نصوص أدبية

أبِهذا تجزينَ شوقي؟!

حسن الحضريمرَّ باللَّيلِ طائفٌ فَدَعَاني = لجميلِ الذِّكرَى وحُلْوِ الأماني

مرَّ وهْنًا فاعتَامَنِي برجاءٍ = ضلَّ منه الرُّقادُ عن أجفاني

ليس إلا سُوَيْعةً ثم جادت = بِحُداها النجومُ للرُّكبانِ

بينَ أفنانِ روضةٍ تتراءى = كخيوطِ الـسرابِ ذي الأركانِ

ناوأتْنِي بسِحْرِها مِن بعيدٍ = ثمَّ جادت بِبارقِ الأشجانِ

إنَّ عهدِي بها قريبٌ ولكنْ = هكذا ضجَّ القلبُ بالأحزانِ

رُبَّ ليلٍ كَمِثْلِ هذا بلا سُهْـ = ـدٍ ولا تَذكارٍ ولا ترجمانِ

ووصالٍ قَبْلَ النَّوَى وعتابٍ = ضلَّ في بَوْتَقِ الأسَى الفتَّانِ

فادَّكِرْ قَبْلَ ذلك البينِ عيشًا = صالحًا وادَّكِرْ قُطُوبَ الزمانِ

جادَ بَعْدَ الوصالِ بينًا طويلًا = فاستجابتْ له لحاظُ البيانِ

كلُّ عيشٍ له كذاك انقضاءٌ = غيرَ أنَّ الذِّكرَى تهِيجُ الأماني

فاذكُرِ العهدَ مدبرًا قد تولَّى = وادعُ صبرًا لجفْنِيَ الهتَّانِ

إنما العيشُ بينَ وصلٍ وهجرٍ = وعتابٍ ترقُّ فيه المعاني

غيرَ أنَّ الشُّجونَ أقْوَمُ قِيلًا = تحتَ سقفِ النجومِ في كلِّ آنِ

كيف باللهِ أدبرتْ ثم جاءتْ = تُوقِظُ الذِّكْرَ في عيونِ الزمانِ

عاجلتْها ركائبُ السُّهدِ حتَّى = أسلَمَتْها لملتقَى الأشجانِ

بعثتْ آيةَ الفراقِ وضنَّتْ = بوصالٍ قد تاقَهُ وجداني

فبعثتُ الدموعَ تَتْرَى إليها = فتأبَّتْ سِوَى أسَى الهجرانِ

لكِ منِّي مِن بعدِ هذا اشتياقٌ = وحنينٌ يجودُ بالخفَقانِ

أبِهَذا تجزِينَ شوقي وسُهدي = بصدودٍ يزيدُ مِن أحزاني

فلئنْ قالوا كاذبٌ في هواه = فَسَلِي هذا الليلَ عن أجفاني

ليتَ شِعرِي متى اللقاءُ المرجَّى = أمْ أمانٍ تَدُورُ خلفَ أمانِ

أنتِ أيقنتِ لَوْعَتِي وغرامي = فَعَلَامَ النَّوَى بلا برهانِ

فاهجري ما شاء الدلالُ ولكنْ = لكِ يومٌ يضلُّ فيه مكاني

قد حفظتُ العهودَ دهرًا ولكنْ = ذلك البينُ والنَّوَى أغواني

يا شِفاءَ الرُّوحِ الَّتي عاندَتْني = بِسُهادِ النَّوى وطُولِ الأماني

أين حُلْوُ الوصالِ أين حديثٌ = كان عونًا لنا على الأشجانِ

دَعْكَ مِن هذا الوجدِ واطْوِ لهيبًا = فاضَ منه البكاءُ كالأشطانِ

وادَّكِرْ معشـرًا أعدُّوا بِليلٍ = عُدَّةً للشَّحناءِ والشَّنَآنِ

أيريدون حَجْبَ نُورٍ تأبَّى = غيرَ إشراقِه بذِي الأكوانِ

إنَّما يحقدُ الضَّعيفُ المُعَنَّى = ليس يبغي الشِّقاقَ ذو العرفانِ

***

شعر/ حسن الحضري

 

في نصوص اليوم