أقلام حرة

مزهر جبر الساعدي: تحول ايراني من الصبر الاستراتيجي الى الردع الاستراتيجي

لأول مرة منذ بدأ العداء او الصراع بين ايران والكيان الصهيوني؛ هاجمت ايران هذ الكيان؛ بالمسيرات والصواريخ، بطريقة الاغراق.. بعد ان مهدت لهذا الهجوم الارضية القانونية. وقد حرصت ان يكون الهجوم حصرا من الاراضي الايرانية. انها خطوة موفقة وذكية جدا؛ في التوقيت والاسلوب والطريقة. فقد طلبت رسميا ان يعقد مجلس الامن الدولي جلسة خاصة لمناقشة الهجوم الاسرائيلي على القنصلية الايرانية في دمشق والذي استشهد من جرائه؛ سبعة من القادة العسكريين الايرانيين. لكن مجلس الامن الدولي فشل في ادناة هذا العدوان الاسرائيلي؛ بسبب معارضة امريكا وبريطانيا. كما ان ايران قالت على لسان مسؤولوها من انها سوف تقوم بهجوم محدود، اي انها لا تريد توسعة الحرب مع الكيان الصهيوني.

تحليل مختصر:

اولا:- تحاول ايران بجهد جهيد زرع بذرة ولو صغيرة على طريق؛ فك الاشتباك الاستراتيجي بين الكيان الصهيوني وامريكا؛ في استثمار للزمن او الوقت او الظرف الانتخابي الذي تعيشه هذه الايام الولايات المتحدة الامريكية؛ بتحييد عمليا امريكا اي انها لا تشترك مع اسرائيل في مهاجمة ايران لاحقا، وبالتالي منع اسرائيل من الاقدام على مهاجمة ايران حاليا. وقد تجلى هذا في طلب بايدن من نتنياهو بعدم مهاجمة ايران كرد على الهجوم الايراني على اسرائيل.

ثانيا:- ايران قبل الهجوم كانت قد ابلغت الولايات المتحدة بالهجوم وانه سوف يكون محدودا زمنيا وجغرافيا.. وان ايران ليس في وارد سياستها؛ توسيع الصراع والحرب مع الكيان الصهيوني.

ثالثا:- ابلغت دول الجوار من انها سوف تهاجم اسرائيل، وقد كان هذا الابلاغ الايراني لدول الجوار قبل 72ساعة قبل الهجوم.

رابعا:-لم تشترك في الهجوم اي من فصائل المقاومة، فقد كان الهجوم ايرانيا صرفا..

خامسا:- ان هذا الهجوم كانت ايران قد خططت له بعناية فائقة، واحاطة وتحجيم للكل تداعياته في المنطقة التي ربما تنجم منه او عنه.

الاستنتاج:

اولا:- لأول مرة منذ ما يقارب الثلاث عقود؛ كسرت ايران او انها تجاوزت الحط الاحمر في مهاجمة اسرائيل؛ وهي اي في هذا الهجوم؛ قد اقدمت على خطوة شجاعة وجريئة جدا. وهي بهذا قد حطمت اسطورة القوة الاسرائيلية او امن اسرائيل كما فعلت اسطورة المقاومة الفلسطينية في السابع من اكتوبر.

ثانيا:-ان ايران لا تهاجم المصالح الامريكية حين تكون امريكا عمليا او انها عمليا لاتقف الى جانب اسرائيل. وهي اي ايران بهذا ترسل رسائل الى الولايات المتحدة من انها بوقوفها الباطل الى الجانب الاسرائيلي؛ كلفها  ولسوف يكلفها في المقبل من الزمن؛ الكثير من الاثمان التي هي في غنى عنها؛ ان هي وقفت على الحياد؟!..

ثالثا:- ان ايران تحرص وقد حرصت؛ على اقامة علاقات حسنة وجيدة مع دول الجوار العربي، وانها تحترم سيادتها واجوائها..

رابعا:- بهجومها هذا مع انه محدود في الزمن والجغرافية، لكنه قد ابلغ كل من امريكا واسرائيل؛ بان الاعتداء على مصالح ايران؛ سوف يكلفهما اثمان باهظة.

خامسا:- كسر هيبة امريكا بسبب دعمها غير المحدود للكيان الصهيوني، ووضعها في الزاوية؛ مما دفع الولايات المتحدة ان تنأى بنفسها عن الهجوم الاسرائيلي على القنصلية الامريكية، وتاليا ان تضغط على نتنياهو بعدم الرد على الهجوم الايراني.

سادسا:- حطم اسطورة القوة الاسرائيلية؛ لجهة ان اسرائيل لا يمكن مهاجمتها بسبب ما تمتلكه من قوة مدمرة وبالذات او حصريا في العقود الثلاث المنصرمة والى الآن.

سابعا:- قدمت ايران نفسها في هذا الهجوم؛ من انها قوة اقليمية؛ على اسرائيل وامريكا، ان تضعها في حسابها في الذي يخص السياسة في المنطقة العربية وفي جوارها.

ثامنا:- بهذا الهجوم قد ارسلت رسائل اطمئنان وثقة الى اذرعها في المنطقة العربية؛ من انها قوة يعتمد عليها في الصراع..

في الختام ان اسرائيل من المحتمل جدا؛ ان لا تريد على الهجوم الايراني وحتى اذا ردت؛ فأن ردها سوف يكون محدود جدا، ورمزيا.

***

مزهر جبر الساعدي

 

في المثقف اليوم