نصوص أدبية

جاسم الخالدي: تهفو إليكِ الناسُ

عينٌ على بابِ المخيمِ تنظرُ

رقدوا وأخرى لا تنامُ وتسهرُ

*

طفلٌ هناكَ يصيحُ وهْوَ ممزقٌ

ووراءَهُ أمٌّ تنوحُ وتُخبرُ

*

وعلى يمينكَ ثمَّ خدرٌ ساهرٌ

وأبو اليتامى، قلبُهُ يتفطرُ

*

وعويلُ ثكلى لا تبالي إنْ بقتْ

ليلًا تراقبُ من يجيءُ ويحضرُ

*

وكفيلُ زينبَ لا يقرُّ قرارُهُ

وهناكَ خلفَ الخدرِ زينبُ تُزجرُ

*

يمضي بكلِّ عزيمةٍ نحو الوغى

عباسنُا ليثٌ يصولُ ويُثْأرُ

*

طفلٌ ينادي من وراءِ الخدرِ يا ابـْ

نَ محمّدٍ، حانَ اللقا والمحشرُ

*

جاؤوكَ لا يدرونَ من عباسُكمْ

يومَ اللقاءِ ومَنْ “ عليُّ الأكبرُ “

*

يتوزعونَ على الخدورِ شعارُهمْ

(نحيا.. وهم يحيونَ حتّى يُقبروا) (*)

*

جئنا إليكم من شتاتِ الأرضِ يحـْ

ضرُ بيننا عبقُ النبوةِ ضوؤُهُ يتكررُ

*

لله ما هذا العزا، في كلِّ زا

ويةٍ عزاءٌ ما كبرْنَا يُسطرُ

*

جئنا إليكم من مدينةِ جدِنَا

كي يسلمَ الدِّينُ العظيمُ الأيسرُ

*

إنَّا وضعنا الدينَ نصبَ عيونِنَا

فبنو النبوةِ عودُهم لا يُكسرُ

*

خرجوا على الحكم الرذيلِ لأنَّهمْ

أهلُ الرسالةِ سورُهم لا يُعبرُ

*

اللهُ طهّرَنا فكيف لمثلِنا

أنْ يرتضي بالظلمِ وهو مُطهَّرُ

*

ولقد أردوا أن يحرّفَ دينُنَا

ويضلَّ عن سبلِ الشريعةِ معشرُ

*

كذبوا وربِّ البيتِ إنّا دأبُنا

أبدًا نكرُّ على الضلال وننفرُ

*

نمضي إلى الموتِ الزؤامِ ولم نكنْ

نخشى إذا وقعَ الردى أو نُؤسرُ

*

يا أرضَ كوفانٍ فأيُّ مصيبةٍ

وقعتْ على رأسِ امرئٍ لا يصبرُ

*

لم يطلبوا شيئًا عزيزًا في الفلا

لم يطلبوا إلّا سحابًا يُمطرُ

*

ضاقتْ بهم أرضُ الغريِّ وكربلا

هلّا أتيت إلى الغريْ يا حيدرُ

*يا سيدي هذي نساؤك بعد موْ

تِكَ سُيّرتْ للسّبي وهي تُعيَّرُ

*

يا سيدي لم يبقَ في الميدانِ إلّا

سيدُ الشهداءِ وهو مسوَّرُ

*

وعلى خطى أشجانِ يرقدُ ليثُها

ينعى حسينًا وهو جرحٌ يزفرُ

*

يا سيدي، أشكو إليك، ظلامتي

فأنا أنام على الشجونِ وأسهرُ

*

آتيك من شوقٍ أطوفُ مبايعًا

وأعودُ مبتهجًا، بذنبٍ يُغفرُ

*

من حوليَ الزُّوارِ تشكو دهرَها

لم ينصفِ الأحرارَ وهْوَ مسيّرُ

*

يا كربلاء الجرحِ هذا بأسنُا

يبقى مدى الأيام .. ضوعُكِ عنبرُ

*

لن ينثني عزمي وأنتِ شعيرةٌ

تهفو إليكِ الناسُ، وَهْيَ تكبّرُ

*

فالطفُّ صوتُ الحقِّ يبقى صادحا

فحكايةُ العباسُ، ليلٌ مقمرُ

*

والزينبيةُ لم تبارحْ دورَها

ضربتْ مِثالًا في البلاغةِ يُبهِرُ

*

والقاسمُ الولدُ العريسُ، وسيفُهُ

حصدَ الخطايا، وهْو بدرٌ مُقمِرُ

*

قصصٌ تعيشُ مدى الدهور وتغتدي

مثلًا يدورُ على السنينِ وتُنشرُ

***

د. جاسم الخالدي

..............

(*) المحصور بين مزدوجات: من بيت للشاعر حسين القاصد .

 

 

في نصوص اليوم