نصوص أدبية

كـتـاب الـحـب (1): فـصـل الـقُـبـلـة / يحيى السماوي

 

فـمـي قـلـمٌ

لا يُـحـسِـنُ الـكـتـابـةَ

إلآ

فـي دفـتـر شـفـتـيـك

*

 

لـن يـكـون بـعـيـدا ً

الـيـومُ الـذي يـتـآلـفُ فـيـه :

الـخـبـزُ مـع الـجـيـاع ..

الـعـشـبُ مـع الـصّـحـارى ..

والـحـدائـق مـع الـعـشّـاق ..

هـذا مـا قـرأتـهُ

فـي كـتـاب عـشـقـي

الـمـكـتـوب عـلـى فـمـي

بـمِـدادِ رضـابـك  !

*

 

قُـبـلـة ً قُـبـلـة ً :

تـصّـفـحـتُ كـتـابَ جَـسَـدِك ..

 

يـا لـبـلاغـتِـهِ !

حـتـى الـفـارزةُ فـيـه

جُـمـلـةٌ مُـفـيـدةٌ

تـامَّـةُ الـلـذة !

*

 

كـتـابُ جـسـدِك

حـفـظـتـهُ عـن ظـهـر لـثـم ..

وعـن ظـهـر شَـمّ ٍ حـفـظـتُ عـطـرَه !

إنـه الـكـتـابُ الـوحـيـدُ الـذي

كـلـمـا   شـربـتُ سـطـورَه

إزددتُ عـطـشـا ً لإعـادةِ قِـراءتـه  !

*

 

سـفـيـنـةُ ثـغـري

لا تـرسـو

إلآ

فـي مـرفـإِ شـفـتـيـك ..

 

أيـا ً كـان ظـلامُ الـسّـواحـل

فـأنـا سـأهـتـدي إلـيـك

كـمـا يـهـتـدي الـفـمُ إلـى الـفـم

فـي قـبـلات الـوداع

مُـهـتـديـا ً

بـعـطـر زفـيـرك!

*

 

كـيـف سـأعـرفُ أنـنـي شـهـريـارُك

لـو لـم تـكـونـي شـهـرزادي ؟

إسـجـري تـنّـورَ الـعـنـاق

فـأنـا لـن أقـنـعَ

بـألـفِ قُـبـلـةٍ وقـبـلـة

*

 

أخـمـرةٌ صـوفِـيَّـة ٌ

عَـتَّـقـهـا فـي ثـغـرِكِ الـعـشـقُ

يـرى شـاربُـهـا الـفـردوسَ

فـي دُنْـيـاهْ ؟

 

أسْـكـرَنـي حـيـن رشـفـتُ الـقُـبـلـةَ الأولـى

فـجُـنَّـتْ شـفـتـي

وأدْمَـنَـتْ أوردتـي طِـلاهْ

 

فـكـيـف لا يـسْـكـرُ هـذا الـثـغـرُ

مـن شـذاهْ ؟

*

 

مـا لـعـصـفـور فـمـي ؟

لـقَـطَ مـن  حـقـولِ  شـفـتـيـكِ

بَـيْـدَرا ً مـن قـمـح ِ الـقـبـلات

ولا تـزالُ حَـوصَـلـتُـهُ

فـارغـة !

*

 

لـيـسَ ذنـبـي

إنـهُ ذنـبُ شـفـتـيـكِ

فـهـمـا أغـويـتـانـي

بـمـضـغ زهـور شـجـرة الـرمّـان !

*

 

فـي حـضـرةِ  شـفـتـيـك

تـسـتـغـنـي نـحـلـةُ فـمـي

عـن زهـور الـقـرنـفـل والـجـلّـنـار

*

 

إفـتـحـي مِـكـحَـلـة َ فـمِـك

لِـمِـرْوَدِ لـسـانـي

لأُكَـحِّـلَ بـرضـابـك

شـفـتـيَّ الـيـابـسـتـيـن

*

 

قـلـمُ لِـسـانـي لا يـكـتـب

إلآ

بـمِـدادِ رضـابـك

*

 

فـمـي طـفـلٌ عـنـيـدٌ

لا يـقـنـعُ

إلآ

بـحـلـوى شـفـتـيـك

*

 

جَـنّـةٌ بـعـد أخـرى تـتـكـشّـفٌ لـي

وأنـا أشــمُّـكِ مـثـلَ زنـبـقـةٍ

وأقـشِّـرُكِ كـبـرتـقـالـة

لأحـصـي مـسـامـاتِـكِ بـالـقـبـلات !

