أقلام حرة

التافهون والظالمون

شاكر الساعديكنا أيام الشباب في سبعينيات القرن الماضي نقرأ ونشاهد مقولات لكبار الشخصيات والنخب العالمية العظيمة من رجال السياسة والكُتّاب والعلماء والمفكرين الذين نفخر بهم لحد ألان، أما اليوم فالوضع العام محزن والعراقي أكثر حزنًا، سابقًا كنَّا نتذمر من برامج القنوات التلفزيونية الرسمية - تلفزيون العراق.. ونتمنى تغييرها،وبعد سنوات أتى الإعلام التجاري (قناة الشباب) وبعد ذلك مواقع التواصل الاجتماعي(الفيس بوك و المسنجر والواتساب والفايبر والانستكرام والتك توك ... الخ) لتزيد الطين بله .

فقد أتى الانترنت ومعه التفاهات وقلة الأدب التي أسست جيلاً إن لم يكن متعب فهو غير جدير بالثقة، جيل ضعيف يسهل خداعه ونشر الأكاذيب والتضليل عليه، فمن  مسابقة (الحلم) إلى مسابقة (في بيتنا روبوت) و(رن الجرس)، رصدت الملايين لها وتم تخريج جيل من التافهين لو قست عقله لما بلغ شيء يذكر، كل ذلك تسويق لطفيليات جنت على الأجيال.

مساج نسائي:

المرأة شيء عظيم لا يمكن أن تكون حياة بدونها ولقد عرض القران الكريم الكثير من شؤون المرأة في أكثر من عشر صور منهما سورتان عرفتا بالنساء والطلاق وفي البقرة والمائدة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والتحريم.

يقول أحد الكتاب الغربيين (أن جميع الأبواب مفتحة على الوجه الطلق ذي الخلق الحسن، بينما يضطر ذوو الأخلاق السيئة أن يضغطوا على الأبواب المغلقة لفتحها كالصعاليك) فما أكثر الشياطين في ملابس الملائكة، الذين يخفون وجوههم الرهيبة الهائلة تحت ستار جميل.

لقد أستغل البعض من ضعاف النفوس مواقع التواصل الاجتماعي لنشر غسيله القذر علينا من خلال عرضه لبرنامجه الفاسد (المساج النسائي) من خلال زيارته البيوت لعمل مساج للنساء في بيوتهن، وكأن تلك البيوت خالية من الرجال والأخلاق بنفس الوقت، وهذه واحدة من بدايات الهبوط الأخلاقي الذي يمر به المجتمع العراقي نتيجة البطالة وغياب العدالة والقانون والانحراف عن الخط المستقيم .

الحج التجاري:

أن الباري تبارك وتعالى وضع للدين شعائر ورموزاً ومميزات (كالحج وزيارة بيت الله الحرام) والحج شعيرة تجمع المسلمين من كل أصقاع الأرض ليرفعوا أصواتهم بالتلبية وبشعارات التوحيد والعبودية .

وهكذا يكتسب كل شيء صبغة الله ومن ثم يجب إن يكون المضمون والجوهر جوهراً إلهياً وهذا لا يكون إلا بمعرفته تعاليم الدين والالتزام بها.

ولكن هناك من المكاتب السياحة وبالتنسيق مع بعض المتنفذين في الدولة لا تؤمن بأن الحج (من أستطاع إليه سبيلا) راحت تروج إلى ما يسمى بالحج التجاري الذي يكلف الحاج ما يقرب من 11إلف دولار أي ما يقرب من  16مليون دينار عراقي.

وريثة حكم العراق:

مما يعلم بالبداهة إن أصحاب المشاريع السياسية وبرامج العمل لابد من حضورهم بين الناس ومشاركتهم إياهم ليضمنوا نجاح خطتهم السياسية وعملهم الاجتماعي، بدلاً من أطلاق الشعارات والوعود الزائفة على الجماهير من خارج العراق ومن قنوات عربية تثير الفرقة والانشقاق في مجتمعنا العراقي الناهض نحو الأمام .

أطلت علينا وريثة حكم العراق وابنة الرئيس العراقي السابق (صدام حسين 1937- 2006) الخمسينية من خلال القناة السعودية - العربية - لتحدثنا عن بطولات أبيها وبعلها وأخويها خلال حكمهم العراق (1979-2003) وانجازاتهم الجبارة في بناء العراق وإقامة المشاريع التنموية فيه... حتى أن مقدم البرنامج الوسيم (صهيب شراير) فاجأها حين قال: أن الأمريكان حين دخلوا قصور أبيك وجدوا أموال طائلة وسيوف من ذهب، بينما كان الشعب يتضور جوعا من الحصار المفروض عليه ... فكان جوابها: أن هذه السيوف مطلية بالذهب ليس غير وهي هدايا تعطى للزائرين.

لقد أضحت حياة العراقيين بالأمس من دون عدالة هي الشيء الذي تلاحظونه في أقبح وجوه التاريخ، وهو شيء يلاحظ اليوم أيضاً، بحيث كل التعاسة الحالية التي تشاهدونها في مجتمعنا ناجمة عن الظلم وانعدام العدالة، قد لا تفصح ظواهر الأمور عن هذا، لكن باطن القضية هو هكذا، إذا كنتم تشاهدون الشباب يتظاهرون في الشوارع  فظاهر القضية هو إن ما حصل عدم توفر فرص عمل، لكن باطن القضية شيء أخر، وهو انعدام العدالة من السابقين واللاحقين .. لو كان العدل سائدا في مجتمعنا مذ الأجيال السابقة، لاستطاع الإنسان العراقي في ظل تلك العدالة إن يشيد حياته بطريقة مقبولة بحيث لا يعاني أبناؤه من البؤس والتعاسة ولا تكون الحياة على هذا القدر من القبح والآلام. 

شاه إيران والشاهبانو:

يذكر الكاتب المصري (محمد حسنين هيكل1923- 2016) في كتابه (مدافع آيات الله (إن شاه إيران (محمد رضا بهلوي1919-  1980) لم يجد بلداً واحداً في العالم يستضيفه، بعد سقوط نظام حكمه عام 1979، وكان الكل غير راغب بقدومه، إلى أن حل في دولة بنما، وحتى دولة بنما طلبت منه الرحيل، وأعطته فترة محددة للرحيل، ولكن زوجته بدأت تستغيث بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإعطائهم جواز سفر، ولكن دون جدوى .

هذا الشاهنشاه (ملك الملوك) هو احد أباطرة بلاد فارس وزوجته الشاهبانو (فرح ديبا 1938)التي كانت تلبس ارقي تيجان العالم المرصعة بأغلى المجوهرات .. . وصل بهم الحال يبحثون عن مكان ليستقروا به، لقد ضاقت بهم الأرض بما رحبت..) تلك الأيام نداولها بين الناس). (وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

 

شاكر عبد موسى / كاتب وأعلامي

 

 

في المثقف اليوم