مقاربات فنية وحضارية

شمس الدين العوني: في تجربة الفنانة التشكيلية عايدة الكشو خروف

لعبة فنية تتقصد تجميل ما تداعى من دواخل الذات وهي تعلن سفرها تجاه الجمال والعلو..

رسائل الفن في تلوينات مبتكرة بعناوين المرأة والانسان والبحر والبيئة ..

مشاركات عربية ودولية وجوائز بالكويت والقاهرة وفرنسا ونيويورك وكوريا الجنوبية واليابان..


 كيف للكائن أن يبتكر لونه وصوته وشجنه الدفين وهو يمضي بين الآخرين حالما بخطاه وهي تنحت دربه..كيف له ذلك في هذا الكون المحفوف بالجمال والبهاء المبثوث في الجهات..في العناصر والأشياء..

ليس للكائن هنا غير القول بنشيده وهو يشير للآفاق بحثا عن القيمة وقولا بالجوهر..جوهر التفاصيل التي تفضي الى ايقاع الذات في حلها وترحالها ترتجي فكرة الأعماق ونظر الدواخل وكل ما به يتزين العالم حيث اللون والكلمات والمعاني وهي تنحت مجاريها في الصخر كحال الأنهار العظيمة..

ثمة ألق وقلق وذهاب ملون بالبهجة العارمة وفق نظر للفن على أنه ضفة أخرى للسفر تجاه أرض عليها أطفال يلونون أناشيدهم بالحلم النادر والغناء الخافت ...يرقصون ويرقصون مثل زنوج قدامى..انه الرقص على أرض ناعمة ..نعومة الموسيقى الطالعة من التواريخ والأزمنة..

و الفن هنا في هذا السفر عنوان لافت حيث الرسم مجال شغف ودأب وما به تنبت الأحلام في البساتين التي رآها البستاني في خياله وهي تأخذه الى طفولة عابرة فيها العالم علبة تلوين ورسم وتلبس بالكنه..كنه الابداع والامتاع والمؤانسة ..هي هكذا لعبة اللون والحلم منذ براءة اولى ...و الى الىن في هذه الحدائق اللونية ذات الأسوار العالية..

وحده الفنان يقول بالحلم الموقع بفكرة الابتكار .. والفن كعنوان دال يأخذ الكائنات الى حقوله طوعا وكرها حيث الظلال والمياه والاشجار والطيور وغيرها عناصر بهجة لا تضاهى على اللون أن يبتكر لها ثناياها في قلب الفنان...في الكينونة..

في هذا السفر الفني نمضي مع تجربة عملت صاحبتها على تواصل وجدها وشغفها تجاه اللون والرسم ..منذ ولع قديم حيث طفولة تشهد أثر الألوان في المرايا..على المرايا يبزغ يشير للحلم في تجليه الجميل..رحلة مع القماشة واللون لم تزد الطفة العاشقة للألوان غير الذهاب أكثر والى الآن في هذه الدروب المحفوفة بالحب والحلم والرغبة في الابداع..و بما به يصبح التلوين عنوان حياتها وعنفوان نشيدها في هذا العالم ..

ألوان شتى وتجريدية هي من قبيل الحال والأحوال وأنشطة شتى محورها الفن والرسم والتلوين والتواصل مع الأطفال وشؤون المجتمع وشجونه في ضروب من الحب الدفين..هو حبها للعب مع القماشة والرشاة ..تحاولها وتحاورها لتغنم شيئا من فرحة الفنان العارمة تجاه ما يحب..و ما يريد ان يقول بالنظر والعبارة الفنية و...بالألوان.

هكذا نلج عالم الفنانة التشكيلية عايدة الكشو خروف التي تنوعت لوحاتها الفنية وأعمالها وفق مسيرة سنوات عديدة ومشاركات ضمن معارض جمعية واقامة معارض شخصية في تونس وخارجها..

في لوحاتها موسيقى ملونة تمتح من مفردات تشكيلية فيها الحركة وتسعى للتفاعل مع المتلقي ليقرأها وفق تأويل متعدد الالوان ..ثمة عبارة تشكيلية في لوحاتها بينة في جمال تلوينها وسحر قولها الجمالي وعذوبة فكرة النظر تجاهها ..لوحات وأعمال فنية متعددة الأحجام والمواضيع فقط يجمع بينها شغف الفنانة عايدة وحلمها الذي أخذها الى التلوين حيث أطلقت هي العنان لنشيد ملون يسكنها منذ طفولة عابرة.

عايدة الكشو خروف فنانة تشكيلية تلقت تكوينا لتخرج سنة 1991 من معهد الموضة والديزاين وشهادة حصلت عليها بعد تكوين في اختصاص فن تشكيلي في ثلاث سنوات مع جمعية قنطرة الفنون وذلك بمعهد الفنون والحرف بصفاقس مسؤولة العلاقات الدولية باتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين ومنسقة نشاطه بصفاقس وعضو الصالون السنوي بصفاقس منذ خمس سنوات ورئيسة لجنة الثقافة بجمعية حماية الشفار وعضو جمعية صيانة مدينة صفاقس الى جانب ترأسها لعدد من الفعاليات الثقافية والجمعيات ومنها ملكة جمال صفاقس وكوميسار معرض المجلس الوطني للفنون والثقافة بالكويت وكوميسار المعرض لجمعية " بصمات عربية " بالقاهرة ومعرض كاروسيل اللوفر ومشاركة في معرض الدورة 35 لصالون الفن المعاصر بنيويورك وفي المهرجان الدولي بسيول في كوريا الجنوبية ومعرض أوزاكا باليابان فضلا عن مشاركات في ندوات ومهرجانات وفعاليات ثقافية وفنية عن البيئة والمرأة وغيرها م العناوين..هذا الى جانب جوائز وتكريمات بالكويت والقاهرة وباريس والشارقة .. كما عرضت أعمالها في منلسبات عديدة وبمدن تونسية مختلفة فضلا عن مشاركاتها في معارض وصالونات اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الدورية .

ومن نشاطها الفني التشكيلي نذكر معرضها بعنوان "طاقة البحر" الذي يمنح المتلقي علاقة مخصوصة من خلال ثنائية البحر والانسان وعوالم جمالية من وحي اللون الأزرق ..

2847 عايدة

وفي المعرض الجماعي الدولي للفنانين التشكيليين “اوزاكا ارت ايكسبو” برواق الفنون “سيستاما غاليري” بأوزاكا اليابانية مع 70 فنانا من ايطاليا واليابان وفرنسا برزت مشاركة الفنان عايدة من خلال لوحتين وفق تعبيراتها الجمالية التي عرفت بها بين الشأن الوطني والشأن الابداعي الجمالي كما تميزت مشاركتها بمعرض بمتحف اللوفر في باريس من خلال حصولها على الجائزة الثانية ..ان هذه المشاركات والمعارض التي انطلقت سنة 1995 بمعرض خاص مع الفنان علي بن سالم برواق فني بمدينة صفاقس تعتبرها الفنانة التشكيلية عايدة مجالا لمزيد التعريف بتجربتها الى جانب كونها تلمس من خلالعا تقبل وذائقة جمهور الفنون والمعارض تجاه أعمالها الفنية وهو ما يسعدها ويجعلها تواصل هذه التجربة . وخلال الظروف الصعبة للحياة الفنية التشكيلية والثقافية عموما كانت للفنانة التشكيلية أصيلة مدينة صفاقس عايدة الكشو خروف مشاركات عبر الوسائط السمعية البصرية والرقمية من ذلك مشاركتها الممتازة في معرض دولي افتراضي بعنوان " أقنعة الأمل " للفنانة الايطالية ميتشيلا مارغريتا سارتي مع مشاركات لفنانين من تونس والجزائر وليبيا وفرنسا وإيطاليا .. وقناع الأمل ابتكرته وجملته الفنانة عايدة وهو من البلاستيك يحملرسمة فيها زهرات رائقة وتلوين مميز بغاية القول بالأمل والتفاؤل ..

انها بقعة النور في حياة الفنانة عايدة تتفاعل مع ما يحدث تجمل الاشياء وتغني مشيرة للقماشة تحمل تلويناتها المفعمة بدهشتها وحلمها العالي..هكذا هي لعبة الفنانة التشكيلية عايدة الكشو خروف الفنية ترتجي من ورائها تجميل ما تداعى من دواخل الذات وهي تعلن سفرها تجاه الجمال والعلو..

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم