ثقافة صحية

لنتذكر الزائر المقيم.. كورونا

في عام 2020 وتحديدًا في شهر شباط، وفي ساعات الصّباح، انتشر خبراً سبب الذعر والخوف لكل العالم، وهو انتشار فيروس يُدعى (كورونا)، وهو فيروس تاجي يصيب الجهاز المناعي للإنسان، وقد تظهر أعراضه بعد 14 يومًا، وأعراضه شبيهة بـ (الأنفلونزا)، ولكن تكون بشكل حاد، وقد تؤدّي إلى الوفاة.

ويصيب هذا الفيروس بشكل أكثر فئات معينة منها كبار السنّ، والأطفال، وضعاف المناعة، وكانت بداية انتشاره في الصين، وقد كان هناك عدد كبير من الإصابات والوفيات، ومن ثم الدول المجاورة، ومن بعدها دول الخليج العربي والعراق وإيران وغيرها.

سبق وأن تعرض أجدادنا الأوائل لكثير من الأمراض والأوبئة على مر السنين، كالسل، والطاعون، والجدري، و حصدت أرواح الآلاف منهم، لكن مع التطورات التي شهدها عالم الطب استطاعت البشرية التوصل إلى علاجات ولقاحات لكل هذه الأوبئة، إلا أننا لاحظنا خلال السنوات السابقة انتشار الكثير من الأمراض والفيروسات التي لم نكن نسمع بها من قبل؛ مثل: أنفلونزا الطيور، أو أنفلونزا الخنازير، أو الايدز وسارس و الايبولا، ومن الأمراض التي سمعنا بها مطلع عـــــــام   2020مرض الكورونا.

أولاً: تاريخ مرض الكورونا

يعود تاريخ أو معرفة (فيروس كورونا) إلى سنة 1937، إذ ظهر المرض على شكل عدوى تصيب الطيور بالتهاب في الشعب الهوائية التنفسية، ثمّ تطور الفيروس وأصبح يصيب الماشية والخيول والدجاج الرومي والقطط والخنازير والفئران والكلاب، ويعود اكتشاف أول حالة بشرية مصابة بفيروس كورونا إلى فترة الستينات من القرن العشرين.

وفي سنة 2012 نجح الدكتور (محمد علي زكريا) وهو دكتور مصري متخصص بعلم الفيروسات بعزل فيروس كورونا من رجل متوفى وتمكن من رؤية الفيروس لأول مرة، ومن ثمّ ظهر مرض الكورونا في نهاية عام 2019 في مدينة ووهان الصينية.ليصيب أكثر من خمسة ألاف شخص ويقتل العشرات منهم قبل انتقاله الى عالمنا العربي والاسلامي.

هذا وكانت دول عربية قد أعلنت عن حالات إصابة بالفيروس مصدرها أيــــران، مما يثير مخاوف من أن تصبح إيران مركزاً لتفشّي الفيروس في المنطقة ومنها العراق (1) .

ثانياً: الكورونا كارثة وبائية

الشعب العراقي غير ملتزم بالإجراءات الوقائية أو الاحترازية فما زالت مناطق التجمع مفتوحة ومليئة بالمواطنين كالمجمعات التجارية والمقاهي والمطاعم بالرغم من صدور تعليمات بإغلاقها لمنع انتشار الفيروس لعدم وجود ثقافة الالتزام والثقة بإجراءات الحكومة.

وعدم وجود ثقافة الالتزام بالإجراءات الصحية كغسل الايدي ولبس الكمامات في الأماكن المزدحمة،وانتشار عادات المصافحة والتقبيل خلال السلام،والتحية واستمرار المناسبات والدعوات وحضورها رغم التحذيرات التي تصدرها الجهات المسئولة عن متابعة تطور وانتشار المرض، وعلى الرغم من شيوع استخدام وسائط التواصل بين العراقيين وامتلائها بالتوجيهات والإرشادات والبوستات والفيديوهات والرسائل التحذيرية حول المرض، والتي تحث على الامتناع عن ممارسات معينة قد تؤدي إلى نقل المرض وتجنب الأماكن المزدحمة وتقليل الخروج إلى الأماكن التي يمكن أن تكون ملوثة بالفيروس، ألا أن  ذلك لا يخيفهم فمن تعايش مع الانفجار والمفخخات لن يخيفه مرض معدي.

