تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: الفردية عاهتنا!!

العقول العربية لا تتفاعل بل تتفرد وتتعاضل، وهذا واضح في نشاطات المفكرين والفلاسفة، فلكل منهم مشروعه ورؤيته، ويرى أن ما يقوم به عين الصواب، وغيره لا قيمة لعمله، مما يعني أن الديماغوجية مترسخة في وعينا، ومهما إدّعينا، فالواحد منا يرى إمتلاكه الحقيقة المطلقة، وغيره على خطأ فظيع، فلا يتأمل رؤيته ولا يتفاعل معه.

ولهذا فشل المفكرون والفلاسفة بالتأثير في الواقع، ولا يقرأ ما يسطرونه غير بعض النخب.

الأمة فيها عقول حضارية واعية موسوعية، غير قادرة على تحويل ما تراه إلى سلوك فاعل في المجتمع للصراع السلبي بينها.

القرن العشرون مزدحم بالعقول المتنوّرة، وتأثيرها غير ملموس، فكل يغني على ليلاه، التي تزداد مرضا وتتراكم عليها الأوجاع، ويبدو واضحا من المنشور في الصحف والمواقع والتفاعلات.

فالصدق والأمانة والحرية الخالصة لا وجود لها، ولا أثر في التعامل بين المثقفين.

وهذا يختلف عما يدور في مجتمعات الدنيا، التي تقيّم الفكرة وتسعى بجد وإجتهاد لترسيخها أو تفنيدها، وتحويلها إلى قرار وسلوك أو إلغائها، ولا توجد عندنا تفاعلات فكرية نزيهة ذات قيمة قادرة على بناء الرؤية اللازمة للتواصل مع التحديات.

جميعنا ينتقد السلوك الفردي ويدين الكراسي المستبدة، ونحن أشد فردية وإستبداد في التعامل مع بعضنا.

قد يُزعج الطرح، لكنه نقد ذاتي مطلوب للخروج من شرنقة التفرد والإستبداد.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه على الأجيال، لماذا وجود المئات من المفكرين والفلاسفة والمثقفين في ربوع الأمة، وبقيت راكدة متعفنة في مستنقعات التبعية والخنوع.

ربما سيقول قائل أنها أنظمة الحكم، وقهر القوى المهيمنة، لكن السبب الأساسي، يكمن في الميل للفردية والفوقية والنرجسية الفائقة.

فهل لنا التفاعل بنكران ذات من أجل أمة تبحث عن جوهر ذاتها؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم