أقلام حرة

ميلاد عمر: استقالة باثيلي.. انسداد افق الحل السياسي في ليبيا

بعيد الاطاحة بالنظام، تم وضع البلاد تحت الوصاية (الفصل السابع)، حلت الفوضى الامنية بالبلاد، الامم المتحدة وكعادتها تحاول التغطية على اعمال الدول الكبرى، ترسل المبعوث تلو الاخر لأجل التقريب بين وجهات نظر الاطراف المحلية المتصارعة على السلطة، وهذه الاطراف تقوم بمؤازرتها القوى الدولية التي اشتركت في العدوان على البلاد، كل المتدخلين كانت لهم مصالحهم الخاصة لأجل اقتسام غنائم الحرب.

ضمت تشكيلة المبعوثين مختلف الاعراق والاديان والمذاهب، جميعهم اعلنوا فشلهم وعدم قدرتهم على حل الازمة، بعضهم حاول الاقتراب من قول الحقيقة وهي ان الامم المتحدة لا تريد صراحة المساعدة في حل الازمة بل استمرارها بخطى بطيئة (ستاتيكو) لـ(تتم) الطبخة على نار هادئة، جلسات الحوار بين الافرقاء كانت تتم في الخارج وفواتير الاقامة والاعاشة والتنقل والبهرجة الاعلامية بالطبع تحمل على الخزينة العامة الليبية.

رغم ان هناك حظر اممي على توريد الاسلحة الى ليبيا، الا ان تدفقها وبكثافة يتم على مرأى ومسمع العالم وان (ايريني) المكلفة تنفيذ الحظر على الاسلحة ومنع تهريب النفط مجرد هيئة اممي لإهدار المال العام ولم تفعل شيئا بخصوص التجاوزات في تدفق الاسلحة لان مصدرها دول كبرى واقليمية لها مصلحة في الابقاء على الازمة الليبية من خلال بيع الاسلحة ومختلف انواع السلع التي تغزو السوق الليبي.  

باثيلي تاسع مبعوث اممي الى ليبيا يقدم استقالته بعد ان امضى قرابة العام ونصف العام، في خطاب الاستقالة او بالأحرى اعلان فشل مهمته، انحى باللائمة على الجهات الليبية الفاعلة وانها تفتقر الى الارادة السياسية التي تغلّب مصلحة الوطن على مصالحها الشخصية وذكرها بالاسم أي انهم يريدون للازمة ان تستمر. ان ظاهرة تشكيل مجالس عليا لبعض القبائل والاعراق بالبلاد (الالتجاء الى الحضن الاجتماعي) تدل على ان الشعب قد فقد ثقته في رموز الحكم وان الدولة المدنية مجرد شعار يتخذه الفاسدين شعارا لبقائهم .

 نجزم ان السيد باثيلي ساهم في فشل الحوار الذي كان يمكن ان يقود الى الحلحلة بإبعاده حكومة شرق البلاد المشكلة من قبل البرلمان واكتفى بدعوة حكومة الدبيبة باعتبارها معترف بها من قبل المجتمع الدولي الامر الذي مجلس النواب والقيادة العامة للجيش الليبي يطالبون بدعوة الحكومة المشكلة من البرلمان او استبعاد حكومة الدبيبة من الحوار لكن يبدو ان السيد باثيلي لم يستطع مقاومة نفوذ القوى الخارجية المتدخلة في الشأن الليبي، وبالتالي فان تحركاته المكوكية واجتماعه بمختلف القوى الفاعلة (الداخلية والخارجية) لم تثمر شيئا وان استقالته كانت جد متوقعة حيث ان بعض الاطراف المحلية وصفته بانه غير محايد وطالبت باستقالته منذ مدة.  

الوضع الامني في غرب البلاد سيئ جدا، حيث الاقتتال بين التشكيلات المسلحة يأخذ طابعا اجراميا، وقد حاول الدبيبة تهدئة الامور من خلال ارضاء تلك التشكيلات بالمال العام، ولكن يبدو ان الامور لم تعد تحت السيطرة، وهناك اعادة اصطفاف وتموضع للميليشيات ما يشيء باندلاع الاقتتال، مايسمى بالجيش الوطني الذي يتبع رئيس المجلس الرئاسي (القائد الاعلى للقوات المسلحة) في غرب البلاد غير قادر على التدخل، لأنه الحلقة الاضعف في الصراع من حيث العتاد وسوء القيادة.

كلنا نعلم ان المجلس الرئاسي الحالي وحكومة الدبيبة قد فازوا من خلال تقديم الرشاوي لبعض اعضاء لجنة الـ75 وقد بدا بعض الناشطين السياسيين في تقديم الأدلة وذكر بعض الاسماء والمبالغ التي تقاضاها كل منهم، كذلك المناصب الدبلوماسية التي يتولونها نظير بيع ضمائرهم!؟.  

أمريكا تريد ان تحارب روسيا والعمل على تقليص نفوذها في افريقيا الذي بدأ يتنامى وقد تكون ليبيا هي ساحة الصراع الرئيسية، ليبيا تسير أكثر فأكثر على الطريق نحو فقدان سيادتها، وربما تشرذمها.

والسؤال هل يتم تنصيب مبعوث جديد وتستمر المعاناة؟ ام يكون هناك راي اخر للقوى الوطنية (عسكرية ومدنية) للخروج من النفق المظلم؟

***

ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم