آراء

موقف السيد السيستاني من السياسة الايرانية في العراق

مشتاق عبدمناف الحلوتقوم الدراسات المقارنة في الغالب بمقارنة وجودين متماثلين كأن يكونان دولتين او شخصيتين، لكن هنا اخترنا مقارنة مواقف شخص مع دولة. والسبب في ذلك ان هذا الشخص یمثل المرجعية العليا لشيعة العالم وفي المقابل الحكومة الايرانية تطرح نفسها کراعیة لمصالح شيعة العالم وناطقة باسمهم.

لدراسة آراء ومواقف السيد السيستاني یجب الالتفات الی أن السيّد أكّد منذ السنين الاولى بأنه غير مسؤول عما يشاع عنه وينسب له الّا ما يصدر مختوما بختمه وتوقيعه الشخصي او ختم مكتبه في النجف. فقد جاء في البيان الذي حمل عنوان (حول الشأن الاعلامي) ما يلي: "دأبت وسائل الاعلام المختلفة في الآونة الاخيرة على نشر تصريحات وتحليلات سياسية لاشخاص تطلق عليهم عناوين متفاوتة كـ(ممثل السيد السيستاني) و(مساعده) و(وكيله) وغير ذلك، و معظم هؤلاء ممن لا علاقة له بهذا الشأن اصلاً وليس ملّما بوجهات نظر سماحة السيد مدظله وخلفيات مواقفه السياسية، ما ينجم عن ذلك الكثير من الخلط والتشويش... يؤكد مرة اخرى على ما ورد في بيانه الصادر في 20 شعبان 1424 هـ من انه لا يعبّر عن وجهات نظر سماحة السيد مدظله الا ما يصدر موقعاً و مختوماً بختمه الشريف او مكتوباً و مختوماً بختم مكتبه دام ظله، واما ماعدا ذلك فاذا هي وجهات انظار اصحابها ".

لهذا لا نعتمد في هذه الورقة لبيان آراء ومواقف السيد الا على ثلاثة مصادر:

1ـ البيانات التي تصدر مكتوبة ومختومة بختمه الشخصي او ختم مكتبه في النجف.

2ـ الحوارات المكتوبة التي اجراها مكتبه في النجف وهي ايضا مختومة بختم المكتب ومنشورة في موقعه الشخصي.

3ـ خطب صلاة الجمعة في كربلاء للسنوات الاخيرة حيث تعارف ان تعتبر ناطقة باسمه، وتنشر في موقعه وقليل منها مختوم بختم مكتبه.

لا شك ان سياسة السيد السيستاني وطبيعة مواقفه لا تنفك عن طبيعة الحوزة النجفية. لما تتمتع به من ميزات وخصائص تميزها عن الحوزات الفرعية الموجودة في سائر بقاع الارض. لكن المقام لا يسمح للحديث عن الحوزة النجفية وخصائصها. ونشرع في هذه الورقة بتناول اهم الاحداث السياسية التي عصفت بالعراق منذ العدوان الامريكي الغاشم عام 2003 والى اليوم، ونحاول بيان موقف كل من السيد السيستاني والحكومة الايرانية في كل قضية منها. والهدف من هذه الدراسة هو معرفة نقاط الالتقاء والاختلاف بين النظرتين والموقفين.

أهم الاحداث السياسية في العراق منذ عام 2003م:

1. طريقة تغيير النظام السياسي في العراق

قال السفير الأميركي الأسبق في العراق زلماي خليل زاد في مقابلة مع الجزيرة ضمن برنامج لقاء اليوم: "أن واشنطن أجرت مباحثات مع طهران قبيل غزو

العراق عام 2003" مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أطلعت طهران على أهدافها في العراق بعد الغزو.

ويعد إبلاغ إيران مسبقا بخطط أميركا لغزو العراق وإجراء لقاءات معها سرا قبله وبعده، من أهم ما كشف عنه السفير خليل زاد في كتابه، إذ جمعته لقاءات في جنيف مع السفير الإيراني في الأمم المتحدة آنذاك ووزير الخارجية الحالي محمد جواد ظريف قبل الغزو وبعده لبحث مستقبل الحكم بالعراق.

وقال زلماي إن إيران دعمت بقوة تشكيل حكومة من معارضة المنفى واستئصال حزب البعث وإعادة بناء قوات الأمن العراقية من جديد، وهو ما تحقق رغم تحفظ خليل زاد عليه.

كما صرّح هاشمي رفسنجاني في خطاب عام "نحن ساعدنا الأمريكان كثيرا في حربهم على افغانستان، اذا كانت مشاكلهم في الهجوم على طالبان في افغانستان قليلة، فهو بسبب دعمنا لهم."

