أقلام حرة

بديعة النعيمي: "فرانتز أوبنهايمر" والبنى التحتية للاستيطان في فلسطين

فرانتز أوبنهايمر عالم اجتماع وأستاذ جامعي ألماني-يهودي ولد في برلين في عام ١٨٦٤ وتوفي ١٩٤٣. التقى أوبنهايمر بالأب الروحي للصهيونية "هيرتسل" وتأثر بتوجهاته الصهيونية. فطلب منه الأخير صياغة الجوانب الاقتصادية والزراعية في البرنامج الصهيوني. فزار فلسطين في العام ١٩١٠ حاملا معه فكرة نموذج "إثني-جماعي" في العودة إلى الأرض ،قام بعرضه على أصدقاءه الصهاينة.

وقد تم قبول هذا المشروع الذي اعتُبر "تعاوني-قومي" من قبل الحركة الصهيونية. ومن المعلوم بأن هذا المشروع حمل فكرة توطين مجموعات تعاونية من المستوطنين. ويدمج هذا المشروع بين المبادرة الخاصة والعمل التعاوني بحيث تبقى الأرض ملكا للصندوق القومي اليهودي "كيرن كييمت ليسرائيل" التابع للمنظمة الصهيونية العالمية، ويحظر بيعها إلى غير اليهود ويجوز تأجيرها فقط لليهود. أما وسائل الإنتاج فهي ملكية مشتركة، وبالنسبة لرواتب العمال فتحدد بناء على قدرات الإنتاج لكل واحد منهم.

ومن هنا بدأت تتأسس البنية التحتية للاستيطان والتي ستعرف فيما بعد "بالحركة الكيبوتسية", والتي اعتبرت درة التاج في تخليص الأراضي من أصحابها الشرعيين.

وبهذا يكون المشروع الذي اقترحه أوبنهايمر قد نجح في جعل هذه الحركة راس الحربة في مجتمع المستوطنين الفتي آنذاك.

وقد أدت الكيبوتسات دورا مهما وواضحا في قيام الدولة. فبالإضافة إلى دورها الوظيفي الأمني كانت تمثل مواقع برزت منها النخب السياسية والثقافية والعسكرية.

ومن هذه النخب نذكر "دافيد بن غوريون" و "موشيه ديان" و "شمعون بيريز" و "يغال آلون" وغيرهم ممن كان لهم أيد كثيرة في قيام الدولة من خلال إرتكاب المجازر وعمليات التطهير العرقي وإقامة المستوطنات وغيرها.

ويذكر أن ثلث الوزراء من ١٩٤٩ وحتى ١٩٦٧ هم من أعضاء هذه الكيبوتسات.

لكن بعد استكمال الهدف المنشود من هذه الكيبوتسات وتحديدا عام ٦٧ تغيرت الأيديولوجيات التي قام عليه مشروع الاستيطان الجديد وخاصة بعد ضم الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الانتصار الذي أحرزته دولة الاحتلال على ثلاثة دول عربية.

وبهذا المشروع الذي اقترحه أوبنهايمر والذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود يكون قد ساهم بسخاء في توطيد أساسات دولة الاحتلال.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم