تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

ماريونيت

امان السيد الفايروس

الذي يمقتُ الحب،

يهوي على العشاق،

يتلذّذ بالفرقة،

وبالخصام.

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

 

أين العناق،

أين رَبتة على الكتف،

أين مَسحٌ على رأس اليتيم،

أين صدور الأحبة،

عليها نرتمي.

 

أحضان الأمهات قِفار،

وقبلات العشاق أبْكِمت،

فلا كفّ إلى كفّ تُمدّ،

ولا شفة من شفة،

ترتوي.

 

الطبيب،

الجلادَ غَدا:

تجنّبوا العناق،

احذروا الحب،

وظلالَكم تأبّطوا في الجدران.

 

ألم تكن قبلُ تدّعي أن

العناق سلسبيل إلى الروح،

وأن الاحتضان به تُعشب الحياة؟

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

 

مولانا العاشق اصرخ،

فنحنُ النيام.

أعلينا تستكثرُ دعابة الأحلام؟

 

الهليكوبتر،

تقرع السماء بعجلاتها

" فِس.. فِس.. فِس "

مبيدات كيماوية تُرشّ.

 

مهزلة هو العالم.

 

مخطئ من يتمتم

إننا لسنا دمًى

مخطئ  من لا يرى الخيوط

تُحرّك الماريونيت،

مخطئ من يتمتم

إن الحرب تميز بين خصام،

ووئام.

حشراتٌ، دمًى،

دمًى، حشراتٌ،

القبضة ذاتها،

السمّ ترشّ،

ثم تُلعق العسل.

 

مهزلة هو العالم.

 

أتقنوا التصفيق،

بعد قليل قد تفقدون أكفكم،

بعد قليل،

ستلوّحون للسماء،

بأذرع مصعوقة،

بعد قليل،

هذا العالم سيتحول إلى صومعة،

تحتسي الخمور.

تلك الهياكل ستحتسي الخمور،

صفقوا جيدا،

التصفيق،

أتقنوا جيدا.

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

 

كم من أسرار،

يفضح الموت.

أخشى أن يهتك الموت يوما من الأسرار،

ما لم تُعرّهِ نفسي.

 

 

اكتشفت فجأة

أني كبرت  قليلا،

كثيرا كبرت،

وأني يتيمة الأمهات،

. منذ أن ابتلعتني المنافي

 

لم أعد أبكي أمي،

لم أعد أبكي أبي،

لا شيء أبكيه،

الشجرة العجوز أنا،

جذوري بالتربة تتشبّث،

وفي كل خفقة،

لأجلها بالوعد تهلّل.

 

أيها الوعد،

غادرتك أمي،

غادرتك أمهات المنافي،

وبقيتَ الوعد،

الوعد شائب الجبين،

المكتنز بالرّحيق اللذيذ.

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

 

القهوة التي أرتشفها،

تغري ذبابة صغيرة حالمة بالغطس.

 

أبخرةُ العطر الأسود شعوذة،

تسحرها،

أُدْني قهوتي،

أبعدها،

وتتراكم الأخيلة.

حيث تهبط الظلمة

 

تتراكم الأخيلة،

رويدا رويدا،

عالمي ينتشي بالصمت،

واللهاث.

الكون المدهوش في روحي،

يهدأ.

 

وراء الشبابيك أعقاب حكايات،

مع المساء تباشر بصيصها،

اللصوص جنادبُ الليل،

سُرّاقُ الروايات.

العشاق في أكواخ مطفأة الأطياف،

يوأدون.

 

في مركز المدينة،

جنيات يتهيّأن للرقص مع العابرين،

وفي عيونهنّ كثير من الدمع الأحمر.

 

مركز المدينة رفوفٌ، أسطحٌ،

ومرايا للسماء،

وأنا يشدهني" الفلوت" تعزفة صبيّة صينيّة،

أغلقت على " كورونا " الراحتين،

وفي المدى،

بعيدا تغوص مثلي.

 

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

 

قد يكون متشرّدا،

قد يكون جُرَذ  شوارع،

قد يكون عابثا،

قد يكون متعبا،

ظمآنَ قد يكون،

منتظرا، مُهادنا، متمرّدا،

قذرا، سكّيرا، مُعربدا،

متألما، لائما، فرحا، نَتنا، متسّولا.

 

عاشقٌ بشدة.

شيخ البحر،

"همنغواي" ذاته.

 

عيناه الخرزيّتان،

تنهلّان من زرقة مثيرة،

يختصرها انشداهي،

وهجرة المرافئ اللامكترثة.

 

ضحكة طفولية،

تنتح من دمي بين الفترة والأخرى.

 

حكاية أخرى،

قلبي، يُسرّها.

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

 

كم من صياح،

مع الماء يضيع،

كم من صراخ يغدو،

بذرة، شفقًا،

أو براعم تتعبّد الصباح.

 

شبابيكُ على المحيط،

ذراعا بحار،

هنا تكمن اللهفة،

وتتراكم الأسرار.

ماذا لو اختفى البحر عبر ناظريّ،

ماذا لو اضطررت للعيش

بين جدارين من الرمال؟

 

خُطّاب بَنات أفكاري،

في غرف الانتظار يتوارون طوابير،

من عزلتي أبتسم لعاشق،

يتلعثم بالانتظار.

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

كل شيء يتألّق،

العطر، الماء، اللجين،

ريشة طائر ألقاها على شرفتي،

غصن ييبسُ في مخاض الخريف.

مطر ينزف موسيقى،

عشّاق هي الكائنات،

تعرف لمن تهب ذاتها،

مطر يخطف الأرواح،

يحيلها الجنيّات،

فوق استواءات المدن،

دمعٌ

أحمر، أصفر، أقحوانيّ، بنفسجي،

غيث.

غيث.

غيث.

 

رسائل،

كلّ ما يصادفنا،

ليس إلا رسائل.

***

 أمان السيد

كاتبة مقيمة في سيدني

 .............................

https://www.youtube.com/watch?v=7E2Olui1Gr8

 

 

 

 

في نصوص اليوم