بينما على الضدّ من ذلك اعلن مكتب السيد السيستاني في لقاء مكتوب مع مجلة دير شبيجل الألمانية مخالفة السيد مع طريقة اسقاط النظام وقال: "لم يكن المنشود تغيير النظام الإستبدادي عن طريق الغزو والإحتلال بما استتبع ذلك من مآس ٍ كثيرة، ومنها انهيار مقومات الدولة العراقية وانعدام الأمن والإستقرار وتفاقم الجرائم وتلف الكثير من الممتلكات العامة حرقا ً ونهبا ً وتدميرا ً وغير ذلك ".

2. نوع النظام السیاسي الجدید

في خصوص النظام السياسي البديل كتب مكتبه في جواب السؤال الاول من أسئلة صحيفة كزاتا ثيبورتشا البولونية بأنه يريد "النظام الذي يعتمد مبدأ الشورى والتعددية واحترام حقوق جميع المواطنين."

وفي خصوص تعيين شكل النظام السياسي احال الأمر للشعب العراقي، حيث كتب مكتبه في جواب السؤال الاول من أسئلة وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية "شكل نظام الحكم في العراق يحدّده الشعب العراقي وآلية ذلك أن تجري انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي من يمثّله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور، ثم يطرح الدستور الذي يقرّه هذا المجلس على الشعب للتصويت عليه، والمرجعية لا تمارس دوراً في السلطة والحكم."

بينما ايران حاولت من خلال اجنداتها تنفيذ استراتيجية "تصدير الثورة الاسلامية" للعراق.

3. المشاركة السياسية للمرأة

اعلن السيد السيستاني موافقته لتصدي المرأة اي مقام حكومي كان، خلافا لموقف ايران الرسمي.

سألته مجلة دير شبيجل الألمانية "كثر الجدل فيما يتعلق بحقوق النساء في العراق، فهل تجدون مانعا من مشاركة المرأة العراقية في العملية السياسية وتسلمها للمناصب المختلفة كعضوية البرلمان والوزارة وغير ذلك؟" وجاء الجواب مكتوبا "لا مانع من ذلك مع توفر الشروط والمؤهلات القانونية، ومن المؤمّل أن يكون للمرأة العراقية دور كبير في تطوّر العراق ورقيّه ورفعته".

بينما مجلس صيانة الدستور الايراني فسّر تعبير "رجل سياسي" الذي جاء في الدستور الايراني كشرط لاستلام المهام العليا، بـ"الذكر" وعليه حرم المرأة من الترشح الى منصب رئاسة الجمهورية وسائر المناصب السيادية. وحتى منصب الوزارة، فمنذ اربعين سنة لم تنصب اي امرأة كوزيرة في ايران سوى "مرضیه وحید دستجردي" التي عزلت قبل ان تتم دورتها الوزارية.

4. دور الحوزة والمرجعيات الدينية في النظام السياسي الجديد

يجيب السيد على السؤال الرابع من أسئلة صحيفة (لوس أنجلوس تايمز – 2) في هذا الخصوص: "الدور الأساس للحوزة العلمية هو التعليم والإرشاد والتثقيف الديني ولكن ذلك لا يمنع من أن تبدي المرجعية الدينية رأيها في المنعطفات المهمة في حياة الشعب كإعداد الدستور الدائم للبلاد".

وكذلك في اجابته على السؤال الاول من أسئلة "وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية" يؤكّد مرة اخرى بأنّ "المرجعية لا تمارس دوراً في السلطة والحكم."

ويبين في معرض اجابته على "أسئلة صحيفة الواشنطن بوست: دور المرجع في الحياة، قائلاً: "الدور الأساس للمرجع هو تزويد المؤمنين بالفتاوى الشرعية في مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، ولكن هناك مهام أخرى يقوم بها المرجع بحكم مكانته الاجتماعية والدينية ومنها إعانة الفقراء ورعاية المؤسسات والمراكز الدينية ونحو ذلك."

وفي خصوص الدور السياسي الذي يملكه المرجع أو رجال الدين، يجيب مكتبه "سماحة السيد لا يطلب موقعاً في الحكم والسلطة ويرى ضرورة ابتعاد علماء الدين عن مواقع المسؤوليات الإدارية والتنفيذية."

وحول العلاقة بين الدين والدولة، يقولون: "يفترض بالحكومة التي تنبثق عن إرادة أغلبية الشعب أن تحترم دين الأغلبية وتأخذ بقيمه ولا تخالف في قراراتها شيئاً من أحكامه."

بينما في ايران، النظام بجميع صلاحياته الكبرى الداخلية والخارجية والسياسية والاقتصادية والثقافية قائم بفرد واحد، وهو الولي الفقيه الذي ينصب من قبل مجلس خاص مرة واحدة الى نهاية عمره، ويتمتع بصلاحيات فوق الدستور.

5. دور الشريعة في القانون

سألت صحيفة "بايونير الهندية" سماحة السيد عن ما يرغب بإدخاله في الدستور من مبادئ الحكومة والقانون الاسلامي؟

فأجاب مكتبه: "الثوابت الدينية والمبادئ الاخلاقية والقيم الاجتماعية للشعب العراقي يجب أن تكون الركائز الأساس للدستور العراقي القادم."

لكن في خصوص دور الدين في الدستور سألته "شبكة فوكس نيوز الأمريكية" ما يلي: "ما هو دور الدين في الدستور العراقي القادم، وما هو دوره في نظام التعليم وفي النظام القضائي؟" فأجاب المكتب: "يتحدد ذلك كله من قبل أعضاء المؤتمر الدستوري المنتخبين من قبل الشعب العراقي."

کما نفی وکیله الشیخ حامد الخفاف، الأنباء التي تحدثت عن ان السید طلب اعتماد الشريعة الاسلامية كمصدر وحيد لوضع الدستور العراقي الدائم من قبل الجمعية الوطنية التي ستسفر عن الانتخابات. وقال: إن السيستاني يؤمن بأن الدستور العراقي الجديد يجب أن يحترم ما وصفه الهوية الثقافية الاسلامية للعراقيين. ومضى إلى القول إن رأي السيستاني يتلخص بان ممثلي الشعب المنتخبين إلى الجمعية الوطنية هم الذين يقررون تفاصيل الدستور.

هذه المواقف تكشف جليّاً بأن السيد في احدى أهم قضايا تأسيس النظام السياسي وهي مصادر التشريع يختلف عن النسخة الايرانية.

6. العلاقات الخارجية للعراق

أكّد سماحة السيد في مواقف عديدة للحكومة العراقية على ضرورة العلاقات الحسنة مع الجوار العربي. منها ما أعلنه الرئيس العراقي فؤاد معصوم بعد زيارته لسماحة السيد قبيل سفره للملكة العربية السعودية: "اتفقت والسيستاني على التواصل مع الجوار."

كما لم يؤيد السيد تحت اي ظروف ارسال قوات عراقية الى سوريا. وأكّد الشيخ ميثم الزيدي قائد فرقة العباس القتالية التابعة للمرجعية في حوار مع قناة السومرية بأنّ "حدودنا حدود العراق".

كذلك لم يعلن السيد اي موقف من الحرب الدائرة في اليمن وحتى حينما اعلنت بعض وسائل الاعلام بأن سماحة السيد استقبل الوفد الحوثي الذي زار العراق اواخر عام 2016، نفى مصدر مسؤول في مكتب السيد أن يكون الوفد الحوثي التقى بالمرجع الاعلی واضاف "ان الاخبار التي تداولته بعض وسائل الاعلام بهذا الشأن عارية من الصحة تماماً. ولا تواصل بين المرجعية الدينية العليا وأيّ من اطراف النزاع اليمني."

كذلك في خصوص لبنان على الرغم من أنّ الامين العام لحزب الله اللبناني ذكر السيد واشاد به في مناسبات مختلفة وسماحة السيد اصدر بيانين في شهر تموز من عام 2006م شجب فيهما جرائم الكيان الصهيوني الغاصب ، لكنه لم يأت على ذكر الحزب او أمينه العام في اي مناسبة او بيان.

كل هذه المواقف من الجوار العربي للعراق ومن الصراعات المشتعلة في سوريا واليمن ولبنان تكشف جليّاً بأن موقف السيد مستقل ومختلف تماماً عن موقف ايران.

7. الخلافات المذهبية والحرب الطائفية

احدى شواغل السيد السيستاني منذ اليوم الاول من الاحتلال الامريكي الغادر هو الحدّ من الشحن الطائفي والمحافظة على وحدة اللحمة الوطنية ومنع حدوث حرب مذهبية وطائفية. علما بأن مكتبه في معرض الاجابة على أسئلة مجلة (فور سايت) اليابانية، في عام 2006م ينفي وجود "صراع ديني بين الشيعة والسنة في العراق، بل هناك أزمة سياسية، ومن الفرقاء من يمارس العنف الطائفي للحصول على مكاسب سياسية وخلق واقع جديد بتوازنات مختلفة عما هي عليها الآن، وقد تسبب هذا في زجّ بعض الأطراف الأخرى أيضاً في العنف الطائفي، ويضاف إلى ذلك ممارسات التكفيريين الذين يسعون في تأجيج الصراع بين الطرفين ولهم مشروعهم المعروف".

بينما نجد ممثلي ايران في العملية السياسية والمدعومين من قبلها، دائماً خلف التحريض الطائفي واشعال فتنة الحرب الاهلية في العراق.

8. تأسيس مجاميع شيعية مسلحة

لم يوافق السيد على تسليح اي جماعة خارج القوات الوطنية. لهذا حينما سألته "مجلة بولندا الأسبوعية": هل تملكون قوة عسكرية خاصة أو ميليشيا شيعية؟ اجاب مكتبه: "كلا، ولسنا مع تشكّل مثل هذه الميليشيات، وتأكيدنا على دعم القوة الوطنية العراقية."

وكان يرى لزوم تعزيز القوات الوطنية العراقية بديلا عن تشكيل مثل هذه الجماعات. سألته "شبكة فوكس نيوز الأمريكية": ما هو رأي سماحتكم في المليشيات الدينية، هل تصادقون على تشكيلها؟ أجاب مكتب السيد: "يلزم تعزيز القوات الوطنية العراقية المكلفة بتوفير الأمن والاستقرار ودعمها بالعناصر الكفوءة والمعدات الضرورية، ولسنا مع تشكيل أية مليشيات."

كذلك حين سألته صحيفة (لوس أنجلوس تايمز): هل ترتأي سماحتكم أن العراق بحاجة إلى جيش آخر جنباً إلى جنب أو بديلاً عن الجيش الذي تم تأسيسه من قبل الحلفاء؟ أجاب مكتب السيد: "جيش العراق هو الجيش الوطني الذي يقوده العراقيون ومهمته الدفاع عن العراق أرضاً وشعباً ومقدسات، ولا محلّ لجيش آخر إلى جنب هذا الجيش."

كذلك في معرض الاجابة على أسئلة مجلة (فور سايت) اليابانية، أكّد مكتب السيّد مرة اخرى: "إن المرجعية الدينية كانت من أول المنادين بضرورة حصر السلاح في يد الحكومة وجمع الأسلحة غير المرخص فيها، ولكن لا بد أن يعمّم ذلك بالنسبة إلى كافة المجموعات المسلحة لأيّة جهة انتمت، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي من مختلف الفرقاء وإلى قوات أمن عراقية قادرة على توفير الأمن والنظام".

وحتى بعد دخول داعش للاراضي العراقية، وصدور فتوى الجهاد الكفائي ايضا أكّد من خلال وكلائه الذين اعلنوا فتوى الجهاد ضرورة انضمام القوات المتطوعة للقوات الحكومية وليست قوة مستقلة عنها. "ونؤكد أيضاً مرة أخرى على ضرورة تنظيم عملية التطوع وإدراج المتطوعين في ضمن القوات العسكرية والأمنية العراقية الرسمية وعدم السماح بوجود مجموعات مسلحة خارج الأطر القانونية تحت أي صفة وعنوان، إنّ هذا مسؤولية الحكومة وليس لها ان تتسامح في القيام بها".

بينما نعرف جميعا أنّ ايران ما اكتفت بتدخيل الجماعات المسلحة التي أسّستها و دربتها خارج العراق بل قامت بتأسيس جماعات مسلحة مختلفة خارجة عن ارادة الدولة منذ اليوم الاول من الاحتلال الامريكي الغاشم.

9. مخالفة اساليب الاختطاف والاغتيال والاعتداء على المواطنين السنة العرب

حينما اختطفت جماعة شيعية عدد من العمّال الاجانب صرّح مصدر مسؤول في مكتب السيد السيستاني في النجف: "نُشر في وسائل الاعلام أن مجموعة مسلحة تدّعي إتّباع الامام الحسين (عليه السلام) والانتماء الى نهجه قامت باختطاف عدد من العمال الاجانب وأخذتهم رهائن لتنفيذ مطالب سياسية معينة.

وإننا إذ نؤكد على انّ التعرّض لأولئك الابرياء الذين لا دور لهم في احداث المنطقة ومآسيها عملٌ غير اخلاقي وعلى خلاف الضوابط الشرعية والقانونية وهو مدان ومستنكر جداً .. نطالب بإطلاق سراح المختطفين والكفّ عن هذه الممارسات التي تسيء الى صورة الدين الاسلامي الحنيف ومذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وتؤدي الى اسقاط هيبة الدولة واضعاف الحكومة المنتخبة".

لم یمض الّا عدة اشهر حتى اختطفت جماعة شيعية ثانية عدد من السيّاح القطريين. فلم تتوان المرجعية في شجب هذا العمل وسارع ممثل المرجعية الدينية في كربلاء أحمد الصافي، في خطبة الجمعة، إلى تبيين ان عملية اختطاف الصيادين القطريين كانت لأهداف سياسية، داعيا لإطلاق سراح جميع المختطفين.

كذلك بعد احتلال داعش لبعض المدن العراقية، تفشت ظاهرة الاعتداء على المواطنين العرب السنة من قبل بعض الاشخاص بعد تحرير تلك المدن. لهذا اصدرت المرجعية عدة بيانات وكررت من خلال وكلائها في خطب الجمعة حرمة الاعتداء على الناس العزل بأي ذريعة كانت.

