نصوص أدبية

هكذا يزف عطرك

هكذا يزف عطرك

حنان جميل حنا

***

سنوات طوال ..

مضتْ منذُ أن حرَّرتَني

من قيودي..

رفعت برقعي البغيض ..

انتشلتني من غيبوبتي

*

ولما أفقتُ ..

كان عطرُك يملؤني ..

وما يزال ..

وما أزال أنا ..

كلما تقربتُ من ندى رفيف أغصانك

واستنشقتُ عبيرَ وريقاتِ ربيعك ..

تهجُرني كأبةُ النهار

وصدع الفراغات

*

رويداً ... رويداً

أتحول من طورِ شرنقةٍ إلى فراشةٍ

رشيقةِ الجَناحِ ..

بريئةِ الحَواس ..

أحلمُ بأن أذيعَ حبّك على الملأ ..

لكي أراقصَ خيالك..

بنشوة عبيرك ..

كرقص دوائر الهواء حين تضرب ..

سطحَ برَكِ الماء الصافية..

*

أُغمضُ عينيَّ..

فأثيرُ عطرِك يُبهجُني..

أعبر فناء الحقول والرّبوع ..

أُحلّقُ خلال فضاءٍ ملوّن ٍ

رسَمهُ الخالق..

بريشةٍ خاليةٍ من هشاشةِ البشرِ

أُبحرُ في لجّةِ أمواجٍ ..

أترنح بينَ المدّ وبينَ الجزر ..

ساعاتِ الليل و النهار..

لأرتمي أخيراً

بحضن دفءِ رمالِ السواحلِ

يسألني بعضُهم ..

فأسدل عيوني كي لا تفضحَني..

لكن انسياب الريح يعّريني

وسنابل ُ شعري تلوح بعيداً..

توشّحُ وجنَتي ..

تُقاتلُ رمشَ عيني ..

في ملحمة خيالية ..

توقظ النائم من سبات ..

عميق الدّهاليز ..

*

تلهُمني نعومة تأجُّجِها ..

فأرفعُ بعضاً بأناملي ..

وتنسكبُ مني ..

قطرة من تلك اللمحة الحالمة

فيكشف الناس سرّيَ المغبوط..

*

عطركُ يلازمني..

كهالةٍ تحتضن القمر..

وهو يمخر في عُباب الفضاء ..

بأوّل لحن الغسق ..

كأوّل ترنيمةٍ حفظتُها غيباً ..

مثل أول شريط حرير زيّنَ ضَفائري

سحر يسرقني من روحي ..

وأيّ سحر!

سحر يزفُّ القمر ..

وحولَهُ سربٌ لؤلؤيٌّ ..

من نجوم تتلألأ لليلِ

لتراقص القمر ..

لأول خيوط الضحى ..

هكذا يُزفُّ عطرُك .. لأنفاسي

***

حنان جميل حنا

في نصوص اليوم