أقلام حرة

صادق السامرائي: أفكارنا ميتة!!

الأفكار الميتة تحقق وجودا ميتا، تلك حقيقة حضارية وحكمة تأريخية، فلكي تكون المجتمعات حية عليها أن تستحضر أفكارا ذات حياة.

فالأفكار الميتة تمتلك طاقات سلبية هائلة ومتنامية، تسعى لتوفير الأسباب اللازمة لصناعة الموت وما ينجم عنه من تداعيات وتفاعلات ذات إتجاهات قتّالة.

والمجتمعات المتأخرة تزخر بالأفكار الميتة، مما يؤدي إلى إشاعة الكآبة واليأس والبؤس وفقدان الثقة بالذات والموضوع، ويمنع عنها قدرات العطاء والنماء ويعتقلها في حفر التلاحي والخسران.

الأفكار الميتة هي التي عفى عليها الزمن وأصبحت في عداد "ما فات مات"، فكل فكرة قادمة من نبش تراب الأزمان ورفاة الأموات لا قيمة لها في حاضر الحياة.

وما يحصل في بعض الحالات أن القوى الظلامية المدّعية بدين، تتمترس في بقع زمنية مندثرة، وتوهم نفسها وأتباعها بالعيش فيها، وتسعى لمناهضة الحياة والتنكر لمقتضيات العصر، والإيمان المطلق بأن الحياة المثلى بالإندساس في التراب.

والسائد يقود، وأي مجتمع تسود فيه أفكار ظلامية معسّلة بالدجل والبهتان، تتولد فيه طاقات إندحارية، وتطلعات إندثارية تدفع به إلى سوء المصير.

فالحياة المعاصرة ذات أفكار متجددة، وسيل الوجود المتدفق لا يمتلك القدرة للإلتفات إلى الوراء، بل أمواجه المتألقة تنظر نحو المستقبل البعيد وتسابق الزمن، وتختصر القرون في بضعة أيام أو ساعات.

وفي ذروة إحتدام السباق الإبتكاري الإبداعي تجدنا في محنة التوحل بمعطيات غابرة، وتفاعلات خائبة لا تجدي نفعا، وتستنزف طاقات الأمة وتحيلها إلى عصف مأكول.

وهكذا صار العربي يفترس العربي، والمسلم عدو المسلم، والوطن بلا قيمة ولا معنى، والمواطنة سراب، والتفاعل الغابي دستور منيف، والفساد شريعة مؤدينة مقدسة، والظلم من طقوس التعبد في محراب أباليس الفتك بوجود الأمة، وسحق الإنسان الذي خلقه ربه بأحسن تقويم.

فمَن الفائز والكل في قاع الجحيم، ويرفعون رايات دين رحيم، وواحدهم أبشع شيطان رجيم؟!!

و"على قدر أهل العزم تأتي العزائم...."

و" إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه...وصدّق ما يعتاده من توهم"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم