أقلام حرة

صادق السامرائي: الشاعر والشارع!!

الفرق بين الكلمتين تقديم وتأخير حرف العين على الراء، وفيهما يظهر جمال العربية ودلالاتها الرمزية الأخاذة.

فهل توجد علاقة بين الشاعر والشارع؟

الشعر لسان حال الإنسان العربي في أرجاء دول الأمة، ومنذ البدء إتخذت مجتمعاتها من الشعر منطوقا سلوكيا وأخلاقيا، وبوصلة مسير في دروب الحياة.

فالشعر العربي فيه القيم والقوانين السلوكية والأخلاقية التي تربت عليها الأجيال، فهو الذي يعيش بين الناس ويتحركون على ضوئه، وأوجدوا دولهم وإمبراطورياتهم مستنيرين بمشاعله الفكرية والمعرفية، ومعظم قادة الأمة في عصورها الحضارية كانوا من المولعين بالشعر، والحافظين له، والمقربين للشعراء الذين تحولوا إلى ناطقين بإسم الخليفة أو السلطان، وكانوا يمثلون الصوت الإعلامي للدولة.

فالشعر يتفاعل مع المجتمع، والعربي يميل إلى وعي الشعر وحفظه، وأي شعر لا يصل إلى الناس ويتمثلونه لا يستحق تسمية الشعر، فالناس هم المقياس الحقيقي لكون المكتوب أو المنطوق شعرا أم محض كلام لا منفعة منه ولا جدوى ترتجى.

فالتكريم الأكبر للشاعر أن يكون صوته مترددا في الشارع العربي، ومن لا تسير قصائده وكلماته في شوارع الأمة لا يستحق تسمية شاعر.

إن الكثير مما يُنشر على أنه شعر، لا يُقرأ ولا تحفظ الناس شيئا مما يطلق عليه بالشعر الحديث، بل حتى النخب التي تهلل له لا تتمتع به ولا تبحث عن دواوينه، لأنها في لا وعيها لا تجد فيه منفعة وقيمة معرفية تستحق القراءة والإهتمام، لكنها تناقض نفسها وتهلل لما تريد إقحامه في عوالم الشعر، بحجة التجديد، وكأن الشعر العربي لم يتجدد على مر العصور، وما أكثر الشعراء المجددون في مسيرته، الذين إستوعبوا تراث الأمة وما أنكروا قيمتها الثقافية ورموزها المبدعين في روائع الكلمة والأدب السامي الرفيع، بينما المدّعون بالتجديد يعانون من أمية تراثية مروّعة، ويتوهمون بأن  ما يأتون به من كلام هو الشعر الذي عليه أن يعيش، وما عاش منه شيئ وأكثره يموت قبل موت أصحابه.

فهل سنتمكن من ضخ الشارع بالشعر؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم