أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (25): تاريخ من الاغتيالات

لقد اغتالت دولة الاحتلال منذ الحرب العالمية الثانية أشخاصا أكثر من أي دولة أخرى في العالم الغربي، والسبب أن قادتها وجدوا أن اغتيال أهدافا محددة طريقة مجدية للحفاظ على أمنها القومي. حيث تتم سرية الاغتيال بطريقة الاختيار ظنا منهم بأنهم عندما يتخلصون من الهدف الذي تم اختياره سيحلون المشاكل الصعبة التي تواجه الدولة.

ويجدر الذكر بأن اعتماد هذه الدولة على الاغتيالات كأداة عسكرية نابعا من الجذور الثورية الناشطة للحركة الصهيونية على حد قول الصحفي اليهودي (رونين بيرغمان) وغيرها من الأسباب التي تدعيها مثل (الهولوكوست) والخوف من التعرض للإبادة مجددا.

إذن فالنتيجة أن تاريخ الاغتيالات لهذه الدولة الإرهابية ليس بالأمر الجديد. فقد انتهجت هذا النهج من قبل قيامها ١٩٤٨، حيث كانت تنفذها العصابات اليهودية مثل (إرغون وشتيرن والهاجاناه) ،لكن بعد ٤٨ تولت هذه الاغتيالات (الموساد) وأذرع الاستخبارات اليهودية.

فمن تصفية الشرطي عارف العرسان عام ١٩١٥ على على يد (حراس هاشومير) التي تطورت فيما بعد إلى عصابة الهاجاناه. إلى ( دي هان) الحريدي المناهض الصهيونية والذي اغتالته الهاجاناه عام ١٩٢٤. إلى الضابط البريطاني( توم ويلكين) قائد الوحدة اليهودية في إدارة التحقيقات الجنائية في الانتداب البريطاني الذي اغتيل على يد عصابة شتيرن المتطرفة عام ١٩٤٤. وتطول قائمة الاغتيالات التي نفذتها دولة الاحتلال بهدف حفظ الأمن القومي كما قلنا وصولا إلى المهندس (يحيى عياش) الذي أعيا دولة الاحتلال ،فخلال عامي ١٩٩٤ و ١٩٩٥ كان مسؤولا عن تسع هجمات انتحارية قتل فيه وجرح العشرات من اليهود،عندها وقع اسحاق رابين (الصفحه الحمراء) ضد عياش. وقد تم اغتياله في ٥/كانون الثاني من العام ١٩٩٦.

والسؤال هل نجحت دولة الاحتلال بالقضاء على العمليات الفدائية باغتيال العياش؟ حتما لا. فقد كان عياش قد درب مجموعة من نشطاء حماس على فن صناعة العبوات الناسفة وكان من ضمن هؤلاء (محمد دياب المصري) المعروف (بمحمد الضيف) وغيره من النشطاء وبذلك ولد بدل الواحد مائة.

وبعدها اغتالت عددا من قيادات حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وصولا إلى الشيخ (أحمد ياسين) الزعيم الروحي لحركة حماس وهو خارج من المسجد مساء ٢١/ مارس ٢٠٠٤. ثم اغتيال الرئيس ياسر عرفات ،رحمهم الله جميعا وشهداء فلسطين عامة.

واليوم الثاني من يناير ٢٠٢٤ وبعد أن فشلت دولة الاحتلال في حربها على غزة ودخلت مأزقا لم تستطع الخروج منه وعجزها عن تدمير حماس كما وعد (بنيامين نتنياهو) في بداية الحرب وكما هي عادتها عندما تجد نفسها عاجزة تحتمي باغتيال القادة لظنها انه الحل الأنجع.

حيث اقدمت طائرة مسيرة تابعة لها على استهداف مبنى في الضاحية الجنوبية في بيروت حيث كان الشيخ العاروري نائب رئيس مكتب حماس يتواجد مع عدد من أعضاء الحركة ما أدى إلى استشهادهم. وبذلك يكونوا قد انضموا إلى قوافل الشهداء الذين سبقوهم...

فهل ستخرج دولة الاحتلال من مأزقها أم أن ألف صالح سيخرج لها من حيث لا تعلم؟.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم