نصوص أدبية

إسراء فرحان: القنديل العتيق

نمشي معًا في شارعٍ

كانتْ به الأضواءُ تضحكُ في المساءْ

أنا والدي قد كان قنديلاً عتيقًا

زاهيَ الألوان وهّاجَ الضياءْ

أنا والدي قد كان من أصلٍ كريمٍ

طيّبَ الأخلاقِ مثل الأنبياءْ

نمشي.. وراحتُهُ تلفلفُ راحتي

حباً، لتغفو في بساتينِ العطاءْ

لنقِفْ قليلاً ها هنا

و لتشرِ لي بعضَ الدُمى

فأطاعني وتبسّما.. وتبسّما..

*

قد حِرتُ بالألعاب حين رأيتها

أين التي سأقولُ أني اخترتها؟

تلك التي أرخَت سنابلَ شعرها

أم تلك صاحبة الجذيلة والسوارْ

لا قلبَ فيها يبعثُ الإحساسَ في أطرافها

قد زيّنوها كي تصيرَ بشكلها

أحلى قليلًا من حُجيرات الجدارْ

قد زيّنوها كي تطيرَ عقولُنا

ببساطةٍ وسذاجةٍ بجمالِها

نحنُ الصغارْ

وأدرْتُ طرفي

كي يساعدني أبي بالاختيارْ

*

وفزعْتُ !!!!

أينَ مضى أبي؟!!

أنا لم أجدْهُ بجانبي

و لمحتُهُ

شبحان لم أعرفْهما

مَضيا به

و إلى البعيييييييدِ

إلى البعيدِ تقدَّمَا

قلبي يذوبُ من اللّظى

والحزنُ فيه تكلما

ما حيلتي فأبي مضى

وأنا بقيتُ مع الدُّمى

*

الحلمُ لم يكن ادّعاءً أو دُعابهْ

بل كان مفتاحًا لكهفٍ

فيه كنزٌ من كآبهْ

الآن أعرفُ أن قنديلي انطفا

و نأى كثيرًا وابتعدْ

الآن أعرفُ أنهُ

قد صار في حبس الأبدْ

قد غاب قبطان السفينة

من يسيرُ بنا إلى بر الأمانْ

ما أخبروني  أنهم إذ ودّعوهُ

ودعوا معه الحنانْ

ثم انتبهنا كيف أن الشمسَ في تموزَ غابتْ

عندما كانت تصلي فرضَها عند الغيابْ

كل الذين عرفتهم بطفولتي

لم يرسموا لي وجه موت أو غيابْ

كل الذين عرفتهم ما فارقوني

منذ كانت إصبعي

في فيَّ تغرقُ في اللعابْ

لا... لم يقولوا كيف غابْ

لا.. لم يقولوا كيف دسُّوهُ برفقٍ في الترابْ

و رأيتُ  قنديلي اختفى

حقًّا وليسَ تَوهُّما

أمسى بأرضٍ أهلها لا يرجعون

ولا (عسى) ... أو (ربّما)...

وبقيتُ حزنًا صامتًا

وبقيتُ قلبًا طيبًا

قد ملَّ من دنيا الدُّمى

***

إسراء فرحان الفرحان

في نصوص اليوم