أقلام حرة

علي حسين: فساد ترفيهي!!

سمعت في الأسابيع الأخيرة حكاياتٍ عن الفساد، ولفت نظري أنّ أصحابها دائماً ما ينهون حديثهم بجملة :" سنحارب الفساد " إلّا أنّ قصة طريفة عن الفساد استوقفتني حذرنا فيها أحد الشيوخ من " الفساد الترفيهي " الذي يرى فيه الشيخ خراباً للأمة.

فأن تفرح وتقيم حفلة تخرج للطلبة أو يتجمع الناس لسماع مطرب، فهذا قمة الفساد، أما سرقة عشرات المليارات من أموال الدولة، وانتشار المخدرات، وتفشي الجريمة المنظمة، والرشوة وبيع المناصب فهذه أمور بسيطة في نظر الشيخ، مادام المجتمع يرفض " الفساد الترفيهي ". لستُ في وارد مناقشة السيد رئيس هيئة النزاهة حول عمليات السطو والنهب التي تعرّض لها العراقيون خلال الأعوام الماضية وكان فيها الشيخ يرفع شعار " لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم ".

مؤشر طيّب أن يصبح الفساد الترفيهي، محلّ قلق للبعض، لكن هناك بيننا من يشرّع الفساد ويسمّيه ” الشطارة ” ويحوّل مؤسسات الدولة إلى ملكية خاصة يتقاسّمها بين أهله وعشيرته.

يعرف السيد الخطيب، أنّ العراق بحسب منظمة الشفافية العالمية يقع في المراكز الأولى في مؤشر الفساد المالي والإداري، ومثل هذا الفساد معروف من يقف وراءه ولا يحتاج إلى عبارات مطاطية مثل " فساد ترفيهي " وتخويف العراقيين من إقامة حفلات أو حضور مهرجانات فنية.

كان المرحوم لي كوان مؤسس سنغافورة الحديثة يقول إنّ " تنظيف الفساد مثل تنظيف السلالم، يبدأ من الأعلى نزولاً للأسفل ". ولذلك تمكن أن يبني دولة متعددة الطوائف، لا تملك موارد طبيعية، لكنها تملك ضمائر مسؤولين أنقياء ومحبّين لوطنهم، لتتحوّل معه الجزيرة الفقيرة إلى واحدة من أغنى مدن العالم.

أخطر ما في الفساد أن ينتج لنا أشخاصاً أطلق عليهم عمنا علي الوردي ذات يوم اسماً طريفاً هو " النهّاب الوهّاب "، وهو نموذج للشخصية الفاسدة التي تستغل نفوذها الوظيفي او الحزبي لنهب الأخضر واليابس، ثم تقوم هذه الشخصية بتوزيع فتات من الهبات على الفقراء من المواطنين من أجل أن يعيدوها إلى كرسي البرلمان.

20 عاماً ونحن نعيش لحظة في مجتمع مغلق، و خطباء يخافون من حفلات تخرج الطلبة، وأحزاب تغذّي نفسها من أموال السحت الحرام، فيما المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمِّن له حياته وحاجياته وينشر الأمل والتسامح.

20عاماً من العمر مضت يامولانا الشيخ، والعمر به كم 20 عاماً حتى تريد منّا أن نعيش في هم وغم، بعد أن عشنا متفرجين على مهرجان النهب الوطني.

***

علي حسين

في المثقف اليوم