ففي شهر واحد، أثار كائن مجهري الهلع في العالم كله، وأجتاح 193 دولة، وتطورت المواجهة إلى حالة تحد بين ما تمتلكه الدول المتقدمة من إمكانات طبية وتكنولوجية هائلة وما يمتلكه هذا الكائن العجيب من قدرة على التحايل والتطور بما يربك حتى الإجراءات الاحترازية التي تحول دون انتشاره.

فتطور الخوف منه إلى هلع البشرية على كامل الكرة الأرضية.. المدارس والجامعات والنوادي والمطاعم والفنادق والمسابح تعطلت، والخطوط الجوية العالمية توقفت.. وتعرض قطاع السياحة العالمي لخسائر فادحة  قدرت بـ  840 مليار دولار، (لوفت هانزا الألمانية خسرت لوحدها 50بالمائة).. حتى الشوارع صارت موحشة بعد إن كانت مكتظة بالناس، فتحول منظرها من الشعور بالفرح وحب الحياة الذي كان إلى توقع الشر والخوف من موت بشع حصل!.

ثالثاً: الخرافات في عصر الكورونا

وكانت أكثر الخرافات شيوعاً عند العراقيين فيما يخص كورونا هو أن حرق (الحرمل) في البيت يقتل الفيروس، فيما دعي بعض رجال الدين إلى الوضوء والاستغفار وقراءة دعاء عاشوراء والمعوذات، واستغلها الدجالون بكتابة الحرز والأدعية والتبخير التي تمنع الإصابة به، في حين إن احدث مختبرات العالم لم تستطع أن تصل إلى اكتشاف دواء يقتل هذا الوباء.

وهنالك سببان لميل العراقيين للتصديق بالخرافة:-

الأول: توالي الخيبات وتعرضهم لمشاكل ليس لها حل، فلجئوا للخرافة لأنها تخفف القلق وتخفض التوتر حين يحاصر الإنسان الجوع والمرض.

والثاني: إن النظام السياسي (الإسلامي) أشاع التفكير الخرافي بينهم فهناك خرافة خلاصتها: إذا عصت عليك قضية عليك بـ (بالتسبيح)!، ومن المفارقات أن احد رجال الدين العراقيين المعروفين برر إصابة الصينيين بفيروس كورونا كونهم كفرة، وكأن الفيروس يعرف من هو مؤمن ومن هو كافر.. والمفارقة الأخرى أن رجل الدين هذا قد أصيب بفيروس كورونا، ومات ودفن في مدينته الجنوبية ولم يدفن في مدينة النجف الاشرف كما كان يحلم (2).

رابعاً: خسائر اقتصادية

بسب هذا الوباء تراجع النمو الاقتصادي العالمي خلال العام / 2020بأكثر من 10 بالمائة من الناتج المحلي، ودفع البنوك العالمية لتخفيض أسعار الفائدة على القروض الممنوحة، كسياسة تحفيزية لمواجهة الكساد وقلة السيولة المالية، بعد أن قامت السعودية بضخ ما يقرب من 13 مليون برميل يومياً بدلاً من 10 مليون برميل يومياً، فأغرقت أوربا بالنفط، حتى وصل سعر البرميل إلى ما دون الـ 20 دولار نتيجة الفائض النفطي الحاصل في السوق العالمي البالغ 3،5مليون برميل يومياً، وانهارت أسعار النفط  لأكثر من 30بالمائة في بادئ الأمر.

ثم  تراجع خام برنت بنسبة 24 بالمائة ليباع بسعر 19،8 دولار في نهاية شهر نيسان / 2020، وخام تكساس الخفيف الذي يشكل 40 بالمائة من الناتج الأمريكي هبط إلى -5 ، والذي حدا بأمريكا إلى دراسة أمكانية وقف شحنات النفط السعودي، بعد أن استغلت انخفاض الأسعار لتشتري 75 مليون برميل كاحتياطي استراتيجي مضمون.. على الرغم من أن السوق العالمية تستهلك 100 مليون برميل يومياً، فيما فقد أكثر من 25 مليون عامل أعمالهم حول العالم، ونصف الطلاب توقفوا عن الدراسة، وراح البعض منهم يدرس عن بعد (3).

خامساً: الكورونا مجرد نكته

قبل وباء كارونا أنتشر وباء الطاعون الأسود عام 1347 وقتل ما يقرب من 200 مليون إنسان في العالم ولم تسلم منه الحيوانات والطيور من أصل سكان العالم آنذاك البالغ 500 مليون نسمة، حينها قتل من قارة أوربا لوحدها (40–60) مليون إنسان.

لقد انتظر هذا الشعب كثيرا حتى مل منه الانتظار والصبر، فانفجر في أول أكتوبر 2019 ليعبر عن ذاته وإحباطه ويأسه ممن يحكمون باسم الرب والدين والمذهب، فهل يا ترى سيصمد أمام كورونا السياسة والفيروس في بلد مثقل بالديون (23مليار دولار قبل عام 2003 و 50 مليار دولار بعد عام 2003 كديون معلقة، وديون داخلية تقدر بـ 40 تريليون دينار عراقي) !.

سادساً: دعونا نتفاءل بنهاية الكورونا

الحياة مهما كانت سعيدة ومرفهة وآمنة، فإنها لابد أن تكون تحمل في تقلباتها الكثير من المصائب والمتاعب للإنسان. ومن ثم فان الحياة بتقلباتها بين الخير والشر، والغنى والفقر، والرفعة والذل، والموت والولادة، تشكل بمحصلتها مصدر إزعاج ومعاناة للإنسان. فهو لابد له أن يعيش الحالين، ولا يمكن له أن يستقر على حال واحد طوال مشوار عمره. ففي الوقت الذي يعيش فيه نعمة الصحة والعافية، لابد أن تجده يوماً ما يعاني من آلام وقسوة المرض. كما قد تجده يعاني عوز الفاقة بعد أن كان يوماً ما، ينعم برغد الغنى والثراء.. وهكذا.

ولعل هكذا صيرورة محكمة من التناقضات، التي يمكن أن يعيشها الإنسان في حياته في الغالب الأعم، إنما تأتي متوافقة مع القانون الإلهي المركزي الذي لا يتبدل ولا يتغير(كل يوم هو في شأن).

الصين البوذية / الديكتاتورية الملحدة، وآكلة الخفافيش والكلاب والفئران والسحالي والحشرات: تساعد إيطاليا وإسبانيا - الأوروبيتين المسيحيتين- كما ساعدت حوالي 82 دولة من جميع الأنواع العرقية والحضارية والجغرافية.

روسيا الملحدة والمارقة /  - كما يصفها الغرب في أدبياته السياسية والإعلامية، ترسل علماء الفيروسات العسكريين الروس لمكافحة الفيروس التاجي في إيطاليا بسبب ارتفاع حصيلة القتلى بما يقرب من 1000 في غضون كل 24 ساعة.

بينما تخلت دول عظمى مثل ألمانيا وفرنسا وإنجلترا عن شقيقتها إيطاليا - معقل الحضارتين الرومانية والمسيحية الكاثوليكية، وبلد النهضة الأوروبية، ورائدة فنون التعبير الكتابي والتشكيل والعمران لما بعد المسيحية الغربية.

كما تخلى العرب والمسلمون بعضهم عن بعض، وراح بعض مشايخهم الماديون يغرقون السوق العالمية بالنفط الخام للمحافظة على إيراداتهم النفطية من جهة، و ديمومة حربهم على أخوتهم العرب والمسلمين من جهة أخرى، ولم نسمع أحد قدم مساعدة للعراق في هذه الفترة الحرجة من حياته الصحية والاقتصادية، والذي يعتاش شعبه على بيع النفط الخام  سوى دولة الكويت التي غزاها دكتاتور العراق والأمة العربية (صدام حسين) عام 1990 ومسحها من خارطة العالم والعروبة لتكون المحافظة التاسعة عشر عراقياً لو تدخل المجتمع الدولي آنذاك.

سابعاً: الكورونا.. معركة اقتصادية وصحية

بعد انتشار وباء الكورونا في العراق وبداية التعطيل العام لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص باستثناء بعض الأنشطة الخدمية والصحية والتجارية، اتخذت الدولة مبدأ التباعد الاجتماعي الذي أدى بدوره إلى توقف تدفق البضائع وتجميد الاقتصاد ومن ثم الوصول إلى ركود عام، و إصابة نصف المجتمع بالشلل التام ولاسيما ذوي الدخل المحدود من سائقي سيارات الأجرة وباعة المفرد وأصحاب المطاعم والمهن الحرة الأخرى كالفنادق والأماكن السياحية الترفيهية والدينية، التي تم تسريح أكثر من 90 ألف من العاملين فيها.

مما تطلب تفعيل طلبات إعانة البطالة القديمة والجديدة خلال الفترة الحالية التي قد تستغرق ثلاثة أشهر تقريباً، والتي ولدت لنا ما يقرب من 10 مليون عاطل ومعطل عن العمل نتيجة الفيروس المستجد (كوفيد 19)، هذا الرقم غير مسبوق تاريخياً ومن الصعب تلبيتها من قبل الدولة وحدها دون دعم داخلي وخارجي، نتيجة المخاطر التي طالت النظام المالي وتدفق العملة الصعبة المتأتية من تصدير النفط الخام الذي هوى إلى القاع.

على الرغم من ذلك حقق للعراق إيرادات ممتازة في شهر آذار/ 2020 ما يقرب من 3 مليار دولار، في بلد فيه ثلاثة ملايين موظف و ثلاثة ملايين ونصف المليون متقاعد وشبكة حماية اجتماعية تضم مليون وثمانمائة إلف مستفيد.

أما في الجانب الاقتصادي / لا بد من تفعيل القروض المرحلية بفوائد صفرية إلى الأفراد والشركات خلال فترة الأزمة مع إعطاء فترة سداد معقولة، كذلك تأجيل سداد السلف والقروض الممنوحة لأغراض سكنية وتجارية إلى نهاية العام /2020، وتوفير السيولة اللازمة بإصدار حزمة إصلاحات فعالة من خلال إصدار أسهم وسندات مضمونة بعقارات أو أراض أو نفط يباع لاحقاً.

كما أن النقص الحاصل في المنتجات المستوردة أكانت زراعية أم صناعية (الصينية والإيرانية والتركية والأردنية) وغيرها، بسبب غلق الحدود البرية وتوقف حركة الطيران ، أعطى فرصة ذهبية للمنتجات الوطنية العراقية  لتأخذ فرصة إثبات وجودها في ظل أزمة الكورونا.

وأن أهم داعم لها المشتريات الحكومية والمواطنين، كما أن منع التجوال العام وإيقاف الزيارات الدينية، ومنع إقامة صلاة الجمعة وغلق المطاعم والمقاهي والكازينوهات والمتنزهات قد أثر بشكل واضح على مبيعات السوق المحلية بنسبة 30 بالمائة رغم التدافع على شراء المواد الغذائية والمستلزمات الوقائية والطبية في بادئ الأمر، التي أدت إلى أرتفاع أسعارها بنسبة (10  – (15 بالمائة بسبب قلة المعروض منها، وزيادة الطلب عليها.

وفي الجانب الصحي / يستلزم الأمر أعادة تنظيم شاملة داخل المستشفيات والانتقال من العلاجات الفردية إلى نهج النظام المجتمعي الذي يوفر حلولاً عند حدوث الأوبئة لجميع السكان،وفتح المراكز الصحية المغلقة داخل المناطق السكنية  لتقدم خدماتها العامة للمواطنين.

ومع اشتداد أزمة كورونا وأتساع انتشاره في إيران كان لا بد من ضرورة الحذر من اتساع الحدود المفتوحة البالغ طولها 1200 كيلومتر، وانه من الواجب التنبه إلى القادمين الشرعيين وغير الشرعيين، كالتهريب ونقل المخدرات وما يسمونهم في كردستان (القجق).

وحسب تقارير (منظمة الصحة العالمية (4) )  فان العراق يحتل المرتبة 176 أي إننا قريبون إلى الصومال، فيما الجارة إيران تحتل المرتبة 80 ما يعني وجود فارق واسع بين البلدين، إي إن إيران أفضل من العراق بنحو 100 مرتبة، فضلاً عن الاستقرار الأمني والمالي فيها، ثم آن في إيران سلطة والشارع يخشاها والمواطنون يحترمون القانون، فيما ننؤ في بلدنا بمشاكل اجتماعية وعشائرية، بينها تأثير الفصل العشائري والاعتداء على الأطباء وتهديدهم إثناء الواجب، وتحت وطأة هذه الضغوط اتخذت الحكومة العراقية قراراً مؤقتاً بإغلاق الحدود مع إيران.

أما موقف دولة الصين فقد كان موقفاً مشرفاً. فقد فتحت خطاً جوياً مباشراً مع العراق وساعدتنا بكميات هائلة من الأقنعة والقفازات والمواد المعقمة ومواد التعفير والإشعاعات المقطعية الخاصة بفحص المصابين، كما جهزتنا بأجهزة اتصالات متطورة عبر شركة هواوي المعروفة عالمياً، و بالأدوية بعدما وضعنا طلبات عن طريق مؤسسة كيماديا إلى دول عديدة وطلبنا الحصول على أدوية مكافحة الفيروس. وهي أدوية موجودة لكن بدت شحيحة نتيجة الطلب الدولي عليها.

لقد كان العراق مصدّراً للأدوية. وكان ينتح أرقى أنواع الأدوية من خلال شركة سامراء ومصانع كثيرة غيرها، لكن للأسف أصبحنا دولة مستوردة وتسببنا في تعطيل نحو 35 إلف عامل، والهدف هو تحقيق منافع للبعض مقابل هذا الاستهداف للإنتاج الوطني.

لقد عمد البعض إلى تخريب مصانع الأدوية التي هي الأفضل بين دول الشرق الأوسط، آذ تبلغ مصانع الأدوية في العراق 37 شركة تم إلغاء عنهم الضرائب والرسوم على المواد الأولية المستوردة، وطُلب منهم الاستعجال لتفعيل خطوط الإنتاج، وهي اليوم تستطيع تصنيع 40 بالمائة من احتياجات البلاد من الدواء.

وكما قال أحد الأطباء الفرنسيين (إن ضحايا الأنفلونزا لا يجلبون انتباهنا سنوياً لأننا لم نهتم إعلاميا ولم نجلبهم إلى المستشفيات. ويعتبر (الكورونا) أشبه بالكوسج (سمك القرش) الذي يرعبنا كثيراً رغم إن عدد ضحاياه في العالم سنوياً (3000) إنسان، أما (الأنفلونزا) فهي أشبه بالبعوض الذي لا يخيفنا كثيراً رغم إن عدد ضحاياه (700) إلف إنسان سنوياً).

وقد صدق رسول الله محمد (ص) حين نصح بأنه (إذا ظهر الطاعون في بلد فلا تغادروه، وإذا ظهر في بلد آخر فلا تذهبوا إليه)، إنها فلسفة العزلة ومنع انتشار الوباء كما رآها النبي محمد «ص»، منذ قرابة خمسة عشر قرنًا.. فهل من متعظ (5) ؟.

ثامناً: ترحيل مهمة وطنية العمالة الأجنبية

نتيجة وباء الكورونا انهارت أسعار النفط في العالم لأكثر من 30 بالمائة، مما دفع البنوك العالمية لتخفيض أسعار الفائدة على القروض الممنوحة، كسياسة تحفيزية لمواجهة الكساد وقلة السيولة المالية، كما قامت السعودية بضخ ما يقرب من 13 مليون برميل يومياً بدلاً من 10 مليون برميل يومياً، فأغرقت أوربا بالنفط، حتى وصل سعر البرميل إلى ما دون الـ 30 دولار نتيجة الفائض النفطي الحاصل في السوق العالمي البالغ 3،5مليون برميل يومياً، على الرغم من أن السوق العالمية تستهلك 100 مليون برميل يومياً، فيما فقد أكثر من 25 مليون عامل أعمالهم حول العالم، ونصف الطلاب توقفوا عن الدراسة، وراح البعض منهم يدرس عن بعد.

وقد ارتفعت نسبة البطالة في العراق إلى أكثر من 60 بالمائة وفق الإحصاءات الحكومية، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية والصحية التي عصفت بالبلاد، مع ضعف أداء القطاع الخاص، وعدم قدرة الحكومة على استيعاب المزيد من الشباب في وظائفها، وهو ما يجعل بقاء العمالة الأجنبية يؤثر سلباً على سوق العمل المحلية، ويزيد من صعوبة الحصول على عمل للشباب العراقي.

أما بالنسبة إلى المخالفة القانونية، فالقانون العراقي رقم (137) لسنة (2016) أقر ضمان العمل للشاب العراقي في المادة الرابعة من الفصل الثاني للعمل، باعتباره حقاً لكل مواطن قادر عليه، وتعمل الدولة على توفيره على أساس تكافؤ الفرص دون تمييز.

ويعمل معظم العمال الأجانب في تقديم الطلبات، وفي استقبال وتوصيل المرضى، وتنظيف الأرضيات في المستشفيات الخاصة، وكذلك في البيوت والفنادق ومدن الألعاب الخاصة وبعض المحال التجارية، كما يتركز عملهم في الشركات النفطية الأجنبية المستثمرة في حقولنا النفطية أيضاً.

وفي ظل الظروف الصحيّة الصعبة التي تشهدها دول العالم عموماً والعراق خصوصاُ بسبب انتشار فيروس كورونا، جاء الوقت المناسب  لترحيل العمالة الأجنبية الفائضة عن الحاجة، إما بسبب إلغاء نشاط سجلات بعض الشركات والأشخاص أو الانتهاء من استكمال المشاريع القائمة وتسليمها للجهة المُختصة، ولا يوجد لها عمل قائم حتى الآن، أن وجود هذه العمالة لا يفيد البلد إِنْ لم يكن لها عمل حقيقي ونظامي وقانوني، يكفل بقاءها ومعيشتها وعملها في البلاد بصورة صحيحة وخالية من المُخالفات القانونية.

كما يُمكن للدولة تسهيل مُغادرة بعض المُقيمين، ومن يرغب منهم، لزيارة بلده أو أهله هناك، وتذليل جميع العقبات لهم خلال الفترة الحالية التي تشهد إيقاف رحلات الطيران التجارية وتذليل جميع العقبات أمام الراغبين في مغادرة البلاد خلال الفترة الجارية.

وأن عملية الإجلاء هذه، سوف تتم من خلال التنسيق مع سفاراتهم في الدولة وكلُ من وزارة الخارجية والداخلية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بهذا نستطيع تخفيف العبء عن الأجهزة الصحية والأمنية في البلد، الذي يعيش أزمة مالية جديدة تتمثل في انخفاض أسعار النفط عالمياً والذي تعتمد عليه موازنة الدولة بنسبة تقرب من 90 بالمائة.

تاسعاً: الكورونا.. نقمة أم نعمة

كورونا أوقف أو حَد من وطيس الحروب في أفغانستان وليبيا و اليمن و سوريا المستمرة  منذ سنين، وأوقف تصوير مسلسلات رمضان التافهة التي تبثها بعض القنوات الفضائية، كورونا أوقف المهرجانات السياسية والثقافية والدينية وأغلق أفواه بعض خطباء المنابر المحرضين على الطائفية والقتل على الهوية، وبات شارع المتنبي في العاصمة بغداد (تأن فيه الرياح) بكافة صنوفها بعد أن أصبحت الصحافة الكترونية وليست ورقية، تقرئها في البيت والمقهى والمدرسة دون أن تكلفك مبلغاُ من المال يذكر .

كورونا أوقف السياحة والسفر والليالي الملاح في باريس وبيروت والقاهرة وباكو مدينة المباح.