في احدى البيانات قالت المرجعية: "ومن هنا نؤكد على جميع المقاتلين في القوات المسلحة ومن التحق بهم من المتطوعين الذين نشيد بشجاعتهم و بسالتهم في الدفاع عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم... نؤكد عليهم جميعاً ضرورة الالتزام التام والصارم برعاية حقوق المواطنين جميعاً وعدم التجاوز على أيّ مواطنٍ بريءٍ مهما كان انتماؤه المذهبي او العرقي وأياً كان موقفه السياسي، ونذكّر الجميع بما قاله النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع عندما خاطب الناس بقوله : (ألا وان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا ليبلغ الشاهد الغائب) وبقوله (صلى الله عليه وآله): (من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقى الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله) فالحذر الحذر من التسبب في إراقة قطرة دم إنسان بريء أو التعدي على شيء من أمواله وممتلكاته."

كذلك اصدر فتوى تحريم التعدي على أموال المواطنين في المناطق المحرّرة من الارهابيين.

بينما علاقة هذه الجماعات بايران معروفة لدى الجميع.

10. موقف المرجعية من حركة الاصلاحات

قد تكون بداية حركة المطالبة بالاصلاحات هي التظاهرات العارمة التي انطلقت مطلع عام 2011م ضد نوري المالكي وفساد جهازه.

لما وصلت الامور الى درجة الانفلات تدخلت المرجعية وطلبت من الشعب اعطاء فرصة له لتلافي الامور واكدت موقفها الى جانب الاصلاحات. وحذرت الحكومة قائلة: "ان المرجعية الدينية التي طالما اكدت على المسؤولين بضرورة العمل على تحقيق مطالب الشعب المشروعة تحذر من مغبة الاستمرار على النهج الحالي في ادارة الدولة ومما يمكن ان ينجم عن عدم الاسراع في وضع حلول جذرية لمشاكل المواطنين التي صبروا عليها طويلا."

لكن حينما نكث نوري المالكي عهده مع المرجعية والشعب، اغلق المرجع بابه بوجهه ولم يتخذ خطوات ضده، يبدو حفاظا على المصلحة العامة كما كان يراها.

لكن حينما أصرّ المالكي على تجديد الولاية لنفسه ثالثة رغم مخالفة الجميع، حتى رأى قيادات في الحزب أنه سوف يودي بهم وبحزبهم نتيجة عناده، انقاذا لأنفسهم طلبوا رأي السيد في خصوص منصب رئاسة مجلس الوزراء، فأجابهم بكل صراحة: "فإنني أرى ضرورة الإسراع في اختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع ويتمكن من العمل سوية مع القيادات السياسية لبقية المكونات لانقاذ البلد من مخاطر الإرهاب والحرب الطائفية والتقسيم." وبهذا قضى السيستاني على عهد من الفساد والخيانة كلّف العراق ما لم تكلّفه اي حقبة فاسدة اخرى. بحيث لليوم ابناء الشعب العراقي يبذلون دماءهم الطاهرة لغسل مخلفاته.

وحينما تحرّك الشعب مرّة اخرى في عهد العبادي للمطالبة بالاصلاحات ايضا وجد السيستاني جنبه. لهذا يقول مكتبه في معرض الاجابة على سؤال (وكالة الصحافة الفرنسية) عن الأسباب التي دفعت سماحة السيد إلى الدعوة حالياً بشكل صريح وصارم إلى الاصلاح، "إنّ المرجعية الدينية العليا طالما دعت إلى مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العامّة، وحذّرت أكثر من مرّة من عواقب التسويف في ذلك، ... وفي الأسابيع الأخيرة لما نفذ صبر كثير من العراقيين واحتجّوا على سوء اوضاع البلاد وطالبوا بإصلاحها، وجدت المرجعية الدينية انّ الوقت مؤاتٍ للدفع قويّاً بهذا الاتجاه عبر التأكيد على المسؤولين ـ وفي مقدمتهم السيد رئيس مجلس الوزراء بصفته المسؤول التنفيذي الأول في البلد ـ بأن يتخذوا خطوات جادّة ومدروسة في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية" .

نفس الوكالة في نفس اللقاء تتساءل: هل يعتبر سماحة السيد ان الدعوة إلى مكافحة الفساد واصلاح مؤسسات الدولة، توازي بأهميتها نداءه إلى الشعب العراقي في حزيران / يونيو 2014 لقتال تنظيم داعش؟

یجیب المکتب: "من المؤكد أنّه لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ولاسيّما المؤسسة الأمنية، ولولا سوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر لما تمكّن تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على قسمٍ كبيرٍ من الأراضي العراقية، ولما كانت هناك حاجة الى دعوة المرجعية العليا للعراقيين الى الالتحاق بالقوّات المسلّحة للدفاع عن الأرض والعِرض والمقدّسات .

