أقلام حرة

حميد طولست: فانتازيا "توافيت"!

تعتبر جماهير كرة القدم عنصراً فاعلاً في دعم مؤشر الأداء ورفع المستوى المأمول من المواجهات في مختلف اللقاءات الرياضية، وعلى رأسها الكروية، وذلك من خلال تنشيطها لوتيرة الحماس والإثارة والتشويق والإمتاع التي تُضفيها القواعد الجماهيرية الكبيرة على التنافسيات الرياضية، كما هو حال مع الجمهور الفاسجديدي الذي ينشد الفوز لفريقه الوداد الرياضي الفاسي، والذي لم يتخلّ قط عنه، أو ييأس منه، حتى في أحلك الأوضاع،وبقي خلفه يقاوِم - كركنٍ رئيسيٍ ومُكملٍ للمنظومة الكروية - في كل اتجاه، تيارات التراجع والهوان التي أصابته في فترة الشدة وظروف العسر، وزمن قساوة الكفاح، التي لم يتركه فيها وحيداً يصارع من أجل إعادة النهوض واستعادة البريق والانتشاء بالقدر الأكبر من الحضور وفرض التواجد على منصات التتويج، وغيرها من الآمال التي قدمت من أجلها الجماهير "الوافوية" أجمل صور الوفاء وأكبر التضحيات التي توازي ما تحمله قلوب عشاقه من الحب والتقدير، الذي ظهر جليا في الاحتفال الحماسي المنقطعة النظير الذي خصصته الفاسجديديون للإنجاز الثمين والمشرف الذي افتتح به فريقهم الموسم برسم الدورة الأولى من منافسات البطولة الاحترافية القسم الثاني على حساب نادي أولمبيك اخريبكة بهدفين مقابل هدف واحد ؛ الانجاز الذي تمنت فئات عدة -من المقتنعين والمنسجمين مع والوقع الذي لا يمكن أن يخرج من محيطه - أن يتواصل بالفوز - ضمن الجولة الثانية من منافسات البطولة الاحترافية في قسمها الثاني – الذي يرزح تحت ضغط منطق كون سقف التوقعات دائماً ما يتجاوز حدود الأمنيات، وأن الآمال والرغبات المتعطشة لتحقيق الإنجازات والانتصارات، لا تحدث إلا بالإرادة القوية الطامحة في تجاوز الكبوات والقطع مع البدايات المتعثرة المتكررة التأزم الذي عاش "الواف" دوامة مراراته المتعاقبة خلال جولات المواسم السابقة، وما خلقته من جدلٍ كبيرٍ أثر على انتصاره الأخير والمهم، الذي لوحظ في أعقابه، أنه بقدر ما أفرح محبيه وأسعدهم، بقدر ما دفع بغالبيتهم للالتفاف حول مشاكله، ودفع بهم لرفع عصا الملامة على المسؤولين المعنيين بتسيير ناديهم العريق، واستفهامهم عن أسباب تقاعسهم عن استغلال مقومات النجاح الحاضرة، وتهاونهم في وضع قوائم الأولويات والاختيارات المناسبة وتوفير المتطلبات والمعطيات اللازمة وتسخيرها بالشكل الذي يؤدي إلى النهايات المحمودة والهادفة لتعديل صورة الفريق وتحسينها، ومطالبتهم بالاستغلال والتوظيف الأمثل للممكنات والقدرات المتاحة، التي يستطيع الفريق أن يقارع بها  منافسيه خلال مشوار هذا الموسم والمواسم القادمة .

وإني هنا لا أشيد بالجمهور "الوافوي" باعتباري فاسجديدي تغمره فانتازيا "توافوييت"-إن صح التعبير- لكنه التأثر بالواقع كما وضح لي، هو الذي أثار عندي الاستغراب والإعجاب الكبيرين بعظمة وفاء هذا الجمهور المتميز، وكيف لم تسليه لحظات الفرحة بالفوز ...عن واجب القيام بواجب الاهتمام بقضايا التسيير التي ما زالت تدور في مسارات متعرجة لا تقود إلى النهايات السليمة التي ينشدها الحالمون والمتطلعون للمستويات عالية في الأداء والنتائج، و تنبيههم لبعض القرارات والسياسات التي كانت وراء معاناة السنوات القاحلة و لم تتغير، رغم أنه لم تُجن منها ثمرة واحدة.

هنيئا للوداد الفاسي بالانتصار وبجمهوره .

هوامش: "توافيت" نسبة إلى مجمل أشكال السلوكات والممارسات الإيجابية، المبنية على القيم الأخلاقية، والقناعات الفكرية، والمواطنة الإيجابية والهوية المواطِنة، والمواقف السياسية، التي تميز محبي "للواف" التي هي تصغير للوداد الرياضي الفاسي، أحد أهم وأقدم فريق كروي لمدينة فاس بالمغرب

***

حميد طولست

في المثقف اليوم