أقلام حرة

محمد محضار: ارتدادات وجدانية على هامش الزلزال

تحركت الأرض وتعطلت لغة الكلام، الجدران تهتز والأثاث لم يعد جامدا يعتريه السكون، وقبل أن نَطرح السؤال أدركتِ الحواس والجوارح بحافز الغريزة، إنه الزلزال وغضب الطبيعة الذي يأتي دون سابق إنذار، أسرعنا نرتدي أي شيء ثم هرولنا مع المهرولين، مغادرين الشقق لا نحمل معنا إلا خَوفِنا والرّهبة التي تسكن قلوبنا، كل من كنا نصادفهم نازلين عبر سلاليم العمارة كانوا ذاهلين تَجتَاحهم تلك الرغبة الغَريزية في الافلات والهروب من مخالب المجهول، الوجوه كانت كالحة لأنّ الحدث جلل.

قال قائل: " قَضَى خَلقٌ كثير، وجُرح نَفرٌ لَيسَ باليَسِير في المناطق المُجَاورة "

وقال أخر " الله يعاقبنا على ما اقترفت أيدينا من ذنوب وآثام بخسف الأرض تحت أقدامنا"

قاطعه قائل القول السالف:" اِلعن الشيطان فما حدث ظاهرة فزيائية تنتج عن حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية، والتجارة بالدين عيب"

امتلأ ت الشوارع والساحات بِمنْ غيّرتْ بضع ثواني مسار حياتهم وجعلتهم ضيوفا على الإسفلت، في مساواة عادلة بين الفقير المعدم والغنِيّ المتخم، تكوّم الأطفال حَوْلَ أُمهاتهن وَجِلِينَ، و جَلس كبَارُ السِنّ غارقين في لجَّة التساؤل الرهيب يتبادلون أطراف الحديث ويسردون بعضا من تجاربهم القديمة مع غضب الطبيعة وجورها، كان الجميع مُؤمناً ومقتنعا بأن الضعف سمة بشرية وأن ذلك الزهو والنرجسية الذي يَغلب على طباع بعض الناس مجرد وَهْمٍ زائل، وأنّ الانسان مجرد تركيبة من الغرائز المتضاربة والهرمونات المتفاعلة.

كان الوقت يمضي ثقيلا والناس يتبادلون مع ذويهم أخبار الكارثة ولا يملكون لبعضهم إلا الأسف وكلمات المواساة، وهم متمسكون بالأمل.

*** 

بقلم محمد محضار

في المثقف اليوم