أقلام حرة

صادق السامرائي: الديمقراطية والعلوم النفسية!!

الديمقراطية بمعنى حكم الشعب بواسطة نوابه الذين يفوّضهم لذلك بالإنتخاب، ما عادت كما كانت في القرن العشرين، ذلك أن المعارف والعلوم بأنواعها قد تطوّرت وبلغت ذروتها، ومنها العلوم النفسية التي تعني معرفة النفس وآليات السلوك البشري، وبموجبها يتم ترويضه وبرمجته وفقا للمصالح والغايات.

أي أن البشر ما عاد يمتلك ما نسميه بحرية الرأي والإختيار، وإنما يمكن إعداده لتنفيذ ما يُراد منه دون شعوره وتوهمه بأنه يتخذ قراره بنفسه، ويقرر مصيره كما يرى ويعتقد، والحقيقة أنه مسيّر لا مخير، ومقبوض على وعيه الفردي والجمعي.

وبموجب مفاهيم وقوانين ونظريات وآليات، صارت المجتمعات كالعجينة التي تستطيع أن تصنع منها ما تشاء وتشتهي، فما عادت إرادة الشعوب حرّة، وفقدت دورها وقيمتها، لأنها من الممكن إختصارها ببضعة أفراد تمتثل لهم وتتبع وتقبع في أحضانهم، وفي مجتمعاتنا لعبت العمائم دورها والعشائر والنخب وغيرها الكثير من رموز مختصرات الشعوب ومصادرة حقوقها وتحويلها إلى أرقام.

فالديمقراطيات في أكثر الشعوب تقدما صارت تديرها وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي وفقا لمنطلقات تخدم المرشح المطلوب، وفي المجتمعات المنكوبة، يسيرالبشر وراء هذا وذاك من مُستعبديه ومبرمجيه وفقا لمنطوق السمع الطاعة المبهرج بالدين.

وهذه الحالة تفسر تصدير الديمقراطيات المنتهية الصلاحيات لمجتمعاتنا،  لكي تتحول إلى أدوات لإفنائها وتمزيق وحدتها وقدرتها على الحياة الحرة الكريمة.

فهل توجد إنتخابات نزيهة ذات مصداقية عالية؟

هل توجد دوافع وطنية حقيقية؟

مجتمعات الديمقراطيات المدنسة بالأدينة، تحققَ فيها إلغاء الوطن والمواطنة، وصار الإنتماء للطائفة والعشيرة من الأولويات والمسلمات اللازمة للبقاء، وتشرعن الفساد وطفح كيل الأنانية وإنغمس في مستنقعات الويل والوعيد، ويا روحي ما بعدك روح.

و"إذا لم تستطع شيئا فدعه....وجاوزه إلى ما تستطيع"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم