بأقلامهم (حول منجزه)

سُوف عبيد: باقة ياسمين تونسية بسبعين وردة

منذ أكثر من عشرية ونصف وقصائدي وغيرها من النّصوص منشورة بعناية كبيرة وحفاوة لطيفة ومتابعة دقيقة على موقع ـ صحيفة المثقف ـ فصار هذا المنبر منارة إشعاع لمختلف كتاباتي يصل مداها إلى الأقاصي نحو مشارق الأرض ومغاربها بالإضافة إلى أني كنت أقرأ على صفحات هذا المنير مقالات ذات فائدة جمّة في شتى المواضيع والشؤون والاختصاصات ناهيك عن الأشعار والقصص والمترجمات من اللغات الأخرى بالإضافة إلى تقديم الكتب الجديدة مع الحوارات والمطارحات النقدية والفلسفية والاجتماعية والنفسية والسياسية وغيرها بحيث أضحت ـ صحيفة المثقف ـ تمثّل دائرة معارف صغيرة أطلّ منها كل يوم على الدنيا وما فيها وبفضل التواصل مع كتّابها اِرتبطت بيني وبين الكثيرين منهم أواصر صداقة بفضل وشائج المودّة والمحبّة الخالصة التي نتقاسمها من معين الأدب والمعرفة فلا يسعني إلا أن أذكر من بينهم خاصة الأستاذ ماجد الغرباوي عميد هذا المنير وأُسِّه وراعيه فقد تابعت حواراته باِهتمام على مدى عديد السنوات وشدّني إليها جدية الأسئلة المطروحة والمنبثقة من اِهتمامات فكرية متنوعة فاِنبرى لها الأستاذ ماجد الغرباوي بإجابات ترشح من سعة اِطلاع على عيون تراثنا الزاخر وعلى قراءة عقلانية للقرآن الكريم وعلى روح من التسامح والأريحية تكتنفها فلاحت القدرة على اِستيعاب السابق من النصوص وإخراجها من التكلّس والجمود إلى فضاءات رحبة من عمق المعرفة وشمولية النظرة في روح تحررية تنثال في تباريح الصّفاء والمحبة الإنسانية.

إن تلك المحاورات العميقة هي مواصلة لمنهج البيان وإقامة البرهان الذي عرفته الثقافة العربية في عصورها الزاهرة حيث كان قائما على بسط المسائل وطرح مختلف الآراء فيها وقد تجلّى في ما قرأناه مثلا في أدب أبي حيان التوحيدي ضمن كتاب ـ الإمتاع والمؤانسة ـ ومثل ما نقله القاضي النعمان عمّا دار  بينه وبين الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في كتاب ـ المجالس والمسايرات ـ فمحاورات الأستاذ ماجد الغرباوي تُبرز شخصية مستوعبة للتراث العربي الإسلامي في بعده الإنساني من ناحية ومن ناحية أخرى تُعلن بوضوح القطيعة مع كان سائدا فيه من تقديس للمقولات الفقهية إلى حدّ التزمّت فهو يدعو إلى المراجعة الشاملة لما اِستقرّ في الأذهان عبر توالي العصور والأزمان بروح تحرّرية من أجل سعادة الإنسان لأنها هي الغاية من الشرائع والأديان .

هذه هي عين الحكمة والضالة المنشودة التي ما اِنفكّت تتردّد في كتابات الأستاذ ماجد الغرباوي ومحاوراته على مدى سنوات عديدة...

فتحية تقدير وإكبار مفعمة بالمودّة والمحبة والاِمتنان أُرسلها إلى الأستاذ ماحد العرباوي بمناسبة بلوغة السبعين راجيا له الصحة والعافية وطول العمر مع المزيد من العطاء والتوفيق في إرساء مشروعه الفكري المتنوّر ليفتح آفاقا جديدة في الثقافة العربية وليُواصل الإشراف على منبر ـ صحيفة المثقف ـ هذا المنبر الذي أضحى ملتقى فكريا وإبداعيا للأدباء والمثقفين العرب ومن بينهم الأدباء التونسيون الذين وجدوا في رحابه العناية والرعاية لنصوصهم بل قد حظي البعض منهم بالتكريم في مناسبات سابقة وكان لي الشرف أن أكون من بينهم .

مسك ختام هذه التحية باقة ياسمين تونسية بسبعين وردة!

***

بقلم: سُوف عبيد

 ............................ 

* مشاركة (26) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).

رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي

https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10