أقلام حرة

علي حسين: وثيقة عالية نصيف

كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن النائبة عالية نصيف، لكن ماذا أفعل ياسادة والسيدة النائبة خرجت علينا مؤخراً لتتقمص شخصية الفنان الراحل توفيق الدقن وهو يردد لازمته الشهيرة " أحلى من الشرف مفيش "، ففي لفتة عبقرية تجيب السيدة عالية نصيف على سؤال يطرحه مقدم أحد البرامج : " الحل شلون ؟ فتقول : الحل بميثاق شرف بين جميع القوى السياسية : كافي بعد ما ننهب الدولة ".

البعض ربما يسخر مني في سرّه ويقول "حتماً لديك شحّ في الموضوعات ولهذا عدت تلاحق احاديث السادة النواب، لكني ياسادة ياكرام أسمّيها من ضروريات مراجعة الحالة التي مرت بها البلاد، وكما تعرفون فأنا أحب أن أتفلسف أحياناً، وربما أصابني الغرور وأحاول في يوم من الأيام منافسة " مفكر " العراق الأوحد إبراهيم الجعفري الذي اكتشف ان العراق في ظل معاليه كان يعيش ازهى عصور التقدم. ولهذا لا تستغربوا أيها السادة حين تريد السيدة عالية نصيف بعد 20 عاماً من الخراب كانت هي لاعباً رئيسياً في ساحته أن يوقع ساسة البلاد وثيقة شرف شعارها " بعد ما ننهب ".

تدرك السيدة النائبة التي تقلبت من القائمة العراقية إلى القائمة البيضاء إلى قائمة دولة القانون أن في هذه البلاد لا يوجد مواطن واحد يمكنه الاعتراض على مهرجان النهب الذي أقيم منذ عشرين عاماً ولا يزال، والذين رفعوا راية الاحتجاج من شباب تشرين كانت السيدة عالية نصيف من أوائل النواب الذين هاجموا الاحتجاجات.

وأنا أستمع إلى حديث السيدة النائبة تذكرت الثمانين مليار دولار التي نهبت من أموال الكهرباء، ومئات المليارات التي "لفلفت" خلال فترة حكم ائتلاف دولة القانون والاموال التي لا يزال "الصبي" نور زهير يتمتع بها.

الوثيقة التي تريد السيدة النائبة أن يلتزم بها ساسة العراق، وثيقة ستكتب بالتأكيد بموجب مقتضيات الديمقراطية العراقية التي تقتضي بأن المسؤول والسياسي يجب أن يتحول إلى ملياردير ما أن يجلس على كرسي السلطة أو كرسي البرلمان، وديمقراطية النهب التي يتمسك بها الكثير من المسؤولين، لم يضعها أفلاطون في جمهوريته، وإنما وضعها جيش من الذين اعتبروا مال الدولة حقاً شرعياً لهم.

الذين أحكموا الخراب على العراق وأقاموا دولة الفساد وسدّوا كل الأبواب والنوافذ أمام المستقبل، والذين هرّبوا المليارات، تصدّروا المشهد السياسي بفضل معارك عالية نصيف ودفاعها عنهم.

ولهذا اتمنى ان تسمح لي السيدة النائبة، لأقول لها، ان مئات النواب الذين دخلوا قبة البرلمان منذ عام 2005 وحتى هذه اللحظة شركاء في مهرجان النهب الديمقراطي.

***

علي حسين

في المثقف اليوم