نصوص أدبية

ترنيمتان أخريان

 

برغيفٍ من عناق ٍ ..

وبكأسٍ من شذا الجيدِ ..

وتمْر ٍ

من بساتينِ الفمِ ..

 

وتوضّأتُ ..

فصلّيتُ صلاة َ الفِطرِ والأضحى ..

وصلّيتُ التراويحَ قنوتاً..

طفتُ من حولِكِ سَبعاً..

كطوافي قبلَ عِقدَينِ بروضِ الحَرَمِ!

  

وتهجّدْتُ ..

وسَبَّحْتُ ..

ورتَّلتُ جَهوراً سُوَرَ:

" الإنسانِ " .. و" التوبةِ " ..

و " الإخلاصِ " .. و" الفتحِ " ..

وبعضَ:

" النحلِ " و " " الفرقانِ " ..

" طه " ... " مريمِ " ..

 

ثمَّ أمْسَكتُ نهارينِ وليلينِ

فما حدّثتُ إلآكِ ..

ولا أبْصَرْتُ إلآكِ ..

ولا هاتفتُ إلآكِ ولو

في حُلُمِ ..

 

لم أكن وحديَ أمْسَكتُ

فقد أمْسَكَ:

قيثاري ..

وعطري ..

ومُزاحي بين ندماني ..

وحتى قلمي:

 

كلما حاولتُ أن أكتبَ عن زنبقِ خصر ٍ

وغزالٍ نافرِ الصدرِ:

رماني خارجَ السَّطر ..

وفرُّ الحرفُ مذعوراً

فرارَ الحُلمِ في يقظةِ عينِ النُّوَّمِ

  

ورباباتي:

إذا حاولتُ أنْ أنسجَ لحناً

عن شذا فاتنة ٍ أخرى

تشظتْ غضباً

واغتاظَ مني نغمي!

  

ودروبي أمْسَكتْ: زمّتْ رصيفاً

وأشاحَتْ وجهَها

عن قدَمي!

 

ذات يوم ٍ:

لطمَ الجفنُ عيوني

عندما حَدَّقتُ سَهْواً

بمَهاة ٍ

ترتدي مثلكِ شالاً من حرير ٍ

شعَّ من تحتِ حِجاب ٍ

لونُهُ لونُ دمي!

 

أفما حانَ سحوري؟

فاسقِني منكِ ولو بعضَ حروفٍ

من فُتاتِ الكَلِمِ ..

 

أنا أرضى

برذاذٍ من ينابيعِكِ ..

أرضى

بدخانِ الموقِدِ الشتويِّ والتنّورِ ..

بالفُضْلةِ من قهوتِكِ المُرَّةِ ..

من واحاتِكِ الصُّوفيَّةِ الأورادِ

أرضى

بزهورِ العَلقمِ!

 

آن َ للقيثارِ أنْ يملأ كأسَينا

بخمرِ النَّغمِ ..

 

مرَّ يومانِ على إمْساكِ:

عينيَّ ..

ضلوعي ..

شفتي ..

صدري ..

يدي ..

حضني ..

وسَمعي ..

فمتى تنصبُ ليْ مائدة َ الجنَّةِ؟

قمْ نحرثُ حقلَ الشوقِ

نستسقي لهُ الأمطارَ والشمسَ ..

قُمِ

 

حَرَّمَ اللهُ على الينبوعِ

أنْ يُظْمِئَ أفوافَ الفراشاتِ

وزهرَ البُرعمِ

 

مُسْلِمٌ أنتَ ..

فلا تمْنعْ نميراً

عن ظميء ٍ مُسْلِمِ

 

 (2)

أنا آخرُ العشّاقِ من أحفادِ " أنكيدو " ..

وأنتِ بقيّة ُ الوحشيّةِ الأشواقِ " سيدوري " ..

هَبَطتِ إليَّ من فردوسِكِ العلويِّ ..

أنْسَنْتِ الضّواري في كهوفِ

الغابةِ الحجريّةِ الأشجارِ ..

صرنا في هوانا خارجَ التاريخِ

والكتُبِ القديمةِ والجديدةِ

واللغاتِ السّائدةْ

 

علّمْتِني كيف اصطيادُ غزالةِ المعنى

وكيف أسوقُ نحو البيدِ والواحاتِ

قافلة َ الغيومِ الشّاردةْ

 

وأعَدْتِ للأشجارِ خضرَتَها

وللأنهارِ موجَتها

وللعِذقِ اليبيسِ نضائدَهْ

 

وأعدْتِ ليْ

ما كنتُ قد أهرقتُ من ماءِ السنينِ

على رمال الأمسِ في

وطني المُخَرَّزِ بالمقابر والمشانِقِ ..

والمُسَيَّجِ بالخنادقِ ..

والمُطرَّزِ بالتصاويرِ القميئةِ ..

والمُحاصرِ بالجيوشِ الوافدةْ

 

وأقمْتِ ليْ كوخاً على سَعَةِ الهوى ..

النهرُ فيهِ الكأسُ ..

والخمرُ المَسَرَّة ُ ..

والحقولُ المائدةْ

 

وأعَدْتِ رسمَ مَلامحي ..

هذّبْتِ قافيتي ..

قتلتِ المارقَ الشيطانَ في جسدي ..

هَدَمْتِ جميعَ حاناتي القديمةِ ..

والكهوفِ الفاسدةْ

 

آمنتُ بعد ضلالتي:

فاللهُ واحدُ ..

واليقينُ الحقُّ واحدُ ..

والتي ليستْ تسمّى:

واحدةْ ..

 

وأنا الفقيرَ إلى هواكِ اثنانِ:

جذرٌ ضاربٌ في عُمْقِ طينِ الأمسِ ..

جذرٌ لا رفيفَ لهُ ..

وغصنٌ دون ظِلّ ٍ تسْتبيهِ الرِّيحُ ..

أنتِ جمَعْتِني

فأعَدتِ جذري للغصونِ ..

وللنخيلِ قلائدَهْ

 

وبعثتِ نهري من رميمِ جَفافِهِ

فاخْضَرَّ شاطئُهُ المُقرَّحُ

واسْتعادَ روافدَهْ

 

طوبى لنهري

في تلاشيهِ المُباركِ في حقولِكِ ..

لانبعاثي فيكِ طِفلاً شاعراً

يلهو

فينسجُ من خيوطِ الماءِ قرطاساً

ليكتبَ بالضياءِ قصائِدَهْ

 

عينايَ زائدتانِ

إنْ لم تُطبِقا جفناً عليكِ ..

ورحلتي إنْ لم تكوني يا مُقدَّسة ُ

البداية َ والنهاية َ

زائدةْ

 

20/5/2011

السماوة / أبو ظبي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1774 الثلاثاء 31/05 /2011)

 

 

في نصوص اليوم