روافد أدبية

لماذا تكتب..

احمد بلقاسموهو يسلمها نسخة من مخطوط مجموعته القصصية الجديدة؛ سألته سكرتيرة المطبعة بعدما تصفحت أوراق المخطوط بنظرة شاملة، تروم من خلالها معرفة عدد الصفحات إجمالا.

- أستاذ هل تسمح لي أن أسألك سؤالا؟

- تفضلي.

- لماذا تكتب؟

- سؤال كبير؛ والإجابة عنه تختلف من كاتب لآخر، لكن لا بأس من أن أدلي بدلوي لأجيب عنه؛ وأرجو أن أوفق في ذلك، ببساطة فأنا أكتب لأساهم في اقتصاد البلاد فقط.

- تساهم في اقتصاد البلاد بالكتابة ههه..

- لم تضحكين؟

- لأنك بجوابك هذا، تذكرني بعبارة إشهارية قديمة على صفحة علبة عود الثقاب وجدتها مؤخرا بين التحف النادرة التي يحتفظ بها أبي في دولابه إلى جانب ساعته اليدوية دوغما.

- أجل؛ بالكتابة سأحرك من جانبي عجلة التنمية في هذا البلد.

- لو تفضلت بشيء من التفصيل..

- ما علينا سأشرح لك هذا..

- شكرا أستاذ.

- عندما أطبع الكتاب، سأوزعه على المكتبات أليس كذلك؟

- طبعا طبعا.

- طيب؛ آنستي تذهبين إلى المكتبة؟

- مسألة مفروغ منها.

- جميل.

- الله يجمل أيامك.

- العفو؛ عندما يسرق نظرك عنوان كتاب من المحتمل أنك ستقتنيه، أليس كذلك؟

- طبعا طبعا سأشتريه.

- جميل؛ وعندما تأخذينه ستقرئينه أليس كذلك آنستي؟

- طبعا طبعا سأقرؤه.

- حسنا؛ من هنا سيبدأ دوري في المساهمة في اقتصاد البلاد،وستكونين أنت ومجموعة من الأشخاص ضمن هذا المشروع..

- طبعا طبعا..لكن هلا شرحت لي كيف؟

- طبعا طبعا..لكن ليس قبل أن تصحبيني إلى السيد غارسيا ماركيز لننتزع منه جوابا على سؤالك هذا، مارأيك؟

- طبعا طبعا؛ أوافقك الرأي..

- هيا بنا؛ لعله يكون الآن قد استفاق من قيلولته، فهو يقيل كل يوم تحت شجرتي التوت العملاقتين الوارفتي الظلال على سريره الهزاز..

- سرير هزاز!

- طبعا طبعا لا؛ لنقل سرير أرجوحة.

- أرجوحة!

- طبعا طبعا لا؛ لنقل قطعة قماش مشدودة من طرفيها إلى جذعي شجرتين، هل فهمت؟

- طبعا طبعا لا..

- لا!

- بل نعم.

- ها قد وصلنا إنه مستيقظ ومستغرق في القراءة، يمكنك أن تسأليه بنفسك..

- طبعا طبعا سأسأله بنفسي، لكن أخشى أن أزعجه وهو مستغرق في القراءة..

- لا عليك؛ ليس الحال كما لو كان منهمكا في الكتابة.

- عمت مساء سيدي.

- مرحبا؛ تفضلا هل من خدمة؟

- أريد فقط أن أعرف لماذا تكتب؟

- أكتب لكي أنال المزيد من حب أصدقائي.

***

أحمد بلقاسم - المغرب

بركان، يونيو 2017 .

 

 

في نصوص اليوم