شهادات ومذكرات

بمناسبة ذكرى رحيل أيقونة العراق الموسوعية

zaheed albayatiبعد 46 عاما على رحيله ما زال الراحل مصطفى جواد حارسا للغة العربية

بعد مرور نحو نصف قرن على رحيل ايقونة العراق الموسوعية، ما زالت اللغة العربية تفتقد حارسها المخلص الأمين مصطفى جواد الذي ودع الحياة في 17 / 12 / 1969 ولا نريد اعادة سرد تلك المعلومات المكررة هنا بقدر محاولة لقراءة جواد من خلال عيون الآخرين واقوال نخبة من العلماء والاكاديميين والكتاب بدءا باستاذه "طه الراوي" الذي كان أول من أهداه كتاب المتنبي لما وجده يحفظ له قصيدة طويلة بساعة واحدة وبصوت شعري سليم بأوزانه، ومنها بدأ يشق طريق التألق والابداع والشهرة عبر محطات ليست يسيرة فكانت محطة الأب انستاس الكرملي مدخلا الى مكتبة ضخمة غنية بالمراجع والمخطوطات الى جانب صفحات "مجلة العرب " قبل الرحيل الى اروقة جامعة السوربون الشهيرة .. ليواصل ابداعه في اكثر من مجال بعد عودته حتى اصبح ما عليه نحاول الوقوف على ما قيل فيه :

882-zahid

-وصفه شيخ بغداد العلامة الراحل د. حسين علي محفوظ :

كان مصطفى جواد مرآة تاريخ بغداد، ومرآة خطط بغداد .. و يعد من فلاسفة النحو العربي، وهو من أعلام المؤرخين وأكابر المحققين. لا بل هو في الطراز الأول في العربية والتحقيق والتاريخ، استاذ الكل واليه تنتهي المعرفة في اللغة والتاريخ في عصره.

 

- الشاعر الراحل مصطفى جمال الدين رثاه بعد وفاته بقصيدة رائعة قال فيها:

ضاحٍ على وهج الحروف توقدا هيهات يُطفئ لمحَ عينيه الردى

ومحطمٌ سُدَفَ الخلود بروحه هل كيف يلقاهُ رتاجاً موصدا

يا حارس اللغة التي كادت على صدأ اللهى أن لا يرنّ لها صدى

هبّت عليها الحادثات فلم تدع غصناً بعاصف حقدها متأودا

فأقام محنتها على حيث إلتقى بيديه صحو الأمس يبلغها الغدا

 

- رئيس المجمع العلمي العراقي الاسبق الراحل الدكتور عبد الرزاق محي الدين قال فيه:

مصطفى جواد رجل في مجمع ومجمع في رجل .. لقد أولدك العراق فكنت من انجب ابناءه راعيا لطامس اثاره وكاشفا عن دارس اخباره،وتبنتك العربية فكنت من اكرم ابنائها برا بها وحدبا عليها بل كنت من صفوة الصفوة ولب اللباب .

 

- شيخ المؤرخين العرب الراحل د. حسين امين تحدث عنه:

مصطفى جواد عراقي اصيل، رجل صريح، صادق الكلمة، لا يخاف من احد، وصرح انه من قرة تبة، وانه تركماني الاصل الذي جمع بين الاصل التركماني والابداع اللغوي في العربية ذلك الابداع الكبير ..مصطفى جواد النبتة اليانعة، المؤرقة، المثمرة، التي اعطى للعربية الكثير من الابداع والتطوير والازدهار، و يستحق من الدولة ان تكرمه ومن الشعب ان يذكره، دائما لما قدمه للثقافة العربية من علوم رائعة .. شخصية نادرة أنجبته العراق، ولا يزال العراق يفتخر بمصطفى جواد، ويعد رمز من رموز العراق الكبيرة ..