كما وحد العالم وازدادت التبرعات والمساعدات بين دول العالم وداخل المجتمعات نفسها، وأعاد التواصل والتضامن بين الشعوب، وعزز أنظمة العمل عن بعد، وخف التلوث البيئي نتيجة توقف المصانع والمعامل، كما أعاد عادات وتقاليد قديمة نتيجة التباعد الاجتماعي،وفَعل التماسك الأسري الذي كان مفككاً.. كورونا وضع أهل الفن الهابط ومحترفي كرة القدم المتخمين وغيرهم في حجمهم الحقيقي..وجعلنا نعترف بقيمة الأطباء و الممرضين و قواتنا الأمنية الإبطال المضحين.

جميع الناس ألتزمت البيوت إلا غير المبالين منهم، وكل خائف من الموت بدأ يصلي ويتوب ويقرأ دعاء التوبة، وجعلنا نعترف كذلك بقيمة العلم والعلماء و الثقافة الصحية، وأن نشر الجهل والمجون في المجتمع من كبائر الأعمال والذنوب.

شكراً للفيروس الجديد الذي وحد العالم تحت رايته القوية، وشكراً لجمهورية الصين الشعبية الحاضن الأول لهذا الفيروس العادل، الذي لا يميز بين الغني والفقير والجاهل والعالم والمؤمن والكافر (6).

عاشراً: إحصائيات وأرقام

تسببت أزمة تفشي فيروس كورونا في استمرار تراكم خسائر قطاع الطيران حول العالم أذ أظهرت سجلات المقاصد السياحية تراجعًا حادًا في حركة المسافرين عالميًا بمقدار مليون سائح، وقد أدى هذا الانخفاض الحاد في حركة الطيران الدولي إلى خسارة حوالي 1.3 تريليون دولار، وأهمية هذا الرقم يمكن تخيله إذا قلنا أنه يساوي 11 ضعف الخسارة التي تكبدها العالم جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة في عام / 2009.

والإصابات بالوباء لم تعد باقية كما هي، فهي في تزايد متصاعد، مما يلفت الانتباه إلى إجبار السلطات في أكثر من بلد إلى اتخاذ إجراءات وقائية مشددة، والى العودة من جديد إلى ما يشبه إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في بدايات انتشار الجائحة، وصدمتها الإنسانية. فضلا عن التناقضات في التصريحات والإخبار والتعليقات من جهات متعددة، طبية وعلمية وإعلامية وغيرها، ويقع المرء إزاءها في حيرة أحيانا كثيرة وشك في المصداقية والشفافية والمساءلة والمسؤولية، وفي انتشار العدوى وأرقام الضحايا والإحصاءات التي تنشر يوميا، ومدى تطابقها مع الوقائع واليوميات المعلنة، وتحرك بأشكال متعددة قناعات بنظرية المؤامرة التي يراد طمسها أو الصمت عليها رغم شيوعها.

الأرقام التي نشرها موقع الكتروني متابع تثير الفزع أو تؤشر إلى تصاعد وارتفاع في الخطر والخطورة،هذا الموقع، واسمه، وورلدمترز، world meters يقدم إحصاءات متابعة باستمرار، عن عدد الإصابات في العالم ويذكر أنه تجاوز 522 مليون إصابة، وعدد الوفيات تجاوز6 مليون وعدد الذين شفوا بعد الإصابة بلغ حوالي الستين مليون.

وفي العراق يقدر عدد الاصابات مليونين ونصف المليون إصابة، والوفيات تقدر ستة وعشرون ألف وفاة. وهذه الأرقام التي نشرت وعلم بها رسميا، حين كتابة الموضوع، وبالتأكيد هناك حالات لم تسجل ولم يبلغ عنها، من أصحابها أو دولها وأوضاعها العلمية والعملية. وفي كل الأحوال تبقى أرقاماً مفزعة، الحديث فيها وعنها أصبح بالملايين، والتهديدات ألان بالموجة الثانية والثالثة والرابعة للجائحة،التي " أستمرت حتى نيسان/ أبريل من عام    2022. (7)

وتشير تقديرات لمنظمة الصحة العالمية عرضت يوم الجمعة الموافق 20 مايس 2021 إلى إن الوباء تسبب حتى ألان "بنحو 6 إلى 8 ملايين" وفاة مباشرة وغير مباشرة. وقالت الطبيبة (سميرة اسما) مساعدة المدير العام للمنظمة المكلفة المعطيات إن "هذا يتوافق مع تقديرات مماثلة تجمع على إن العدد الإجمالي للوفيات هو أعلى بمرتين أو ثلاث مرات على الأقل".

لم تسلم جميع دول العالم من فيروس كوفيد -19، ولا يبدو أن الإجراءات التي يتم اتخاذها في الدول العربية، وخاصة الإجراءات الوقائية منها (إيماءات الحاجز، حظر التجمعات، وارتداء الأقنعة) كافية لمكافحة هذا الوباء بشكل فعال، وبشكل عام يعد العراق البلد الأكثر تأثرا في العالم العربي بالإصابات، والثالث في آسيا بعد الهند وإيران، وتليه المملكة العربية السعودية والمغرب والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وعمان ومصر … وهذه البلاد تعلن عن أعداد اصابات أكثر وأكثر كل يوم.

لكن المتنبي وطبيب الاعشاب العراقي المولد/ لبناني المسكن (أبو علي الشيباني) يزف لنا بشرى اكتشافه دواء لوباء الكورونا وكما ورد في موقعه الرسمي !!.

(علاج المنادي أبو علي الشيباني لجميع الامراض تمت الموافقة عليه من USA،  FDAبعد تجارب كثيرة ونجحت التجارب بتفاعل مرعب وسيحول من خليط اعشاب الى دواء كبسول او شراب او غيره، ويوزع في جميع انحاء العالم،والعلاج لا يستطيع أحد أن يزوره لأن فيه باركود تلتقط صورة للباركود يأخذك الى شركة التصنيع وتم الفرض عليهم ان يكتبون على العلبة - لبيك يا قائم أل محمد - ولأحظو النقش على الكبسولة والغلاف (SHIBAGICO5)، وهذه بفضل الامام المهدي 40 براءة أخترع تتم الموافقة عليها، نحن هكذا نرد على المستهزئين لا بالشتم ولا القتل). (8)

***

شاكر عبد موسى/ كاتب وأعلامي

.............................

المصادر والإيضاحات:

France24 / تاريخ ظهور فايروس كورونا.. اللغز الذي حير العالم/ بقلم بوعلام غبشي في 7 مايس 2020.

جريدة الغد الاردنية.. في 2 مايس 2020.

CNBC عربية – 21 تموز 2021.

مدونات البنك الدولي.. 4 كانون الثاني 2020.

موقع بيان للناس.. 20 أب 2021.

BBC Newsكانون الثاني 2021.

BBC News 26كانون الثاني 2021.

الموقع الرسمي لأبو علي الشيباني.

منظمة الصحّة العالمية: هي واحدةٌ من عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة متخصصة في مجال الصحة. وقد أُنشئت في 7 أبريل 1948. ومقرها الحالي في جنيف، سويسرا، ويدير السيد تيدروس أدهانوم المنظمة. وهي السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة فيما يخص المجالَ الصحي.

 هوامش

(1) France24 / تاريخ ظهور فايروس كورونا.. اللغز الذي حير العالم/ بقلم بوعلام غبشي في 7 مايس 2020.

(2) جريدة الغد الاردنية.. في 2 مايس 2020.

(3) CNBC عربية – 21 تموز 2021.

(4) منظمة الصحّة العالمية: هي واحدةٌ من عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة متخصصة في مجال الصحة. وقد أُنشئت في 7 أبريل 1948. ومقرها الحالي في جنيف، سويسرا، ويدير السيد تيدروس أدهانوم المنظمة. وهي السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة فيما يخص المجالَ الصحي.

(5) مدونات البنك الدولي.. 4 كانون الثاني 2020.

(6) موقع بيان للناس.. 20 أب 2021.

(7) BBC News..26كانون الثاني 2021.

(8) الموقع الرسمي  لأبو علي الشيباني.

في المثقف اليوم