أقلام حرة

صادق السامرائي: الناس وقادتها!!

"الناس على دين ملوكها"، المقصود بالدين، النهج أو المنهج الذي يسير عليه الحكام، فأخلاقهم تنعكس على سلوك المجتمع، فيتفاعل الناس فيه وفقا للمنهج، الذي إختطه الحاكم لنفسه وحاشيته وحزبه، أو غيرها من المتصلات به وبما فيه وعليه.

وهذا مثل عربي معروف منذ قرون، وتتداوله الأجيال على مر العصور.

فالحاكم العادل يحقق أمنا وسلاما وعدلا ورفاهية، والحاكم الظالم يتسبب في المساوئ والتداعيات والمظالم والآلام والمقاساة، والحاكم الجاهل ينشر الجهل والفساد والعكس صحيح.

والتفاعلات على طرفي المعادلة متوازنة ودقيقة، فلا يمكن تبرئة أي مسؤول أو حاكم، مما يحصل في بلاده أو دائرته، أو رقعته الجغرافية التي يتولى المسؤولية فيها.

فأنى يكون الحاكم أو المسؤول يكون الشعب !!

فالعيوب في الكراسي وليست في الشعوب!!

والكثيرون من الجالسين على الكراسي في البلدان المتأخرة، من الذين يتمتعون بجهل فاضح، وثقافة قليلة، ومهارات ضعيفة، وتتحكم فيهم أحوالهم الإنفعالية، وتصوراتهم المبدئية والعقائدية المتحجرة الضيقة، العاجزة عن صناعة ما يمت للحياة بصلة.

وتتمكن منهم النفس الأمارة بالسوء، وتستلب إرادتهم بطانتهم، والحاشية النزقة المنفلتة الرغبات، والساعية إلى الإكتناز وجمع الذهب والفضة، لأنها تعرف بأن الحال لا يدوم، وسيمضي إلى مآل، لا بد لها أن تستعد له بالأموال.

فالشعوب بحاجة إلى قادة أطهار أنقياء أصفياء، يؤمنون بالشعب والوطن، وبالحياة الحرة الكريمة.

فليس من الصائب إتهام الشعوب فقط، لأنها تريد أن تبقى، وتتصرف وفقا لإرادة البقاء، التي قد تخرجها عن خلقها ومبادئها ودينها في أكثر الأحيان.

لكن الأصوب أن نشير إلى الكراسي، التي تمتلك قدرات تخريب الشعوب، وتدمير الوجود الوطني والإنساني، خصوصا عندما تنغمس في مشاريعها الشخصية والحزبية والفئوية، وتمعن في الفساد، وتتمسك بالمناصب والكراسي، وتنكر وجود الشعب وتلبية حاجاته.

فالكراسي السيئة تصنع نظاما سيئا، يسوّغ مساوءها، والكراسي الخيّرة، تصنع ما يعزز خيرها ويعين أخيارها على العطاء الصحيح.

وفي التأريخ دروس وعِبَر، وفي الزمن المعاصر مئات الصور، فأي شعب بحاجة لقادة، ولم يكن الصينيون بأفضل حال منا، كذلك الكوريون، لكنهم إمتلكوا قادة وطنيين مؤمنين بالوطن والشعب، ولهذا كانوا، وتقهقرنا وتراكمت أسباب الإذلال والهوان في ربوعنا!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم