مقاربات فنية وحضارية

كائد حيدر.. تراكم معرفي يحيط بالموضوع

هي الطاقة تسري في العروق وتبحث عن منافذ لها عبر الهوى والهوى يأخذنا اليوم في جولة نستعرض من خلالها تجربة الفنان كائد حيدر   

  يمضي عبر تجربته منذ بدايتها وإلى الآن  وفق نهج تراتبي يخالف القاعدة الدارجة فرغم أن بداياته كانت تنحى لاتجاهات تجريدية إلا أن سعيه لعمل متكامل في بنيته  ومتوج بعمق  معرفي كان محرضا ليزاوج ما بين واقعية الشكل  والتجريد اللوني الذي تلخصه لمسات فرشاة فنان واع لقيم اللون ودرجاته وقادر على توظيفها في لوحاته.

فلوحته التي كانت تنحى باتجاه تجريدي محض أوائل تخرجه من كلية الفنون سخرها لا حقا عبر مواضيع  تستحضر من أساطير ومن تراث المنطقة والحضارات الغابرة عبر بقايا  من تركات أثرية  وملامح آشورية  اتخذها كموضوع للوحاته وقدمها عبر عجينة اكتسبت دسامتها ألقها وتلقائيتها من خبرته التشكيلية السابقة  ثم من معارفه اللاحقة للحضارات التي مرت فوق تلك الأرض والتي ستشكل العناوين العريضة لمجموعاته ولوحاته4224 كائد حيدر

 اهم ما يميز تجربة كائد أنه يعمل دائما على موضوع معين وهو يحيط معرفيا بكل تفاصيل موضوعه.  فتحركه الصور القصصية في مجموعته حكايا شهرزاد وألف ليلة وليلة  ويشغلها بتلك الروح الشاعرية الحالمة ووفق تحويرات تجعلها قابلة لتتصدر أغلفة تلك الحكايا وتصير لمضمونها كما المرايا وتنقله تلك المرايا لرصد واقع الحرب على سورية لتكون اضافة واستمرارا لتلك الحكاية  أقام معرضه الرقص على الجمر وهو يؤكد من خلال معرضه هذا الذي أقامه في صالة الحكمية ارتباط منجزه السابق باللاحق إذ لا يعير للتعبيرية أية قيمة استثنائية على حساب القيم الجمالية المحبوكة بحس شاعري يجعل  لتلك العذابات الانسانية طقوسها الصوفية ... صلاة  عبر رقصات لعاشق صار معه جحيم الحياة بردا وسلاما

4225 كائد حيدر في حين تأتي تجربته الجديدة والغنية بألوان قزحية قادمة من ضباب الذاكرة لتصور الحياة دون اية تحويرات في سياق الشكل أما في سياق اللون فتتحقق تلك التناغمات وفق إيقاع  سلس وبعناية فائقة تربط ما بين خبرته الأكادمية ومفهومه الخاص لعمل يجاري التطور المتأني والمدروس للحركة التشكيلية ولقناعته المسبقة بأن القفزات الطويلة لا يمكن لها أن تتحقق  إن لم تستند إلى تراكم معرفي وخبرة عملية وميدانية وهذا ما يؤكده ذاك الخيط الرابط بين تلك النقلات

ختاما كل التوفيق للفنان كائد في رحلته  مع التشكيل في أصعب زمن يمر على الوطن ونحن أحوج فيه للمزيد من المحبة و التعاون الذي تحركه الغيرة على الفن السوري ومصلحة الوطن.

***

الفينيق حسين صقور

في المثقف اليوم