نصوص أدبية

ٲمین بوتاني: حدائق بغدیدا المغلقة..

مهداة إلى أرواح شهداء وضحايا مأساة الحمدانية وآلام أهلها وسائر المفجوعين جراء هذه الكارثة المروعة..

***

طفلٌ

یُخمِدُ رٲسَهُ؛

لیَتدرَّبَ علی وفرةِ الظلامْ.

ارجلٌ

تُلملِمُ اسفارَ التیهِ

لتُنذرَ قوماً

بنشوبِ قنادیلَ موصدة.

خریفٌ عارمٌ

یغزو دهشةَ الفصولْ؛

وجومٌ قاتمٌ

یغمُرُ حدائقَ بغدیدا..

ما هذا الزبدُ المالحُ

یطفو اُدامكِ الغزیرْ؟

ما هذا الزّغَبُ الكالحُ

ینسُجُ لكِ اقفاصاً مزینةً؛

وللحَصاةِ مؤنَ الغدرِ

كي تطیرْ..!!

ها انتي تحتمینَ

برقصتكِ الاخیرة،

ها انتي

تدخِّرینَ اناملَ الغِبطةِ

في دفاترَ كبیرة،

ها انتي

تُدونین حُروقَكِ

في اكفانٍ وثیرة،

وتفرّدین

للَّهبِ المستعِرِ

ضُفُراً تلو الضفیرة..

وباءٌ

بلاءٌ

تَرَكَ جَرادَ شرورهِ

علی بَساتینِ الٲزمنةِ

ومضی.

وكٲنَّ

ماكنةً ضاریةً

قُدَّت قواطعُها

من حنقٍ ولظی.

و كَیْلٌ ماكرٌ

ملٲ السهولَ

بغلالِ الصِّعابْ.

قولي لنا یا بغدیدا؛

كیف لدیدانِ الحُزنِ الغائرِ

تركَ جباهِ المكوثْ،

وتدنوَ الزهرةُ ثانیةً

من حُلّةِ المآبْ؟!

ٲوَ تَهُزّینَ ٳلیكِ

بجِذعِ الحریقِ؛

وتقتفینَ ٲثَرَ الضَّبابْ؟!،

فكیف اذنْ

تنهمِرُ علیكِ

كرمةُ الوصولِ؛

و تَرَینَ ملكوتَ الخلاصِ

دون عناءِ قُفلٍ

ٲو عطیّةَ بابْ؟!.

بغدیدا حزینةٌ؛

بغدیدا

تتشحُ بعزاءِ الٲبدْ،

مددٌ مددْ

مددٌ مددْ.

بغدیدا تُعلنُ

كلَّ ازقَّتها ورقَّتها

كلَّ ساحاتها وصباحاتها

وكلَّ زروعها وربوعها؛

ترانیمَ حِدادٍ

وٲناشیدَ عِتابْ.

تدورُ وتدورُ بغدیدا

تبحثُ في كلِّ الٲقاصي،

تستنفِرُ كلَّ بُكائِها

لِتُبعِدَ عن ٲوانها

و تنفُضَ عن ٲلوانها

حبرَ المُصابْ..

فَوَالنّورِ

لن ٲسامِحَ البابَ

علی كتمانهِ للخروجْ.

فَوَالبابِ

لن ٲسامِحَ النورَ

علی غلقهِ للبروجْ.

بغدیدا،،

مآقیكِ

وما بقي فیكِ؛

ملحٌ اُجاجٌ،

شفاهكِ

رَمادٌ نابضٌ

جراحٌ رابضٌ

لا یستكینْ.

رقیبٌ

یكتنزُ الهواءَ

في اُقبیةِ العویلِ؛

و رِقابٌ تغفو

علی نصلِ سكّینْ.

فَوَالدارِ

لن ٲسامحَ النارَ

علی ٳخفائها النضوبَ

في ٲحشاءِ النحیبْ.

فَوَالنارِ

لن ٲسامحَ الدارَ

علی ٳفشاءهِ

سرّ ٲوجاعِ الحبیبْ.

ٲدخِنةٌ

في مُقتَبَلِ العُتمةِ

وبمُحاذاةِ العِناقْ،

تتراقصُ

فوق حُبیباتِ الجمرِ،

وهي تقصُّ

لِغدِ المآتِمِ

هولَ الفِراقْ.

بغدیدا

ٲلَمَّتْ بها كٲخواتها؛

(صوریا) و(دَکانْ)

ووصیفة اللهیبِ (عامودا)،

فلذّاتُ الروحِ

ٳكتوین بالمحاق.

ٳنها تعویذة الدَّمِ

سَرَتْ في عروقِ مَفازةٍ

ٲَسمَوْها (العراقْ)..

***

ٲمین بوتاني

2/10/2023

في نصوص اليوم