شهادات ومذكرات

ايقونة العشق الالهي.. صفوة العاشقين السيدة رابعة العدويّة

فليتك تحلو والحياة مريرة .... وليتك ترضى والانام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر .. وبيني وبين العالمين خراب

اذا صحّ الود فالكل هين .. وكل الذي فوق التراب تراب

رابعة العدوية المولودة سنة (مائة للهجرة والمتوفاة سنة مائة وثمانون هجريه)وتكنى بأم الخير، عابدة مسلمة واحدى الشخصيات التاريخية المشهور ة في عالم التصوف الاسلامي.وتعتبر موءسسة احد مذاهب التصوف الاسلامي وهو مذهب الحب الالهي..

اصلها ونشاتها

هي رابعة بنت اسماعيل العدوي شخصية عراقية، ولدت في مدينة البصرة، من اب عابد فقير، يعمل بقارب لنقل الاشخاص في احد انهار البصرة مقابل دراهم معدودة، وهي ابنته الرابعة وهذا يفسر تسميتها رابعة..وقد ذكر فريد الدين العطار ان الليلة التي ولدت فيها رابعة لم يكن يوجد في بيتهم شئ من المال او الماكل الى حد ماكان لهم شئ من الدهن ولازيت مصباح يشعل ولاخرقة يلفونها بها وكان له ثلاث بنات ولهذا سماها رابعة..وقد دعته زوجه للذهاب للجيران للحصول على زيت لاضاءة القنديل-على الرغم من انه عاهد الله على الا يطلب شيئا من احد-ذهب وطرق الباب فلم يفتح له احد هنالك اطرق على ركبتيه ونام، فراى النبي في منامه يقول له:لاتحزن فهذه الوليدة سيدة جليلة القدر، وان سبعين الفا من امتي ليرجون شفاعتها ثم امره ان يكتب ورقة للامير يروي فيها حلمه ويطلب منه ويدفعا عن طريق الحاجب ، وبالفعل ماان استيقظ حتى قام بذلك فلما قرا الامير الرسالة قال :انا ساذهب اليه وامسح لحيتي باعتاب بابه لارى هذه الطفلة الجليلة..

وقد توفي والدها وهي طفلة دون العاشرة ولم تلبث الام ان لحقت به، لتجد رابعة واخواتها انفسهن بلا عائل يعينهن على الفقر والجوع، سوى القارب الذي كان يعمل عليه الوالد، فذاقت هي واخواتها مرارة اليتم والحرمان، ثم حصل بالبصرة وباء وقحط او وباء وصل حد المجاعة ثم فرق الزمن بينها وبين اخواتها ، فاصبحت رابعة وحيدة مشردة، وادت المجاعة الى انتشار اللصوص وقطاع الطرق فخطفت رابعة وبيعت بست دراهم لاحد التجار القساة من ال عتيق واذاقها التاجر سوء العذاب، وقد هربت منه في احد الايام ثم سقطت على الارض وخلعت يدها فوضعت خدها على التراب مناجية ربها فقالت: يالهي انا غريبة ارسف في قيود الرق ولكن غمي الكبير هو ان اعرف اراض انت عني ام غير راض؟ فسمعت صوتا يقول (لاتحزني ففي يوم الحساب يتطلع المقربون في السماء اليك ويحسدونك على ماستكونين فيه) فلما سمعت هذا الصوت عادت الى بيت سيدها وصارت تقوم الليل وتصوم النهار وتخدم سيدها فادرك هذا السيد مقدار تهجدها وعبادتها الخالصة لله فاطلقها..وقد اختلف الموءرخين على تحديد هويتها فالبعض يرون ان ال عتيق هم بني عدوة لذلك سميت العدوية..

اختلف الكثيرون في تصوير شخصيتها وقد صورتها السينما المصرية في فيلم سينمائي مصري قامت ببطولته نبيلة عبيد تصور الجزء الاول من حياتها على انها فتاة لاهية تمرغت في حياة الغواية والشهوات قبل ان تتجه لطاعة الله، لكن الحقيقة ان هذه الصورة غير صحيحة بالرغم من تاييد البعض لها فهي تبقى عارية عن الصحة لانها نشات في بيئة اسلامية صالحة حفظت القران الكريم وتدبرت اياته وقرات الحديث وتدارسته وحافظت على الصلاة وهي في عمر الزهور وكما نعلم فان التعلم بالصغر كالنقش على الحجر وهذا مااثمرته مسيرة هذه الانسانه العابدة الزاهدة التي تفرغت للعبادة والايمان ووجدته بديلا عن الحياة والزوج والولد..وهذا مادعا اليه ايضا الفيلسوف عبد الرحمن بدوي في كتابه (شهيدة العشق الالهي) لان الوراثة والبيئة تحكم سلوكيات الانسان ببناء قاعدة اساس يستند عليها في حياته..

وقد كانت رسالتها لكل انسان (ان نحب من احبنا اولا وهو الله)

ورابعة تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، ذلك انها كانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي دفاق، ربما كانت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الذي لاتقيده رغبة سوى حب الله وحده..

شعر رابعة:

تمتعت بموهبة وتاججت تلك الموهبة بعاطفة قوية ملكت حياتها فخرجت الكلمات منسابة من شفتيها تعبر عما يختلج بها من وجد وعشق لله..

عرفت الهوى مذ عرفت هواك...واغلقت قلبي عمن سواك

وكنت اناجيك يامن ترى...خفايا القلوب ولسنا نراك

احبك حبين حب الهوى...وحبا لانك اهل ذاك

ومن اشعارها كذلك/

ياسروري ومنيتي وعمادي...وانيسي وعدتي ومرادي

انت روح الفوءاد انت رجائي...انت لي موءنس وشوقك زادي

انت لولاك حياتي وانسي...ماتشتت في فسيح البلاد

كم بدت منه وكم لك عندي..من عطاء ونعمة وايادي

حبك الان بغيتي ونعيمي...وجلاء لعين قلبي الصادي

المنهج الدراسي للمدرسة العدوية

جاءت رابعة لترسي قواعد مدرسة جديدة من نوعها في الاسلام هي مدرسة الحب الالهي، فجعلت من الحياة انشودة سماوية تهتف بحب الله، وجعلت الطاعة عملا ذات روح، وجعلت من الرضا صورة مشرفة باليقين فيها جنة الرجاء.

جعلت رابعة من خلال الحب الالهي للكون بكل مافيه وتلك اعلى واسمى ذروة الحب في تذوق الحيلة، وتسلسل من كل هذا حبها لكل مايجري به الفضاء والقدر لانهما في امر الله، وكل امر من عند الله سبحانه وتعالى فهو خير لو فهمه الناس واستوعبوه.

جعلت رابعة التقوى وحب الله طريقا للتفاهم بين الناس وبين مايجاورهم ويحيط بهم من جماد ونبات فمن اتقى الله خضع له كل شئ ومن احب الله سخرت له الحياة..وقد وضعت منهاجاوخطة لمدرستها تتلخص بعدة نقاط:

1- التوبة، وهي مزيج من الاستغفار والشوق لله

2- الرضا، وهو استيعاب ان كل شئ في الوجود من قضاء الله.

3- المراقبة وهذا الاسلوب يعتمد على طريقين1/مراقبة القلب والنفس

2/الاحساس بمراقبة الله لمخلوقاته.

4- المحبة، وهي العمود الفقري للمدرسة العدوية

وقد اعطى الله سبحانه وتعالى هذه العالمة الجليلة من الكرامات الشئ الكثير وقد تاب على يديها الكثير من الناس فكراماتها لاتحصى، وفلسفتها القائمة على الحب المطلق للذات الالهية جعلت الحياة بالنسبة لها جنة تقبع في داخلها وهي تسعى بذلك لمقابلة ربها باحلى وجه..

من اقوالها/

* محب الله لايسكن انينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه

* اكتموا حسناتكم كما تكتمون سياتكم

* سئلت رابعة اتحبين الله؟قالت نعم احبه حقا، وهل تكرهين الشيطان؟فقالت ان حبي لله منعني من الاشتغال بكراهية الشيطان.

كان هذا نزر يسير من سيرة استاذة علم النفس الصوفي وصفوة العاشقين السيدة رابعة العدوية..

 

مريم لطفي

......................

المصادر

المذاهب الصوفية ومدارسها-تاليف:عبد الحكيم عبد الغني قاسم

شهيدة العشق الالهي- رابعه العدوية/ تاليف:عبد الرحمن البدوي

تذكرة الاولياء –شيخ فريد الدين العطار، مصحح: احمد ارام

موقع ويكيبيديا-رابعة العدوية

 

في المثقف اليوم