واليوم إذا لم يتحقق الاصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الاصعدة فإن من المتوقع أن تسوء الاوضاع ازيد من ذي قبل، وربما تنجرّ الى ما لا يتمناه أي عراقي محبّ لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله. وهنا تكمن الأهميّة القصوى للدعوة إلى الاسراع في الاصلاح التي أكّدت عليها المرجعية الدينية العليا ".

یسألون في نفس الحوار: برأيكم، ما هي الأسباب ومن يتحمّل مسؤولية وصول العراق إلى هذه المرحلة من الفساد وترهّل مؤسسات الدولة ومستوى الخدمات العامّة؟

یجیب المکتب: "إنّ السياسيين الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحمّلون معظم المسؤولية عمّا آلت إليه الامور، فإنّ كثيراً منهم لم يراعوا المصالح العامّة للشعب العراقي بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية، فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقاً لذلك لا على أساس الكفاءة والنزاهة والعدالة، ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع، فأدّى ذلك كله ـ بالإضافة الى غياب الخطط الصحيحة لإدارة البلد واسباب أخرى ـ إلى ما نشاهده اليوم من سوء الاوضاع الاقتصادية وتردّي الخدمات العامة".

بينما رموز الفساد وصلوا واستمروا في السلطة بدعم وغطاء ايراني لا يخفى على احد.

11. التدخلات الايرانية في الشأن العراقي

المبدأ عند السيد ان تحترم جميع الدول بلا استثناء سيادة العراق وإرادة شعبه ولا تتدخل في شأنه وحينما سألته (وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية) هل حاول الإيرانيون الاتصال به؟ أجاب مكتبه: "ليس لدينا اتصال بأية جهة أجنبية فيما يخصّ الشأن العراقي".

كما في فترة محاربة داعش تداولت بعض الصحف والمواقع الخبرية من ان المرجعية الدينية العليا رحّبت بمشاركة بعض القادة العسكريين الايرانيين في العمليات العسكرية ضد داعش. فنفى مكتبه فوراً وقال: "لا صحة لترحيب المرجعية العليا بمشاركة قادة عسكريين ايرانيين في العمليات العسكرية ضد داعش وما نشر بهذا الخصوص ملفّق."

كما حذّرت المرجعية من ان تكون المساعدة الخارجية لمحاربة داعش مدخلا للمساس باستقلالية القرار السياسي والعسكري بالعراق.

حتى في بعض الاحيان حينما يتطاول بعض المسؤولين الايرانيين في تصريحاتهم على سيادة العراق ولا يرد عليهم المسؤولين العراقيين يتولون وكلاء المرجع بالرد عليهم. على سبيل المثال حينما قال مستشار الرئيس الايراني الفعلي ووزير الامن السابق على يونسي في مؤتمر الهوية الايرانية: "في الحال الحاضر العراق لم يعد منطقة نفوذنا فحسب، بل جزء من هويتنا وثقافتنا وعاصمتنا. وهذا الامر كان من الماضي والى اليوم. لأن جغرافيا ايران والعراق غير قابلة للتجزءة وثقافتنا لا تنفك عن بعض، فإما ان نتقاتل او نكون مكوناً واحداً."

أخرّس المسؤولين العراقيين عن الرد على تصريحاته فرد عليه وكيل المرجعية السيد أحمد الصافي في اول صلاة جمعة بعد تصريحه هذا قائلا: "إننا نعتز بوطننا وبهويتنا وباستقلالنا وسيادتنا، وإذا كُنّا نرحب بأية مساعدة تقدّم لنا اليوم من إخواننا وأصدقائنا في محاربة الإرهابيين ونشكرهم عليها فإن ذلك لا يعني في حال من الأحوال بأنه يمكن أن نغضّ الطرف عن هويتنا واستقلالنا، ولا يمكن أن نكون جزءاً من أية تصورات خاطئة في أذهان بعض مسؤولين هنا أو هناك ... إننا نكتب تاريخنا بدماء شهدائنا وجرحانا في المعارك التي نخوضها اليوم ضد الإرهابيين وقد امتزجت دماء مكونات الشعب العراقي بجميع طوائفهم وقومياتهم".

12. الانتخابات البرلمانية الاخيرة

سمعنا في "خطبة النصر" كيف أن المرجعية طلبت من الحشد أن ينأى بنفسه عن المشاركة بالعملية السياسية باسم الحشد. حيث قالت بالحرف الواحد: "إن معظم الذين شاركوا في الدفاع الكفائي خلال السنوات الماضية لم يشاركوا فيه لدنياً ينالونها أو مواقع يحظون بها، فقد هبّوا الى جبهات القتال استجابة لنداء المرجعية واداءً للواجب الديني والوطني، دفعهم اليه حبهم للعراق والعراقيين وغيرتهم على اعراض العراقيات من أن تنتهك بأيدي الدواعش وحرصهم على صيانة المقدسات من أن ينالها الارهابيون بسوء، فكانت نواياهم خالصة من أي مكاسب دنيوية، ومن هنا حظوا باحترام بالغ في نفوس الجميع واصبح لهم مكانة سامية في مختلف الاوساط الشعبية لا تدانيها مكانةُ أي حزب او تيار سياسي، ومن الضروري المحافظة على هذه المكانة الرفيعة والسمعة الحسنة وعدم محاولة استغلالها لتحقيق مآرب سياسية يؤدي في النهاية الى أن يحلّ بهذا العنوان المقدس ما حلّ بغيره من العناوين المحترمة نتيجة للأخطاء والخطايا التي ارتكبها من ادّعوها."

