نصوص أدبية

باقتان من نبض القلب على ضريح سلمى / يحيـى السـماوي

  في مصابهما الجلل بالرحيل الجسدي

  لسيدتي الأخـت "أم إيلوار / سلمى كاظم فرج "

  طيّب الله ثراها

 

(1)

صـبـاح:

يا جـبـلَ الصـبـر ونهـرَ الـوفـاء

الأفـقُ مُـلـبّـدٌ بـالـمـراثي

والأعـراسُ في سُـبـات

فأعِـرْني صخـرةً من جـبـل صـبـرك

وشِـربـةً مـن زمـزم يـقـيـنِـك

وارْتِـقْ بـمَـيْــسَـمِـك أخـدودَ عـمـري

أدريـكَ لا تـخـشـى الـمـوت

لـكـنـنـي يـا صـبـاح أخـشـى الـحـيـاة !

 

مَـنْ عـلّـمـكَ الـتـبـسّـمَ وقـوسُ الـنـارِ يـلـتـفُّ حـولك ؟

أنـتَ لـسـتَ " مـوسـى "

فـكـيـف الـتـقـفـتْ عـصـا  صـبـرك كـلّ أفـاعـي الـعـذاب ؟

يـا صـبـاح : غـصـن زيـتـونـِك

قـد أصـبـح غـابـة تـمـتـدّ مـن ضـريـح الـحـسـيـن

حـتى سـريـر " سـلـمـى " ... هـنـاك : فـي الأعـالـي !

 

يـا صـبـاح :

الـدُّجـى ثـقـيـل ..

أعِـرنـي شـهـقـة ً مـن بـيـاض قـلـبـك ..

بـيـاضـه الـمـنـعـكـس فـي

مـرايـا  رأسـك

لأضـيء بـه كـهـوفَ صـبـاحـات الـوطـن !

 

لـيـسـتْ غـيـومـا ً

تـلـك الـمُـشِـعَّـةُ فـي صَـدَغَـيـك ..

ولـيـس زبَـدُ بـحـر الـسـنـيـن ..

إنـه

فـسـتـانُ " سـلـمـى "

يـوم زفّـهـا الـلـهُ إلـى قـلـبـك عـروسـا ً

" مُـقـدَّمُـهـا "  نـضـالـك

و" مـؤجَّـلـهـا "  قـلـبُـك ..

 

وأنـتَ يـا سـلام :

 ألـيـس بـلادة ً أن يـكـون الـمـرءُ

نـورانـيـاً أو حـلاجـا ً فـي الـزمـن الإسـخـريـوطـي ؟

أنـا مـثـلـكـمـا  يـا سـلام :

لا أمـلـك مـن بـقـرة الـوطـن

حـتـى  الـرّوث ..

لـذا

سـجـرتُ ـ مـثـلـكـمـا ـ ضـلـوعـي

لـيـتـدفّـأ  أطـفـالُ بـيـوتِ الـطـيـن !

فـالسـلامُ عـلـيـكـمـا  يـومَ وُلِـدْتُـمـا  فـي  الـمـوت

والـسـلام عـلـيكمـا يوم تُـبـعـثُ أشـجـارُ أحـلامِـكـمـا

فـي حـقـلِ  الـصّـحـو ..

والـسـلامُ عـلى " سـلـمى "يوم تـشـربُ " شـايَ الـزهـرة "

وتـأكـلُ " خـبـز الـعـبّـاس "

هـنـاك فـي الأعـالـي

حـيـث تـقـيـم " زيـنـبُ " مـضـافـتـهـا  لـلـواتـي  تـخـضّـبـن

بـحِـنّـاءِ صـبـرهـا !

 

يـا صـبـاح

أنـت جـبـلٌ يـمـشـي عـلـى قـدمـيـن ..

وسـلام نـهرُ يـقـيـن ..

وسـلـمـى مـحـراب ..

لا الـمـحـاريـبُ تـمـوتُ 

ولا  الـيـقـيـنُ والـجـبـالُ  تؤاسـى

فـ " بـأيّ آلاءِ " دمـوع ٍ أكـذِّبُ الـنـعـشَ الـمـحـمـول

عـلـى الـضـلـوع  ؟

**

 

(2)

فـي الـزّورق ِ الـمـهـجـور .. فـي شـط ِّ  " الـسـمـاوة ِ " ..

كــنـتُ مُـلـتـحِـفـا ً

جـدائـلَ نـخـلـة ِ الـلـهِ ..

 الـبـتـول ِ ..

 الـغـايـة ِ ..

 الـهـدفِ  ..

 الـوسـيـلـة ِ ..

 والـمـقـام ِ الآمـنِ الـمـحـمــودِ ..

والـوطـن ِ الـمُـؤجَّـل ِ ..

هـاربـا ً مـنـي إلـيـهـا ..

مُـطـبِـقـا ً جـفـنـي عـلـى حُـلـم ٍ شـفـيـفْ

 

حـيـنـا ً:

 أطِـلُّ عـلـى رمـادِ  تـلـيـدِ أيـامـي ..

وحـيـنـا ً:

أسْـتـجـيـرُ بـنـخـلـةِ الـلـهِ الـجـلـيـلـةِ

أنْ تُـبـكِّـرَ بـالـفـسـيـلـة ِ

والـطـريـفْ

 

فـزَّ الـفـؤادُ عـلـى زيـارةِ هُـدهُـدِ الـرُّؤيـا ..

أفـقـتُ مُـضَـرَّجـا ً بـالـجـمـر ِ ..

زُلْـزِلـتِ الـضـلـوعُ ..

هـرعـتُ مُـلـتـجِـئـا ً إلـيـك َ :

" صـبـاحُ "  أنْـجِـدْنـي 

فـقـلـبـي كـاد  يـنـضـبُ فـي جـداولِـهِ الـرّفـيـفْ

 

مـا لـلـسـمـاوةِ  أجْـهَـشـتْ

والـنـهـرِ نـكّـسَ شـاطـئـيـهِ  ؟

ونـخـلـةِ الـلـهِ اسْـتـجـار هـديـلـهـا ؟

 

فـمـدَدْتَ لـيْ مـنديـلَ نـبـضِـكَ ..

قـلـتَ لـي :

" سـلـمـى " تـخـصُّـك بـالـوداع ِ ..

قـد اصْـطـفـاهـا الـلـهُ لـلـفـردوس ِ مِـئـذنـة ً ..

رأتْ مُـقَـلَ الـفـراتِ تـفـيـضُ دمـعـا ً

والـنـخـيـلَ مُـقـرَّحَ الأعـذاق ِ ..

والـبـسـتـانَ  يُـثـكـلُ بـالـحـفـيـفْ

 

ورأتْ نـهـارَ الـرّافـديـن

كـأنـهُ

الـلـيـلُ الـكـفـيـفْ

 

مـا عـاد خـيـط ُ الـعُـشـبِ  يـفـصـلُ بـيـن واحـاتِ  الـربـيـع ِ

وبـيـن صـحـراءِ الـخـريـفْ

 

فـأجـارَهـا ربُّ الـتـي مـن تـحـتِـهـا الأنـهـارُ تـجـري ..

لـم تـمُـتْ " سـلـمـايَ "

حـاشـى الـلـه يُـجـزي الـقـانـتـاتِ الـصّـابـراتِ

بـغـيـر جَـنَّـتِـهِ ..

فـطـوبـى لـلـمُـضـافـةِ بـالـمَـضـافـةِ والـمـضـيـفْ

 

طـوبـى لـقـلـبـك يـا صـبـاحُ

ولـلـتـي هـبـطـتْ عـلـيـك

 بـ " سـورةِ الـعـشـق الـحـنـيـفْ "


   السماوة

  28/2/2012

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2048 السبت 03 / 03 / 2012)

في نصوص اليوم