 

- النحات الراحل محمد غني حكمت الذي يحتفظ بقالب جبسي لوجه مصطفى جواد في مشغله منذ وفاته على امل تجسيده في نصب خاص به ورحل قبل ان يحقق أمله تحدث في الفيلم الوثائقي الذي يحمل اسمه واصفا اياه :

ابالغ اذا قلت .. مصطفى جواد جعلني أعشق العراق أكثر، وهو عاشق كبير للعراق، فقد تعلمت منه كيف احب العراق ..

 

- الموسوعة الحرة (وكيبيديا):

مصطفى جواد، علّامة ومؤرخ لغة عربية عراقي. يُعَد أحد عمالقة اللغة العربية البارزين في العراق الذين خدموا اللغة العربية وأسّسوا قواعدها. كان معلما ومربيا ورائدا وأديبا وفنانا وفيلسوفا وعبقريا. وبالرغم من كونه تركمانيا، إلا أنه خدم اللغة العربية أكثر من لغته الأم التركمانية، وقال كلمته المشهورة "جئت لأعلم العرب لغتهم". وكتب العديد من الأبحاث عن اللغة العربية وله مؤلفات حول سُبُل تحديث اللغة وتبسيطها. واشتهر لدى عامة الناس بسبب برنامجه التلفازي والإذاعي اللغوي الشهير "قل ولا تقل"، الذي تم إصداره لاحقا في كتاب.

 

- الراحل الدكتور علي جواد الطاهر قال عنه في أربعينية وفاته:

أمّا مصطفى جواد فليس كنزاً بهذا المعنى المادي، وبهذا المفهوم الضيّق، إنّه كنز ضاع دون أن يستثمر، وتبدد قبل أن يستنفد. لقد ذهب الرجل وذهب الكنز معه، ولا يمكن في هذه الحال ردّ الفائت وتعويض الخسارة.

 

- الكاتب توفيق التميمي دون عنه في الصباح:

مصطفى جواد واحد من اولئك المثقفين العراقيين التركمان الاصلاء. انه من عمالقة اللغة العربية البارزين في العراق الذين خدموها وأسسوا قواعدها وذادوا عن حياضها من اللحن والدخيل الطارئ والشاذ، حتى حاز على لقب اجمعت عليه الأوساط الشعبية والأكاديمية وهو حارس اللغة العربية، فالمرحوم مصطفى جواد كان وما زال رمزا تركمانياً عراقيا خالداً خدم العراق وشعبه طيلة حياته، فكان معلما ومربيا ورائدا وأديبا وفنانا وفيلسوفا وعبقريا، يحق لأبناء شعبه العراقيين بكل تلوناتهم العرقية والدينية الافتخار به..

 

- شيخ الوثائقيين العرب الراحل د. سالم الآلوسي قال عنه:

لم تجتمع في اي شخصية عراقية، كما اجتمعت فيه هذه الصفات كمؤرخ وأديب وعالم في اللغة وعالم في الفلكلور، وعالم في البلدانيات .. هذه هي التي ميزت مصطفى جواد وجعلته مميزا من بين الشخصيات العلمية والأدبية ليس في العراق فحسب وانما على مستوى الوطن العربي..

لم يلمس اي فرد من اصدقائه ومحبيه اي ميل الى اي طائفة، المسيحيون يحبونه،اليهود،الشيعة، السنة، الأكراد يدينون له بالأكبار، وبالاعجاب المطلق، لانه يمثل الشخصية الوطنية العراقية .

 

امام هذا الكم من الكلم الطيب بحق مصطفى جواد من كبار الادباء والمثقفين ليس لنا الا القول في ذكرى رحيله سوى بانه كان حقا انسان بمرتبة عالم، وعالم بمرتبة مواطن .. ومواطن بمرتبة عراقي .. ومثال استطاع تغليب العراقية على العرقية، مجسدا روح المواطنة بأروع صورها .. ما احوج العراق اليه والى نماذج من نوعه في يومنا العصيب هذا؟

 

زاهد البياتي

كاتب وباحث

في المثقف اليوم