نصوص أدبية

سميرة بن نصر: حارس البحر

سميرة بنصرطاولةٌ وكأسٌ وزجاجة فودكا

أهاتُ بحرٍ

بحر يتلوى

يَمطُّ..يغُطُّ... يمُدُّ

يهدأ...يضجُّ

يتناوبُ الذكرى ورأسِ مخمورٍ

طاولةٌ وكاسٌ وزجاجةُ فودكا

سوسنةٌ تتشوف معنى الملح

عاشقان جديدان ...بعيدان

نورستان حزينتان...

مشمومُ فلٍّ يواصل رحلته على الرّمال ....هذه المحطة

وقعُ أقدامٍ كثيرة ...غائرة..غابرة

(هل على صدرك فاضت موجتان..بالهوى ترتعشان)

لحنٌ أطل من سَراديب الذاكرة

حرّكته جنيتان من زبدٍ وماءٍ

جنيتان تتشاقيان

تعربدان تحت قدميه ..ماء زجاجيا ثجاجا

**

(الموجة تجري وراء الموجة عايزة تطولها)

لحن ٱخر يطفو

تلفظه الذاكرة دون سابق اضمار

(الموجة تجري وراء الموجة عايزة تطولها)

تنهيدة عميقة

ابتسامة تائهة

عينان شريدتان

تريان وتنصتان:

فاطمة تخرج من غطسة عميقة

ضاحكة ..تعُبُّ الهواء في شهيق مفزعٍ

فاطمة تضم الموجُ ...

الأولاد يسابقون السَّمك وفاطمة

فتيات مشاغبات ..مقهقهات

يخلِّقن صورهن من الرذاذ

والبحر يلتهم سبع صبايا كل حين

فاطمة سباحة ماهرة ،لا تخشى البحر

الجدةُ فافاني تتمنع وهي أشد رغبة

يدفعُها الفتيان ويسْحبها ٱخرون

وتتّضحُ خرائطُ السوس داخل فمها

تسقط على الموج وتعودُ طفلة ضاحكةَ

تخجل من البلل يحدّجُها

تنسكِب خجلاتُ الحناء على عينيها

يعلو هرَجُها

عجوزٌ سبعيني يراقبها

فافاني تأبى الخروج

الصبية يضحكون ، يتغامزون

الكل في خضمه طفلٌ سعيد

(يجينا الصيف والشط والجبايب..وبعد غياب يتلاقو الحبايب)

تنهيدة ثانية

يمر خلالها بائع الفطاير المحلاة بالعسل.

فريكاساي...فريكاساي

بائعٌ أخر

ليموناذا...ليموناذا

وآخر

تاي أخضر بالنعناع...

رائحةُ الشواء وخبز الطابونة

حتي كسكسي فافاني بالعصبان التحق (لبحر يجَوِّع)

(الشمس عند الأصيل راخيه شعور الذهب)

شمسيات من قصب وسعف

شمسٌ تعتّق الرملَ والزمنَ والاجسادَ

**

ٱهة تتصاعد

وريقات خريف تغمر المكان

تستبق الفصل

دفقة بحر جريئةٍ

تترنحُ الطاولةُ

يسقطُ الكأس

تنسكب الزجاجةُ...

!!!الفودكا

يتَشرّبها البحر

!!!الفودكا

يحتسيها الموج

!!!الفودكا

تمتزج مع الليل داخل البحر

!!!!الفودكا

يسترخي البحر ثملا...مخمورا

تستلقي جنياته على الرملِ

وفاطمة لم تعد..

ولم يأكلها البحر

ولم يأكل الصبايا ولا الفتيان

إنهم جميعهم في بطن مجهري

يلعبون لعبة قديمة

إنهم في بطن الكورونا

***

سميرة بن نصر

 

 

في نصوص اليوم