يصل المؤلف إلى قمة الفهم الناضج للعلاقة بين الأحكام الشرعية وفلسفتها التاريخية.

***

بقلم: الأستاذ سليم جواد الفهد

..................

* مشاركة (21) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).

رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي

https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10