تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

روافد أدبية

ام جبار

raed jabarkhadom بعد ان ملت وكلت ويأست وجزعت الحجية ام جبار من كثرة الدعاء والتشفع بالصالحين والاولياء، والتوسل بهم الى الله زلفى، وتقديم النذور وزيارة الائمة والسادة الاتقياء، ليعود اليها ابنها الكبير جبار سالماً وينجو من الاعدام، بعد ان تم اعتقاله وسجنه في سجن ابي غريب من قبل حزب البعث، بتهمة الانتساب الى حزب الدعوة الاسلامي، وكان ذلك في بداية الثمانينيات، اذ لم تنقطع ام جبار عن ممارسة طقوس الحزن والالم والاحتفاء بمأساتها على الطريقة الجنوبية، بكاءً وصراخاً وهجراً للنوم والراحة، سواء بمفردها او بمن يواسيها على مأساتها من نساء الطرف والمحلة في  منطقتنا المنكوبة، والفاتحة ابوابها للاحزان على مصراعيها، ولم يكتفِ الدهر بأن اخذ منها جباراً فحسب، بل بعد ذلك توفي زوجها حزناً على ابنه، ليترك لها 9 اولاد، من البنات (5) ومن البنين (4)، حيث كان يعمل قبل وفاته في امانة العاصمة (امانة بغداد)، فزاد حزنها حزناً، والمها الماً، ومأساتها مأساة، ويبقى جرحها الكبير وحلمها الابدي هو ابنها جبار. قررت ام جبار بعد مللها وكللها من كثرة من توسلت وتشفعت وتوجهت لهم وبهم ولم يحققوا لها شيئاً من الخلاص وتفريج الهم وكشف الغم، قررت ان تترك هؤلاء وان تتوجه للدعاء الى الله بحق وجاه المغنيين والمغنيات، والممثلين والممثلات، ووصل بها الامر ان تدعو بجاه (الكيولية) عند الله، وقدمت النذور والقرابين الى سيدة الغناء العربي ام كلثوم، وتوسلت بها الى الله ان يطلقوا سراح ابنها لينجو من الاعدام، وهي بأمس الحاجة له لمساعدتها على نوائب ومصائب الدهر، ويأتي لها الخبر بعد مدة ان جباراً سيطلق سراحه ويخرج من السجن بعفو صدر بحقه، ولم تصدق ذلك حتى تراه بين يديها وبعينيها التي ابيضت على جبار، ويافرحتها وسرورها وجنونها وهي تحضتن ابنها عند دخوله للبيت، تقبله وتشمه وتمسح غبار المجرمين عن وجهه، وهي محملة بأعباء السنين، وبثقل وهموم الاولاد ومصائب الدهر الذي لا يرحم.

ام جبار، يالحكمتك الرائعة، وموقفك البطولي الكبير وانت تقفين امام اعتى الفلسفات والافكار لتعلنين تمردك على الطقوس والعادات والتقاليد التي ترحم اناس وتلعن آخرين، يالتحطيمك الممتع لكل الاقانيم والاصنام بفأس حكمتك البسيطة الطاهرة، يالروعة وجمال ايمانك المطلق وانت تقطعين اوصال الاسيجة الدوغمائية التي عششت على رؤوسنا سنين طوال، لقد تخلصت من كل القيود المصطنعة فأتاك الخلاص والخير والاخلاص المطلق، هدية وثمراً ونتيجة لكل جهودك المضنية في ادارة الحياة.

فما كان مني الا ان استمد تجربة ام جبار الروحية والفكرية، وثورتها وتمردها وقصتها للاطاحة بكل افكاري، والعن كل معتقداتي وفلسفات الاولين والآخرين، لأدعو الله بحق ام جبار وبمن تؤمن وتعتقد، ان يفرج عنا وأن يكشف ما بنا من ضر، وأن يحفظ العراق وشعبه، من زمر الفاسدين والطغاة والعتاة والجبابرة، وان نعيش كباقي الامم والشعوب، بخير ورفاه، وأمن وآمان، دون سلب ونهب، وأرهاب وحروب، وقحط وذنوب، انه سميع مجيب.                        

 

رائد جبار كاظم  

 

في نصوص اليوم