نصوص أدبية
أبِهذا تجزينَ شوقي؟!
مرَّ باللَّيلِ طائفٌ فَدَعَاني = لجميلِ الذِّكرَى وحُلْوِ الأماني
مرَّ وهْنًا فاعتَامَنِي برجاءٍ = ضلَّ منه الرُّقادُ عن أجفاني
ليس إلا سُوَيْعةً ثم جادت = بِحُداها النجومُ للرُّكبانِ
بينَ أفنانِ روضةٍ تتراءى = كخيوطِ الـسرابِ ذي الأركانِ
ناوأتْنِي بسِحْرِها مِن بعيدٍ = ثمَّ جادت بِبارقِ الأشجانِ
إنَّ عهدِي بها قريبٌ ولكنْ = هكذا ضجَّ القلبُ بالأحزانِ
رُبَّ ليلٍ كَمِثْلِ هذا بلا سُهْـ = ـدٍ ولا تَذكارٍ ولا ترجمانِ
ووصالٍ قَبْلَ النَّوَى وعتابٍ = ضلَّ في بَوْتَقِ الأسَى الفتَّانِ
فادَّكِرْ قَبْلَ ذلك البينِ عيشًا = صالحًا وادَّكِرْ قُطُوبَ الزمانِ
جادَ بَعْدَ الوصالِ بينًا طويلًا = فاستجابتْ له لحاظُ البيانِ
كلُّ عيشٍ له كذاك انقضاءٌ = غيرَ أنَّ الذِّكرَى تهِيجُ الأماني
فاذكُرِ العهدَ مدبرًا قد تولَّى = وادعُ صبرًا لجفْنِيَ الهتَّانِ
إنما العيشُ بينَ وصلٍ وهجرٍ = وعتابٍ ترقُّ فيه المعاني
غيرَ أنَّ الشُّجونَ أقْوَمُ قِيلًا = تحتَ سقفِ النجومِ في كلِّ آنِ
كيف باللهِ أدبرتْ ثم جاءتْ = تُوقِظُ الذِّكْرَ في عيونِ الزمانِ
عاجلتْها ركائبُ السُّهدِ حتَّى = أسلَمَتْها لملتقَى الأشجانِ
بعثتْ آيةَ الفراقِ وضنَّتْ = بوصالٍ قد تاقَهُ وجداني
فبعثتُ الدموعَ تَتْرَى إليها = فتأبَّتْ سِوَى أسَى الهجرانِ
لكِ منِّي مِن بعدِ هذا اشتياقٌ = وحنينٌ يجودُ بالخفَقانِ
أبِهَذا تجزِينَ شوقي وسُهدي = بصدودٍ يزيدُ مِن أحزاني
فلئنْ قالوا كاذبٌ في هواه = فَسَلِي هذا الليلَ عن أجفاني
ليتَ شِعرِي متى اللقاءُ المرجَّى = أمْ أمانٍ تَدُورُ خلفَ أمانِ
أنتِ أيقنتِ لَوْعَتِي وغرامي = فَعَلَامَ النَّوَى بلا برهانِ
فاهجري ما شاء الدلالُ ولكنْ = لكِ يومٌ يضلُّ فيه مكاني
قد حفظتُ العهودَ دهرًا ولكنْ = ذلك البينُ والنَّوَى أغواني
يا شِفاءَ الرُّوحِ الَّتي عاندَتْني = بِسُهادِ النَّوى وطُولِ الأماني
أين حُلْوُ الوصالِ أين حديثٌ = كان عونًا لنا على الأشجانِ
دَعْكَ مِن هذا الوجدِ واطْوِ لهيبًا = فاضَ منه البكاءُ كالأشطانِ
وادَّكِرْ معشـرًا أعدُّوا بِليلٍ = عُدَّةً للشَّحناءِ والشَّنَآنِ
أيريدون حَجْبَ نُورٍ تأبَّى = غيرَ إشراقِه بذِي الأكوانِ
إنَّما يحقدُ الضَّعيفُ المُعَنَّى = ليس يبغي الشِّقاقَ ذو العرفانِ
***
شعر/ حسن الحضري