أقلام حرة

ملتقى العقول يفتت الصخور

ابتهال العربيهنالك حقيقة مهمة في عالمنا وهي العلم ضوء ينير الطريق وسلاح فتاك يهدم صخور الجهل.. ولايمكن لأحد أن يغيب عن ذهنه أو يتجاهل دور العلم والتعليم في بناء المجتمعات وتطويرها فكرياً وثقافياً، فالتعليم الحقيقي يُنهض المجتمعات ويجعلها في المقدمة لكي تنطلق بمسيرتها الحضارية.. وبداية التقدم الحقيقي لأي مجتمع تنطلق من التعليم الجيد والرصين الذي يُمَّكن من مواجهة ثورة التحديات والعقبات للإلتحاق بركب التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في الوقت الآني، فالثورة التكنولوجية جعلت العالم قرية صغيرة مثل ما قال العالم الكندي ماكلوهان: العالم قرية صغيرة.

يبدو أن حياتنا الواقعية اليوم تتحقق وفق النبوءات العلمية التي جاءت في فلسفة أو تطلعات البعض، الذين توقعوا حدوث الإنفجار العلمي والنقلة الحياتية من طبيعية إلى إلكترونية ومن واقعية إلى إفتراضية، بجميع تأثيراتها على سكان الكرة الأرضية، إن القرن الحالي يعد قرن العولمة.. . فقد فرض على الأفراد نمطاً خاصاً جديداً لم يسبق لهم التعايش معه من قبل.. وقد أثَّر ذلك على ماهية الحياة بصورة عامة وخاصة على المجتمعات بإختلاف الثقافات والرؤى، لذا فإن ذلك يستدعي ضرورة تدخل دور التربية مع حجم التأثير والتحديات التي وضعتها العولمة، لاسيما أنها المؤثر الأساسي في البناء وثم التغيير وتسيير المجتمع، كونها النظام الأكثر فاعلية في إجراء التحولات المتنوعة.. ويعد التعليم القاعدة الأساس في تحقيق التنمية والتقدم إذا كانت في مسار صحيح ذو لبنة صالحة وعاجية يستند عليها المجتمع وليست صخرية تتفتت فيتفتت معها المجتمع.. .وضمن المُلتقيات المعتاد عليها عُقد المُلتقى العلمي لممارسة حق العلم وواجب التعليم وضرورة الحوار الناجح، في عرض طبيعة التحديات الناشئة في مجال التربية والتعليم بعد غرس جذور العولمة في نبتة حياتنا ودور المؤسسات التربوية في الحفاظ على الهوية الثقافية ومنظومة العادات المستقيمة.. وأخيراً نظرة مستقبلية إزاء العلاقة بين التربية والتعليم والعولمة.. وبناءاً على هذه الرؤى وبرعاية رئيس المجَّمع العلمي العراقي ومجلس أمناء بيت الحكمة، أُقيم المُلتقى العلمي السنوي الأول تحت عنوان (التربية والتعليم وتحديات العولمة) بإشراف لجنتين علمية وتحضيرية تتألف من رؤساء وأعضاء متخصصين لقسم الدراسات الإجتماعية بالعاصمة،تضمن المُلتقى مجموعة محاور مهمة أولها إصلاح المؤسسة التربوية في ظل العولمة والتحديات، آليات تطوير المناهج وإنعكاساتها على طرائق التدريس وأساليبه، إشعال ضوء التنمية والتعليم في ظل العولمة، إحتياجات المجتمع التعليمية وتحديات المستقبل في ظل تحديات العولمة، إعداد المعلم ومواجهة تحديات المستقبل.. وآخرها بناء ثقافة المجتمع وأسس التحول الرقمي للتعليم، اللجنة المشرفة على ذلك النشاط الحيوي بادرت بمجموعة أهداف وضعتها ضمن السياق، حيث رعى المُلتقى مجموعة قضايا تخص العولمة التربوية وبيان أفضل السبل الممكنة للخروج بفائدة منها مع محاولة ربط التربية والتعليم بالأهداف التنموية و النظر إلى أبرز التحديات التي تقف بطريق المؤسسة التربوية بالقرب من العولمة.

توقعات فنظريات و تساؤلات ثم حلول للمشكلات وهذه أهداف المُلتقيات.. والعولمة كتلة من التحديات أمام نخبة تجيد التساؤل وتجد الحلول وتستطيع الوصول لكن التنفيذ هو الأصعب فالتحدي الحقيقي لاينكسر إلا بخطة تربوية تعليمية بنظرية عاجية لا صخرية وإذا كانت نار الجهل تحرق بأصحابها فالعلم ناره تضيء لأصحابها.. .تلهب ولاتهفت في موقد الحياة.

***

ابتهال العربي

 

في المثقف اليوم