وهذا الموقف نفسه الذي صرّحت به قيادات الحشد التابعة للمرجعية. فعلى سبيل المثال الشیخ کریم الخاقانی، قائد تشکیلات فرقة الامام علی (ع) (اللواء الثاني في الحشد الشعبي)، قال: "انطلاقا من بيان النصر الوارد في خطبة الجمعة فقوات الحشد الشعبي هي جزء من القوات الامنية التي تقتصر مهمتها المقدسة على محاربة الارهاب، وليس لها تمثيل في الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات". وكذلك الشيخ ميثم الزيدي، المشرف على فرقة العباس القتالية، قال: "لا توجد قائمة تمثل الحشد الشعبي في الانتخابات، انما هو يدعم الانتخابات بشكل عام، ومن يدعي بأن قائمته تمثل الحشد الشعبي فهو كذاب لا تنتخبوه."

كذلك بيان المرجعية حول الانتخابات الاخيرة حذّر من الفاسدين كثيرا ومن المجرّب الذي لا يجوز ان يجرب مرّة اخرى، وبيّن شروط النائب الكفوء، لكن رأينا كيف انّ ايران في هذه الانتخابات ايضا دعمت رموز الفساد والجماعات المسلحة التي شاركت في الانتخابات مستغلة اسم الحشد خلافا لرأي المرجعية.

13. حوزة النجف ومرجعية الشيعة

موقف السيد السيستاني من حوزة النجف وتقويتها ودعمها لا غبار عليه، وأساسا هو لم يغادر النجف كل هذه الفترة الّا اياماً للعلاج دعماً لها.

موقف ايران من حوزة النجف هو الآخر معروف وليس حديثاً، ولا داعي للدخول في تفاصيله. لكن بشكل عام يمكن القول بأن ايران لا تعترف بوجود مرجعية خارج حدودها وتعتبر حوزة النجف اصبحت في خبر كان، إن لم يكن وجودها مزعجا.

يكتب الشيخ هاشمي رفسنجاني في مذكراته بأنه زار السيد علي خامنه اي يوم   23/10/1994 وكان حديثهم عن مسألة المرجعية بعد الشيخ الاراكي وضرورة تقوية حوزة قم قبال حوزة النجف وسبل الوصول الى هذا الهدف.

کما أنّ السيد علي خامنه اي اعلن يوم الاربعاء 14/12/1994 في خطاب عام بأنه لا يتصدّى للمرجعية داخل ايران، لأنّه يوجد المراجع الذين يستطيعون تولي هذا الامر، لكنه سوف يتصدى للمرجعية خارج ايران لأنّ حكمها مختلف، فاذا لم يتكفّل هو بحمل اعباء المرجعية خارج ايران سوف تضيع. ويضيف في نفس الخطاب: اي زمن أرى أن السادة الموجودين هنا، يستطيعون بتكفّل حمل المرجعية خارج ايران، سوف اتنحى واترك لهم المجال. لكني الآن استجيب لخارج ايران لأنه لا يوجد ايّ حلّ آخر.

هذا الكلام ينم عن قناعته الکاملة بعدم وجود مرجع خارج ايران. استمرت اجهزة النظام تروّج هذا التصوّر. فنرى حتى سنين بعد التغيير يتكلم السيد محمود هاشمي شاهرودي، المحسوب على الحوزة النجفية كونه من تلامذة المرجع النجفي محمدباقر الصدر، في حوار مفصّل مع مجلة "الاجتهاد والتجديد" ربيع 2007م، 1428هـ عن حوزة النجف ويقول ما نصّه: "استطاع صدّام أن يقضي على حوزة النجف ويُخليها من الفضلاء والعلماء؛ فلم يبقَ من الإيرانيّين سوى عدد قليل، أمّا أكابر العرب واللبنانيّين فبين راحلٍ وسجين. نعم، بقي فيها مجموعة من البعثيّين.

لقد تلقّت الحوزة من صدّام ضربة قاصمة لم تتعافَ منها حتّى يومنا هذا. واليوم وبعد مرور أربع أو خمس سنوات على زوال حكم صدّام قد يتحدّث القادم من هناك عن وجود حوزة في ذلك البلد، ولكنّ الحقيقة أنّه لا وجود لحوزةٍ هناك، فقد استأصلها صدّام من جذورها وأتى على أساسها."

