نصوص أدبية

كُـتِـبَ الـوفـاءُ عـلـيَّ دون إرادتـي / يحيى السماوي

 

داويـتُ جُـرحـي ـ والـزّمانُ طـبـيـبُ ـ

بـالـصّـبــرِ أطـحـنُ صـخـرَهُ وأذِيـبُ

 

لا  أدّعـي جَـلَـدا ً .. ولـكـنْ لـلـهــوى

حُـكْـمٌ  يُـطـاعُ بـشـرْعِـهِ الـمـحـبـوبُ

 

أسْــلـمْــتُـهُ أمـري ...  وأعْـلـمُ أنـنـي

حَـطـبٌ ...  وأمّـا  دربُـهُ  فـلـهــيــبُ

 

طـاوَعْـتُـهُ  رُغْــمــا ً عـلـيَّ ... لأنـهُ

كُـلّـي : صِــبـا ً وفـتـوَّةٌ  ومَــشِــيـبُ

 

جَـرَّبْـتُ أنْ لا أسْـتـجـيـبَ فـعـابَـنـي

شَـرَفي  وهـدَّدَ بالـخِـصـام ِ نـســيـبُ

 

هو من غصوني طيـنُهـا وجذورُهـا

هـل للغـصونِ من الـجـذورِ هُـروبُ ؟

 

حـيـناً يُـنيـبُ ضُحايَ عن ديـجـورِهِ

قـسْـرا ً وحـيـنـاً عن ضُـحـاهُ أُنـوبُ

 

ورأيـتُ أنّ الأصـغـريـن تـعـاضـدا

ضِـدّي وشــدَّ إلى الـبـعـيـدِ  قـريـبُ

 

كُـتِـبَ الـوفـاءُ عـلـيَّ دون إرادتـي

فـالـلـوحُ  قـبـل  ولادتـي  مـكـتـوبُ

 

أجـفـو نـعـيـمَ الـمـارقـيـن وإنْ سعى

ليْ مـنهُ صـحـنٌ بالـرحـيـقِ خضيبُ

 

ثُــلـثـا  دمي مـاءُ  الـفـراتِ  وثـلـثـهُ

طـيـنٌ بـدمـعِ الـمُـتْـعَـبـيـن   مَـذوبُ

 

**

 

قـدْ  ثـابَ لـو أنَّ  الـجـنـونَ  يَـثـوبُ

وأجـابَ  لـو أنَّ  الـقـتـيـلَ  يُــجـيـبُ !

 

صَـبٌّ ولا كالـعـاشـقـيـن : ضـلوعُـهُ

نـخـلٌ .. وأمّـا  قــلــبُــهُ  فـشـعـوبُ !

 

قـد كان أقـسَـمَ أنْ يموتَ على هوىً

وإنِ اسْـتهـانَ بـعـشـقِـهِ الـمحـبـوبُ

 

ضـاقـتْ بـهِ قـبـلَ الـدِّيـارِ صَـبـابـةً

وتــقــاذَفَــتْـهُ  مـلاجـئٌ  .. ودروبُ

 

مـا إنْ يُـكـحِّـل بالـشـروقِ جـفـونـهُ

حـتى يُـخـيـطَ الـمـقـلـتـيـن غـروبُ !

 

يمـشـي بهِ الوَجَعُ الجـلـيـلُ ويـرتعي

دمَـهُ اشــتــيـاقٌ : أنْ يُـطِـلَّ  حـبـيـبُ

 

تـلـهـو بـزورقِـهِ الـرّيـاحُ وتـسْـتـبـي

أيامَـهُ  ـ فـي الـغـربـتـيـنِ ـ خـطـوبُ !

 

"ليلاهُ"  في حُضـنِ الغريبِ سـبـيـئةٌ

أمّـا  الـعــشــيـرُ : فـبـائِـعٌ ولـغــوبُ ! (1)

 

أجَـلِ  الـبـلادُ نـجـيـبـةٌ يـا صـاحـبـي

والـنهــرُ والـنـخــلُ الجـريحُ نـجـيـبُ

 

لكنّ " بعضَ " رؤوسِــنا ياصـاحـبي

جُـبِـلـتُ عـلى فَـسَــدٍ فـلـيـسَ تـثـوبُ !

