أقلام حرة

صادق السامرائي: عجينة البشر!!

المجتمعات البشرية عجينة يمكنك أن تصنع منها ما تشاء، ولديها القدرة على التحرك وفقا لما فيها من طاقات النفوس المحقونة في أعماقها، فحالما تؤهلها لغاية ما فستندفع نحوها بتعجيل عجيب.

أي أن البشر مرهون بنفسه وما يعتلج فيها من العواطف والإنفعالات، القادرة على تعطيل العقل وإلغاء وجوده ودوره في صناعة القرار، إنها النفس وما أدراك ما هي "ونفس وما سواها، ألهمها فجورها وتقواها".

وكلما ساد التجهيل وسيطرت الإدّعاءات المؤدينة تموّتت العقول، وإندلقت أمّارات النفوس بما فيها من التوجهات العدوانية القاضية بالمحق، ورعاية الكراهية وتأمين مرابع الشرور.

فالحديث عن قوة المجتمعات وقدرتها على صناعة الحياة التي تريدها، أشبه بالهراء، لأن الإرادة المجتمعية مقبوض عليها من قبل المُسخَرين لخدمة مصالح أعداء البلاد والعباد.

والقول بأن الشعوب هي المسؤولة عن هذه الحالة أو تلك، تخريف وثريد حول صحون المآسي والويلات، فالشعوب عجينة يمكن للكراسي المتسلطة في البلاد أن تصنع منها ما تريده وترضاه، فالنسبة العظمى منها ستميل حيثما الريح تميل، ولا توجد شعوب تجتمع على رأي واحد، وأبواق الأدينة تعصف في رؤوسها على هواها، وتطلعاتها الإستعبادية التفريقية للناس.

فالمجتمع عبارة عن كينونات مُستعبَدة بأفراد وكل منهم يعزف ألحان ليلاه، ويرقص على إيقاعات ما يملأ جيوبه ويرضي أطماعه.

فلا تقل كم عدد الناس، بل كم عدد الذين بهم يرتهنون، فالمجتمعات تتحول بملاينها إلى بضعة أفراد، مسيَّرة بإرادة أسيادها التي تساند وجودها لحين إنتفاء الحاجة إليها.

فعن أي شعوب ومجتمعات يتحدث المتحدثون؟!!

و" الناس في زمن الإقبال كالشجرة...وحولها الناس ما دامت مثمرة"!!

"والناس صنفان: موتى في حياتهم ...وآخرون ببطن الأرض أحياء"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم