نصوص أدبية

جُرْحٌ لا أُفَرَّطُ به / أحمد الحلي


  

1

الضماداتُ نفدتْ

وما زالَ جُرْحي

ينزف !!

 

2

أنا وجُرْحي

أصبحنا متوحّدينِ

لمْ أعدْ أشكو منه

أضحى حَزُّهُ

موسيقى !

 

3

يا لحظوتي أن

أفوز بجُرْحٍ كهذا

كلّما ظمئتُ

يسقيني

شهداً مُصَفّى !

 

4

لن أجشّمَ نفسي

بعد اليوم عناءَ البحثِ

عن معنىً للوفاءِ

في عيون الآخرين

ما دام جُرحي

يفتح لي ذراعيْهِ

ومدندِناً فوق رأسي

بترانيم الأمهاتْ

 

5

لا آبهُ لكل النقود والثروات

ولن أُجهد نفسي

في البحث عنها بعد اليوم

ما دمتُ عثرتُ على كنزي

الذي سأبقى متشبّثاً به

وأعني جُرحي !

 

6

سيكفُّ  النحلُ

وكذلك الفراشاتُ

عن الذهابِ إلى الحقولِ

بعد اليوم

وستترى أفواجُها

على رحيقٍ

ينطلقُ

من جُرحي

 

7

ألمُكِ وجُرْحي

زهرتانِ في الأفقِ

أو نجمتانِ

ولِدتا للتوِّ !

 

8

ها هو جُرْحي

ينفتحُ الآنَ

مثلَ نجمةٍ سوداء

وأنا أقفُ في خشوعٍ

على حافّتهِ

قبلَ أن تبتلعني

هُوّتُهُ السحيقة !

 

9

لم يعُدْ شئٌ

من ذاتي القديمةِ

يخُصّني

كلُّ شئٍ  فيَّ

افترسه جُرحي

لم يتبقَّ سوى اسمٍ

وغلافِ شخصٍ

كان اسمُه أحمدْ !

 

10

نتمشّى أنا وجُرْحي

في الطرقاتِ

فيحارُ الناسُ ؛

أيُّنا أنا

وأيُّنا هو !

 

11

كلُّ خمورِ الأرضِ

لن تُعطي روحي نشوةً

كالتي

يهبُها لي

جُرحي !

 

12

يضوعُ عطرٌ

من جُرحي

فيتوارى من خجلٍ

المِسكُ والعنبرْ !

 

13

لا أكفُّ عن غذوِ جُرْحي

بأطايبِ الثمرِ

وهولا يكفُّ

عن تقشيري !

 

14

تصمُتُ ناياتُ الليلِ

ويرينُ على الوجودِ

صمتٌ مَهيبْ

حين يبدأُ جُرْحي

عزفه !!

 

15

لا أخالُ أن جُرْحي

في يومٍ ما سيجفُّ

ينابيعُهُ

تستمدُّ مياهَهها

من كوثر !

 

16

لم يُخلَقْ جُرحي الآنَ

فهو موجودٌ

قبلَ الكينونةِ

وبه أبرأ اللهُ

على يدي عيسى

الأكمهَ والأبرصْ !

 

17

مطمئنٌ جداً

أن جُرْحي سيحنو عليَّ

في الملماتِ

أكثر من حنوّ الأمِّ

على وليدِها !

 

18

ثمّة مجرّاتٌ وأكوانٌ

لم تُكتشفْ بعدُ

تختبئُ في جُرْحي !

 

19

بعد أنْ حلَّ جُرحي

ضيفاً غيرَ مرغوبٍ فيهِ

على قلبي

وأعياني أن أجدَ دواءً له

تأمّلْته ملياً

فاكتشفتُ أن بيني وبينه

ثمّة وشيجة

بل وصلة رحِم !

 

20

لو كان هناك بنكٌ

تودَعُ الأحزانُ فيه

لذهبتُ بجُرحي إليه

فأضعه على الطاولة أمامهم

فيبدأ موظفوه بالعدّ

ثم تأتي أجيالٌ

أخرى وأخرى منهم

دون أن يكتملَ العدُّ !

 

21

قلبي يعزفُ لكِ موسيقاه

الآنَ

وجُرْحي يُصغي !

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2024 الاربعاء 08 / 02 / 2012)

في نصوص اليوم