 

غـرسـوا بـنـا سُـلَّ الـشّـقـاقِ فـلـيـلُـنـا

مُــتـأبِّــدٌ ... ونـهـارُنـا  مـعــصــوبُ !

 

بِـتْــنـا لـفـأسِ الـطـائـفـيّـةِ  مَـحْـطـبـا ً

فـلـكـلِّ حـقـلٍ " مـالِـكٌ " و " نـقـيـبُ " !

 

عِـلَـلُ الـعـراقِ كـثـيـرةٌ .. وأضـرُّهـا

أنّ الـجـهـادَ :  الـذَّبـحُ  والـتـســلـيـبُ !

 

وطـنٌ  ولـكـنْ  لـلـفـجـيـعـةِ ... مـاؤهُ

قــيـحٌ ... وأمّــا  خـبـزُهُ  فــنـحــيــبُ

 

مـســلـولـةٌ  أنـهـارُهُ ... ومـهـيـضــةٌ

أطــيـارُهُ .. ونـخــيــلُـهُ  مـصـلــوبُ !

 

" قومي هـمو قـتلـوا أميمَ أخي " ولا

ذنـبٌ  ســوى أنّ الـقــتـيــلَ  لـبـيــبُ ! (2)

 

أكـذوبـةٌ تـحـريـرُنـا  يـا صــاحـبـي

والــشّـاهـدانِ : الـقـتـلُ والـتـعـذيـبُ (3)

 

أكــذوبـةٌ حُــريّـةُ  الإنــســان  فـي

وطـنٍ يـسـوسُ بـهِ الـبـلادَ غـريـبُ

 

مُـدُنٌ تُـبـادُ  بـزعْــم ِ أنَّ  مُـخَـرِّبـا ً

فـيهـا وطـبعُ "محرري" الـتخـريبُ ! (4)

 

وحْـشــيَّـةٌ تـنـدى لـقـســوةِ نـابِـهـا

خَـجَـلا ً : ضـبـاعُ بـلادهِ والـذِّيـبُ !

 

أكـذوبـةٌ أنْ يــسـتـحـيـلَ غــزالـة ً

ذئـبٌ  وبـيـتـا ً ً لـلأمـانِ  حـروبُ

 

**

 

ما  لـيْ أبـثُّـكَ يـانـديـمَ قـريـحـتـي

شـجَني وفـيـكَ من الهموم سـهـوبُ ؟

 

هــل نحـنُ  إلآ  أمّـةٌ   مــغـلـوبـةٌ

رأتِ الـمـشـورةَ مـا يقولُ مُـريبُ ؟

 

مـا نـفـعُ تـوحـيـدِ الـلـســانِ لأمّـةٍ

إنْ  لـم  تُـوحَّـدْ  أذرعٌ  وقــلــوبُ ؟

 

هيَ أمَّـةٌ أعـداؤهـا مـنها... مـتـى

طارَ الجـناحُ وبـعْـضُهُ معـطـوبُ ؟

 

مِن أيـن نـرفـلُ بالـنعـيـمِ وبـيـنـنـا

لـصُّ الـرّغـيـفِ ومارقٌ وكـذوبُ ؟

 

ومُـدجَّـجٌ بالـحـقــدِ يـنـخـرُ قـلـبَـهُ

ضَـغَـنٌ  لـه نحـو الـدِّمـاءِ دبـيـبُ ؟

 

أعـمى الـبصـيـرةِ فيهِ من أحـقـادِهِ

مَـسٌّ ومن صـدإِ الظنون ِ رسـيـبُ ؟

 

"لا يسلمُ الشرف الرفيع من الأذى " (5)

حتى  يُـعـيـدَ  طـريـفَـهُ الـمـسـلـوبُ

 

 (1) لغوب : الضعيف ، الأحمق ..

(2) تضمين لبيت الحارث بن وعلة الخرمي ونصه :

قومي همو قتلوا أميم أخي

فإذا رميتُ يصيبني سهمي

(3) إشارة إلى ممارسات المحتل في سجن " أبو غريب "

(4) إشارة إلى مدينة الدجيل الشهيدة ..

(5) تضمين من بيت المتنبي :

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

حتى يراق على جوانبه الدم

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2207   الاثنين  20/ 08 / 2012)

في نصوص اليوم