أخبار ثقافية

طرائف الذكريات عن كبار الشخصيات كتاب جديد للدكتور علي القاسمي

1256 aliصدر عن دار الثلوثية بالرياض كتاب جديد للدكتور علي القاسمي عنوانه "طرائف الذكريات عن كبار الشخصيات"، ويقع الكتاب في 255 صفحة من القطع الكبير طُبِعت على ورق نباتي، وحظيت بإخراج جميل. ويشتمل فهرس محتواياته على 83 ذكرى يتراوح طول كل واحدة منها بين صفحة وثلاثة صفحات محمّلة بمعلومات ثقافية متنوعة، ومضمَّخة بعناوين مؤلَّفات قيمة، وتنتهي كل ذكرى بطرفة أو ملحة ممتعة إن لم تكن مضحكة. وكُتبَت هذه الذكريات بأسلوب سردي سهل سلس، ولغة راقية أخّاذة، ولهذا فإن الكتاب يمنح القارئ مطالعة سهلة فاتنة. وقد حصلت هذه الذكريات للمؤلف في العراق، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المغربية، وباكستان، وماليزيا، وبريطانيا، ونيجيريا، ومصر، وعدد من الدول الأخرى التي درس فيها أو كان يزورها بحكم دراسته أو عمله.

يتحدَّث الناشر الدكتور محمد المشوح صاحب دار الثلوثية، في مقدمته للكتاب، عما حصل له عندما أراد أن يطَّلع على الكتاب قبل نشره، فيقول: " سهرت ليلة كاملة طار النوم فيها عن عينيّ مع هذه الصفحات الماتعة التي لا تستطيع الفكاك عن قراءتها حتى تكملها من الغلاف إلى الغلاف."

ومؤلِّف الكتاب هو كاتب عراقي مقيم في المغرب ذو اهتمامات متعددة له أكثر من خمسين كتاباً. يقول الناشر عنه: " ومن الملامح لشخصية القاسمي الثقافية: غزارة إنتاجه، وتنوّع كتاباته، ودقّة لفظه، وجزالة عباراته، فقد كتب وألّف ونشر في علوم ومعارف شتى: في القصة والرواية والتاريخ والفلسفة والترجمات واللغات... يتحدَّث فيأسرك حديثه العذب البليغ ذو البيان والفصاحة، ويذكّرك بعروبة العراق، وبلغائه، وأدبائه الكبار كالرصافي والجواهري والسياب والبياتي ومصطفى جواد وعلي الوردي."

ويمكن أن تُصنَّف هذه الذكريات في مجال السيرة. يقول المؤلِّف في تقديمه: " اقترح عليَّ عدد من أصدقائي أن أكتب سيرتي الذاتية... ولما لم أكُن من أولئك القادة، فإنني آثرتُ أن أكتب ما علق في ذاكرتي من طرائف عن كبار الشخصيات الذين أُتيح لي أن ألتقي بهم، وفي الوقت نفسه أُلقي بعض الضوء على معالم سيرة حياتي."

ومن طرائف التي حصلت قبل نشر هذا الكتاب أن مؤلِّفه بعث بنسخة رقمية من الكتاب إلى صديقه الشاعر الناقد العراقي الدكتور محمد صابر عبيد لأخذ رأيه، فما كان من الدكتور عبيد إلا أن ألّف كتاباً كاملاً عن الكتاب بعنوان " السيرة القِناعية" بعث به إلى الكاتب والناشر قبل صدور الكتاب من المطبعة.

ولكي يأخذ القارئ الكريم فكرة عن محتويات الكتاب، ننقل منه طرفة بعنوان" رئيس الوزراء نوري باشا السعيد يزور السجناء الشيوعيين":

" في إحدى زياراتي لعبد القادر إسماعيل البستاني، عمِّ زوجتي، بتول أم حيدر، في سجن الحلة خلال صيف سنة 1967م الذي أمضيته وزوجتي في منزل أخي الكبير عبد المنعم في الحلة، حدّثني البستاني عن سجنٍ آخر زُجَّ فيه ببغداد قبل مدة طويلة ( سنة 1949) عندما كان نوري السعيد (1888 ـ 1958) رئيساً للوزارة العراقية .

قال إنه كان نائماً في زنزانته بعد منتصف الليل عندما سمع وقع أقدام تقترب من زنزانته. فظن أول الأمر أنهم سيقودونه إلى المشنقة، خاصة أنهم أعدموا زميله الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي يوسف سلمان يوسف (الملقب بفهد) قبل أسبوعين أو ثلاثة. ولكنه فوجئ بدخول نوري السعيد إلى الزنزانة في حين ظلّ مرافقوه خارج الزنزانة. فبقي عبد القادر إسماعيل ممدداً على فراشه دون أن يقف احتراماً لنوري السعيد   .

قال نوري السعيد مخاطباً عبد القادر إسماعيل الذي كان أخوه خليل إسماعيل وزيراً للمالية في حكومة نوري السعيد نفسه آنذاك:

ـ قدوري (تصغير اسم عبد القادر للتحبيب)، كنتُ في فراشي ولم يواتِني النوم، فقد كنتُ أفكر فيك وفي رفاقك. وقلتُ في نفسي: إنهم من الشباب المخلصين بلا شك، وإنهم يرومون تقدّم العراق ورفعته، فلماذا نزج بهم في السجن، ولماذا لا نشركهم في الحكم ليستغلوا طاقاتهم الفكرية في الإصلاح والتنمية   .

أجابه عبد القادر إسماعيل:

ـ أبو صباح، نحن لسنا إصلاحيين. نحن ثوريون (ابو صباح كنية نوري السعيد، وصباح هو ابنه البكر وقُتل أيام انقلاب/ ثورة 14 تموز 1958)   .

قال نوري السعيد:

ـ يعني أنكم تخططون لثورة، وإذا نجحت فإنكم ستقتلوننا   .

أجاب عبد القادر إسماعيل:

ـ ممكن   .

قال نوري السعيد:

ـ إذن من حقنا أن نقتلكم قبل أن تقتلوننا .

أجاب عبد القادر إسماعيل:

ـ ممكن .

قال نوري السعيد:

ـ أنا لا أريد قتلكم، وأكره أن تبقوا في السجن، وأنتم لا تريدون المشاركة في بناء العراق. إذن، اخرجوا من العراق .

وهكذا تم إسقاط الجنسية العراقية عن عبد القادر إسماعيل وعدد من قادة الحزب الشيوعي، وتم نفيهم إلى سوريا حيث استضافهم خالد بكداش (1912ــ1995) زعيم الحزب الشيوعي السوري آنذاك .

وقد روت لي ابنة عم زوجتي، الدكتورة سعاد خليل اسماعيل التي أصبحت وزيرة التعليم العالي في العراق في أوائل السبعينيات، أنها عندما كانت طالبة جامعية صغيرة تدرس في الجامعة الأمريكية في بيروت، وتشتاق لزيارة عمها عبد القادر اسماعيل في سوريا، تمرُّ بوقت عصيب رهيب قبل أن تلتقي به، إذ إنهم يأخذونها بالسيارة من بيروت إلى سوريا، وحالما تدخل الأراضي السورية يعصبون عينيها لمدة أكثر من ساعة، ثم تتوقف السيارة، ويقودونها وهي معصوبة العينين في طريق متعرج وعندما يزيلون العصابة عن عينيها تكون في حضرة عمها .

 

في المثقف اليوم