والسيّد السيستاني نفسه ايضاً نال نصيبه من هذا التهجّم. فهاجمه الشيخ احمد جنتي (رئيس مجلس خبراء القيادة اليوم، والمقرب من القائد الايراني) في خطبة صلاة الجمعة في طهران. یذکر الشیخ هاشمی رفسنجانی فی مذکّراته بأن السيد جواد الشهرستاني نسيب ووكيل السيد السيستاني في ايران، زاره يوم 23/11/1994 وعاتبه على تهجّم جنتي على السيد السيستاني وأكّد له بأن السيد محب للثورة الايرانية والسيد الخميني.

امثال هذه التصريحات والمواقف كثيرة ولكن لا مجال لذكرها هنا والمهم أنه بفضل الله هذه الوساطات والجهود الطيبة والظروف الجديدة بعد سقوط صدام حسين خلقت جوّا من الهدنة.

قد تكون هذه المواقف وراء رفض المراجع الاربعة والسيد مقتدى الصدر استقبال مبعوث خامنه اي المرجع الايراني محمود هاشمي شاهرودي حين سفره شهر ذي الحجة الماضي الى مدينة النجف الاشرف، على الرغم من بقاءه عدة ايام في المدينة، ولم يستقبله سوى مدير مكتب السيد مقتدى الصدر، الشيخ محمود الجيّاشي الذي اصطحبه لزيارة ضريح السيد محمد الصدر. الموقف الذي احرجه كثيرا مما اظطرّه لاصدار بيان قال فيه: "هدف الزيارة هو العتبات المقدسة والمشاهد المشرفة ومراقد الأئمة الأطهار، سلام الله عليهم أجمعين".

خاتمة الكلام

كما لاحظنا انتهجت مرجعية السيد السيستاني نهجا سياسيا مستقلا تقاطع في اغلب مفاصله مع سياسة ايران في العراق. لكن مرجعية السيد حفاظا على مصالح الشعب لا تختار في الغالب خيار المواجهة ولا الاصطدام بل تكتفي ببيان رأيها وموقفها من خلال قنواتها الخاصة. فبرودة العلاقة بين المرجع الاعلى وايران خلال العقد ونصف الماضي واضحة للعيان. لم يلتقيا السيد السيستاني والسيد خامنه اي طوال هذه الفترة ولا مرة واحدة وحتى في رسائل التعزية التي يصدرانها في المناسبات المختلفة لم يقدما التعازي لبعض. يوجد في موقع المرجع رسالة واحدة صادرة من السيد خامنه اي مخاطبا السيد السيستاني حينما عاد من رحلته العلاجية الى لندن ولكن لا يوجد في الموقع اي رد عليها. (ادّعت بعض المصادر انه يوجد ردّ شفوي عليها وهذا لا يمكن التحقق من صحته)

من المؤكّد أن عدم الرد على الرسالة له دلالات. طبعاً تلاحظ بعض النقاط في هذه الرسالة كاستخدامها لقب "آية الله" للسيد السيستاني بدل "آية الله العظمى" الذي يستخدم للمراجع، إلا اذا كان كاتبها يعتبر نفسه أعلم منه. او تعقيب اسم السيد بعبارة "دامة بركاته" بدل "دام ظله" التي تستخدم للعلماء الكبار. كذلك على الرغم من قصر نص الرسالة تكررت فيها عبارات: "انت السند الروحي للشعب العراقي" و "كنت السند الروحي والمعنوي لذلك الشعب المظلوم" و كذلك "الدعاء لكم دعاء لسعادة الشعب العراقي"، كل هذه العبارات فيها إشارة الى أن مرجعية السيد السيستاني محلية ومحدودة بالعراق وليست مرجعية عامة للشيعة.

من خلال تتبع مواقف السيد السيستاني خلال خمسة عشر عام الماضي نرى أنّ جميع مواقفه استهدفت تحقيق مصالح العراق شعباً وحكومة. ودائما كان شغله الشاغل حقن دماء الشعب العراقي وخروجه من المأزق الذي ادخله الاحتلال الامريكي الخائن فيه. لكن مواقف ايران من قبيل استغلال الازمات التي ألمّت بالبلد، او تشكيل جماعات مسلحة خارج الدولة، اشعال الفتنة الطائفية والفرقة بين الفرقاء الشيعة وتقسيم كل جماعة الى جماعات واحزاب، دعم الفاسدين وايصالهم لأعلى المناصب والدفاع عنهم للبقاء في مناصبهم، و... ضربت شيعة العراق وتجربتهم الفتية ضربة قاضية في سبيل مكاسب غير مشروعة.

 

مشتاق عبدمناف الحلو

 

في المثقف اليوم