أقلام حرة

فاضل جاروش: تغرب في عين حمئة‎

كثيراً ماتجد الملحد قليل المعرفة بقواعد اللغة التي يتكلم بها وجهله بدلالات هذه اللغة، يلقي بجهله بوجه المسلمين على شكل مطاعن على الدين احيانا وعلى الخالق احيانا أخرى ظنا منه أنه قد أصاب هدفا أو احرز نصرا.. والحقيقة أن ذلك ينجح احيانا عندما يكون القارئ أو المتلقي المسلم ايضا لا يعرف من اللغة إلا حرفيتها التي يتكلم بها.. ومن تلك الحراب التي يرفعها الملحد الجاهل هي هذه الآية المباركة

بسم الله الرحمن الرحيم

حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾.. « الكهف 86 »

سيقول لك الطاعن بأن العلم قد أثبت أن الشمس لا تغرب في عين حمئة ولا في اي مكان اخر وانما هي تسبح في الفضاء ولها كواكب تدور حولها!! وهذا دليل على احتمالين هما:

الأول: أن يكون الخالق لايدري شيئا عن ماخلق إذا قلنا إن هناك خالق اصلا..

الثاني: هو انه لا يوجد خالق ولا كتاب منزل وانما هو محمد قد كتب القران وهو بدوي لايعلم شيئا عن الشمس وعن مايجري في الكون!! وهذا هو الاحتمال الذي يدعمه الملحد، طبعا عندما يقرأ المسلم بسيط المعرفة سيجد أن هذا الكلام منطقي ومعقول ولا مفر من الإقرار به ثم سيجد نفسه مُستضعفا امام هذاالمنطق المحكم بحسب فهمه طبعا ولكن الحقيقة أن هذا المنطق هو منطق الجهلاء وليس منطق العقلاء. قلت ذلك ردا على أحد الملحدين فقال لي تفضل يافهيم رقع لربك ولنبيك.. فقلت له تفضل قل لي أين قال الله تعالى أن الشمس تغرب في عين حمئة!؟ فرد مستغربا وقال الم تقرأ الآية التي تتحدث عن ذي القرنين فقلت له واين قال الله في قصة ذي القرنين أن الشمس تغرب في عين حمئة!؟ فعرض الآية المباركة التي قدمتها في صدر المقال والتي في الواقع لاتتحدث عن الشمس ولا عن أين تغرب وانما تتحدث عن ذي القرنين وكيف أنه هو وجدها تغرب في عين حمئة، بمعنى أن الإنسان بما يمتلكه من مدركات واقعية لن يستطيع أن يدرك منها إلا بمقدار ماتراه العين فهو قد وصفها كما رآها ولم يصف حقيقتها كما هي والتي اتضحت للناس لاحقا بعد أن أستخدم الإنسان أدوات أخرى غير ماهو متوفر عنده وهي أدوات مضافة أو ماتسمى بأدوات العلم الحديث الذي بين مستوى آخر من معرفة حركة الشمس والنجوم والكواكب

لاحظ أن ذلك موجود بنفس المعنى في آية أخرى من كتاب الله تعالى وذلك قوله سبحانه:

سم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾.. « الملك / 5»

فهل أن النجوم هي مصابيح فلورسنت مثلا!!؟ ام الناس كانوا لايدركون منها إلا نقاط مضيئة في السماء كأنها مصابيح؟ لذلك كان الناس يستخدموها في تحديد الاتجاهات.. أن كثير مما يُطرح في ساحة الصراع لايخرج عن هذا المستوى من عدم فهم المطلوب من كثير من آيات الكتاب الحكيم.

***

فاضل الجاروش

 

في المثقف اليوم