*

 

شـفـتـايَ ـ لا الـبـسـاطَ الأحـمـرَ ـ فـرشـتـهـمـا

لـجـلالـة ِ شـفـتـيـك ..

فـتِّـشـي عـيـنـيَّ

أهـدابُـهـمـا تـتـراقـصُ

عـلـى عـزف نـبـضـي

 

مـادام جـسـدُكِ يـؤمِـنُ

بـعـقـلِ أصـابـعـي

فـلـيَـتَّهِـمْـنـي الـعـالـمُ

بـالـجـنـون  ..

مـا  لـي والـعـقـل فـي الـزّمـن الأحـمـق ؟

*

 

الـقُـبـلـةُ :

بـوصـلـةُ فـمـي

لـتـحـديـد اتّـجـاه الـقِـبـلـة !

*

 

سـأرضـى

مـن زهـور يـاسـمـيـنِ  صـدرِك  :

بـرائـحـة ِ الـقـمـيـص ..

مـن شـفـتـيـكِ :

بـقـبـلـة  ..

مـن فِـضّـة ِ جـيـدِك :

بـالـنـدى ..

مـن سـاقـيـكِ :

بـعـزفـهـمـا عـلـى الـرصـيـف  ..

مـن عـيـنـيـكِ :

بـفُـضـلـةِ كُـحْـلِ الأجـفـان ..

مـن خـصـركِ :

بـشـمِّ وردة الـسُّـرَّة ..

ومـن جَـنَّـتِـك :

بـعـطـر الـتُّـفـاحـة ِ الـمُـحَـرَّمـة !

*

 

الـوردُ لا يـسـتـنـشِـقُ عـطرَه ..

والـقـيـثـارُ لا يـعـزفُ لـنـفـسِـه ..

فـاعـذري فـمـي

إنْ  كَـرَّ عـلـى شـفـتـيـك !

 

لـقـاءٌ دون قـبُـلات :

كـصـلاة ٍ دون وُضُـوء !

*

 

مـنـذ عـصـور الـنـار الأولـى وأنـا :

فـمـي يـدَّخِـرُ الـقُـبُـلات ..

مـوقِـدي يـدَّخِـرُ الـدِّفء ..

سـريـري يـدَّخِـرُ الأنـيـن ..

أبـجـديّـتـي تـدَّخِـرُ الـشِّـعـر ..

وغـيـومـي تـخـزن الـمـطـر  !

 

إذا  لـم نـسـجـرْ تـنـورنـا

فـكـيـف سـيَـنـضـجُ رغـيـفُ الـلـذة

ويـغـدو رمـادُنـا كُـحْـلا ً لـلـعـاشـقـيـن ؟

*

 

مُتـوغِّـلا ً فـي أخـضـرك :

أمَـشِّـطُ شـفـتـيـك بـالـقـبـلات ..

وجـدائِـلَ دِفـئِـك  بـيـدي ..

فـدَعـي قِـيـثـارك واسْـمـعـي رفـيـفي

عـلـى وقـع ِ أنـيـن الـسَّـريـر !

*

 

جـسـدُكِ بـحـرٌ

سـاعـداي سـاحِـلاه ...

كِـتـابٌ

أتـصـفَّـحُـهُ بـأحـداقـي

وأتـهـجّـاهُ بـالـقُـبُـلات

*

 

طـوفـانُ أنـوثـتِـك

رمـى رجـولـتـي

عـلـى سـاحـل سـريـرك

فـتـكـسّـرتْ أمـواجُ شـهـقـاتـي

قُـبُـلاتٍ

عـلـى زنـبـقِ رُكـبـتـيـك !

 

ألِـغـيـرِ تـنّـورِك حـمـلـتُ فـأسـي

مُـحْـتـطِـبـا ً

فـي الـغـابـةِ الـحـجـريّـةِ الأشـجـار ؟

*

 

فـمـي

لـن يـضِـلَّ الـطـريـقَ

إلـى شـفـتـيـكِ ..

فـالـفـراشـاتُ دلـيـلـي !

*

 

السـمـاءُ زخّـتْ هـجـيـرا ً

فـطـفـحـتِ  أرضـي سَــبَـخـا ً ..

وحـدُهُ صـوتـكِ

أعـشـبَ  مـفـازاتِ أبـجـديـتـي

 

لا تـعـطـيـنـي الـبـحـرَ ..

زهـرةُ فـمـي سـيُـكـفـيـهـا

كـأسُ قُـبُـلات

مـن قـارورةِ شـفـتـيـك !

*

 

أكـلُّ هـذهِ الـحـرائـق

وثـيـابـي مـاتـزالُ مُـبـلـلـة ً

بـدمـوع الـوجـد ؟

الـمـاءُ يـشـكـو العـطـش

فـاسْـقِـيـه

نـدى شــفـتـيـك

لـيـنـهـضَ الـرّبـيـعُ

فـي

صـحـراء فـمـي !

*

 

أنـتِ سِـرّي الـمـفـضـوح

فـعـلامَ احْـتِـرازك مـن جـهـري ؟

يـومَ سـقـطـتْ أزرارُ قـمـيـصِـكِ مـغـشِـيّـا ً عـلـيـهـا

مـن هـول شـبـقـي :

أصـابـعـي غـدتْ فـراشـاتٍ

وفـمـي صـقـرا ً يـنـهـشُ بـالـلـثـم ِ

حَـمـامَـتـي صـدرك !

*

 

لا مِـفـتـاحَ لـقـفـلِ فـمـي

كـشـفـتـيـك  ..

*

 

الـكـلـمـاتُ طـوَّبَـتـنـي قِـسِّـيـسـا ً

فـي مـحـرابِ الـورقـة ..

وثـغـرُك تـوَّجَـنـي قـيـصـرا ً

فـي مـمـلـكـةِ الـقـبـلاتِ

فـلـذهـبِ الـرّيحُ بألـورقـةِ

مـادام فـمـي مُـمـسِـكـا ً بـصـولـجـان شـفـتـيـك

*

 

أأنـا جـهـنّـمُ ؟

مـا لـصـحـنِ فـمـي

كـلـمـا أرمـي فـيـه خـبـزَ قـبـلاتِـك

يـصـرخُ بـي :

هـل مـن مـزيـد ؟

*

 

هـاتِ كـأسَـكِ  وصُـبِّـيـنـي فـيـه

لأشـربَـكِ

قُـبـلـةً قـبـلـة !

*

 

فـي حـضـرةِ  شـفـتـيـك

تـسـتـغـنـي نـحـلـةُ فـمـي

عـن مـصِّ

زهـور الـقـرنـفـل والـجـلّـنـار

كـاسـتـغـنـاءِ يـديّ

عـن تـمـسـيـد زهـور الـيـاسـمـيـن

فـي

حـضـرة نـهـديـك

وكـانـشـغـال عـيـنـيّ عـن الأحـلام

حـيـن تُـطـبِـقـان بـأجـفـانـهـمـا

عـلـيـك 

*

 

إفـتـحـي مِـكـحَـلـة َ فـمِـك

لِـمِـرْوَدِ لـسـانـي

لأُكَـحِّـلَ بـنـداكِ

شـفـتـيَّ الـيـابـسـتـيـن

*

 

لـو لـم تـكـونـي شـهـرزادي

أكـنـتُ سـأعـرف أنـنـي

شـهـريـارُك ؟

تـمـدَّدي عـلـى عـرش سـريـرك

لأقـصَّ عـلـيـك بألـلـثـم

حـكـايـاتِ

ألـفِ قُـبـلـةٍ وقُـبـلـة

والـتـفـاحـةِ الـحـلال

الـتـي

أعـادتـنـي إلـى الـجـنـة

*

 

دعـي طِـلاءَ الـشّـفـاه  ..

دمـي أكثـرُ  حُـمـرة ً

وأشـذى

فـهـاتِـنـي شـفـتـيـك ..

***

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :200 الخميس 19 / 01 / 2012)

 

 

في نصوص اليوم