نصوص أدبية

عَدَمٌ مِنْ شِدَّةِ النِّسْيَان

hatam alkinaniالهَاوِيَةُ أَقلُّ جُنُونَاً

مِنْ نَظْرَتِكِ المُسَدَّدَة بِاتِّجَاه السَّمَاء

 


 

عَدَمٌ مِنْ شِدَّةِ النِّسْيَان / حاتم الكناني

 

(1)

فِي المَسْلَكِ الرَّمْلِيِّ المُقَدَّس

أَخْتَفِي

أَوْ رُبَّمَا

أَتَّبِع أَثَراً إِلهيَّاً

فِي الشَّارِعِ المُغَلَّفِ

بِالصَّمْتِ

أَو الحَقِيقَة

أَجْرَحُ الهَوَاءَ بِالنَّظَر

وَالنَّظْرَةَ بِاللمْسِ

والإلهَ بَالأَسْئِلَة

يَا رَبِّي..

هَا أُومِضُ بالدَّمْعِ العَاشِق!

 

(2)

أَنَا الشَّجَرَةُ المُنْصِتةُ لارْتِبَاكِ العَصَافِير

الشَّجرَةُ التِي تُوحي للصَّائِدِ بِالرَّغْبَة

وللِشَّاعِرِ بالمَوْت

أَعْجَزُ أَنْ أُوحِي لِنَفْسِي..

أَجْهَلُ الأَمَلَ

وَأَغْرَقُ فِي الحُب.

 

(3)

الخَمْرُ المَسْرُوقَةُ مِنْ فَمِ الإِلَه

.. هِيَ الحَيَاة

بِنْتُ التَّأمُّلِ المُفْرَطِ

والمُحْتَمَلِ

فِي كَلِمَةٍ وَاحَدَة

بَارَكَتْهَا الطَّبِيعَة.

 

(4)

العَدَمُ المُرْهَفُ مِنْ شِدِّةِ النِّسْيَانِ

لَا يَحْتَرِقُ

وَلَا يَمُوت

العَدَمُ المُصْمَتُ فِي الجِهَةِ العَارِيَةِ

مَنْ مَوائِدِ الجَسَد المَسْبُوقِ بِاللعْنَةِ وَالحُزْن

العَدَم المُطْلَقُ

يَبِيضُ نَهْرَاً مِنَ الأَكْوَان

الذَّاهِبَةِ إِلَى نَأْيِهَا فِي الجِهَات

هُنَاكَ..

فِي مَزْرَعَةِ الأَحْلَامِ الأُولَى

حَيْثُ تَنْزِفُ الأَصَابِعُ حَيَاتَهَا الأَبَدِيَّة.

 

(5)

أنَا حَنِينُ يَتَحَوَّلُ

بِنْيَةٌ تَرْجُمُ نَفْسَهَا بِالغَيْب

أَرْقُصُ القُرْفُصَاءَ

أَهْتَزُّ

حَتَّى أَصِيرَ سَاكِنَاً

أُلَوِّحُ بِجَسَدِي للإِله

أَنْفُخُ فِي تَصَاوِيرِي

فَتَبِيدُ فِي يَدِي

وَهَذِهِ هِيَ المُعْجِزَةُ الوَحِيدَةُ

التِي أُتْقِنُهَا بَيْنَ يَدَيْكِ.

 

سَأصِيرُ تُفَّاحَةً بَعْدَ المَوْت

هَذِهِ رَغْبَتِي

وَإِذَا كَانَ هُنَالِكَ مِنْ خِيَارٍ آخَر

سَأَغْرَقُ فِي البَيَاضِ اللانِهَائِيِّ

الذِي يَغْمُرُ شَفَتَيْكِ.

 

(6)

ذَرَّاتِي المُعَلَّقَةِ كَذَكَرٍ بَرِّيٍّ

لَا تَنَامُ

إِنَّهَا تَرْتَجِف

أَصَابِعِي تُؤْمِنُ بِاللمْسِ فَقَطْ

وَلَكِنْ…

كَيْفَ سَتَلْمِسِينَ كُلَّ تِلْكَ الأَشْيَاءِالبَعِيدَة

يَتُهَا الأَصَابِعُ الحَيَوَانِيَّة؟

قَفَصُ الوُجُودِ أَوْسَعُ مِمَّا نَرَى

أَحْيَانَاً؛ أُصَافِحُ الهَوَاءَ الذِي بِجَانِبِي

لِكَيْ أَتَذَكَّرَ أَنَّنِي أَحْيَا.

 

(7)

أَنَا الليْلَةُ المُدْبِرَة

ابْنَةُ العِنَاقِ اليَتَيمِ

وَمِيثَاقُ بُنُوَّتِي هَذِه القَصِيدَة

الهَاوِيَةُ أَقلُّ جُنُونَاً

مِنْ نَظْرَتِكِ المُسَدَّدَة بِاتِّجَاه السَّمَاء

سَتَبْتَلِعِينَ نَجْمَتَيْنِ

كَانَتَا فِي طَرِيقِهِمَا

لِلْهُروبِ مِنْ حَرْبِ التَّبَّانَة.

 

(8)

الشِّعْرُ: حِكْمَةٌ مُوصَدَة

ودٌم يَعْوِي.

 

السودان

 

في نصوص اليوم