أقلام حرة

صادق السامرائي: الكراسي والمآسي!!

وفقا لآلية وأطيعوا ألوا الأمر منكم، صار من المحرمات الإقتراب من الكراسي ومساءلتها منذ فجر تأريخ أمة الإسلام، وإبتداءً بالدولة الأموية وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى.

ولا تزال العديد من دول الأمة تسير على ذات السكة المحفوفة بإرادة "السمع والطاعة"، وأنّ الجالس على الكرسي يمثل رب العالمين، ومَن يعصي أمره يخالف إرادة الرب فالحاكم يمثله وينوب عنه.

وينطلق بسلوكه وفقا لهذا المفهوم الجائر، فلا يرى ضيرا في إتخاذ أي قرار، لأنه المخوّل من رب العالمين فلا مسؤولية تقع عليه، فهو ينفذ إرادة إلهية وما يصيب الضحية قدرها، فهو القدر المسلط على الآخرين.

إنه ذات المفهوم الذي عمل به هولاكو فذبح عشرات الآلاف وأكثر في بغداد، وحسبهم من الفاسقين الخارجين عن الدين، وسلطه عليهم الرب الذي أنكروه، فهو القدر النازل على الفاسدين.

ولا تزال كراسي دول الأمة التي يتفرد بها أشخاص، يوهمون أنفسهم بأنهم أصبحوا بمناصبهم السلطوية بإرادة إلهية، وعليهم تنفيذ الأوامر الربانية، ويعود سبب الوهم والتصور إلى أنهم جاؤوا للحكم بموجب لعبة الإنقلابات، التي نقلتهم من قاع الحضيض إلى ذروة المقامات السلطوية، فيفقدون التوازن ويرتعبون، ويريدون فهم واقعهم الجديد فيحشرون الرب في الموضوع، ويتيقنون بأنهم من المصطفين الذين عليهم الوفاء لإختيارهم بتنفيذ المآثم والخطايا بحق أبناء ملتهم، فيصبح القتل عندهم من طقوس الإيمان بما ينتمون إليه من العقائد والرؤى والتصورات.

ولكل كرسي رب يحميه من ذوي الإقتدار التكنولوجي والمخالب الناشبة والأنياب المكشرة!!

و"إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة"!!

و"لا تظلمن إذا كنت مقتدرا...فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم