قضايا وآراء

شاكر السماوي .. الظاهرة الحاضرة

الكبير شاكر السماوي قد رسخ مفهوم الحداثة الشعرية في أوسع أبوابها، وكان مدرسة شعرية قائمة بذاتها بشهادة الكثيرين من المهتمين بالشعر الشعبي أدبا ونقدا إذ شكلت مجموعتاه الأوليتان (حجاية جرح ورسالة من باجر) حجر الزاوية في تأسيس نمط شعري جديد يقوم على الرمز الشعري ذي التأويل المزدوج في مداميك البناء وتفجير المفردة وفي خلق المعنى واستهداف الجمال حداثيا دون اهمال المورث الشعري الذي يعده مقدسا في تكوينه الشعري .

 

لقد تخرج من معطف هذا الشاعر الكبير جل أجيال الشعرالشعبي اللاحقة في العراق وفي مقدمتهم أعلامه الباقون على قيد الحياة أو الذين رحلوا عن دنيانا (كاظم اسماعيل وكريم العماري وكامل العامري وبشير العبودي وكريم العراقي وريسان الخزعلي وكاظم غيلان ورياض النعماني ومكي الربيعي وفالح حسون الدراجي وكاظم خبط وغازي ثجيل وحسن الخزاعي ومحمد عزيز كاندو وفلاح عسكر وجبار الغزي والذين جاء بعدهم أيضا .. لا على سبيل الحصر) وظلت قصيدته قامة عالية ومهمازا يرفل بالثناء والعرفان وشاهدا يسير على هداه المجيدون والمميزون من شعراء هذا النوع من الأدب .

 

الحقيقة التي يستوجب ذكرها وقد تغيب عن آذهان الكثيرين .. هي أن هذا الشاعر الظاهرة لم يحظ بما يستحقه من الشهرة والإهتمام في النقد والنشر، ولم تمنحه ظروف العراق السياسية وظروف غربته كي يكون على رأس مشاهير الأدب الآن كما حظي بذلك الكثيرون، فهو في سلوكه الأدبي واليومي غير مبال في الشهرة والجاه أو من الذين يركضون وراء مصادر الأعلام والنشر لغرض التعريف والذيوع كما فعل غيره .. ؟! فهذا الرجل صاحب مشروع وقضية ولذا تجده يقول..

آخ والصوت عله دمي .. خطني بسطور وصية

شما نزفها الدم ضميري .. تفيض بعيوني قضية

أن من زامل شاكرالسماوي في الجيل أو في رحلة العمر كالراحلين من الشعراء (طارق ياسين وعزيز السماوي وابو سرحان وكاظم الركابي وكاظم الرويعي وزامل سعيد فتاح ومجيد الخيون وغيرهم ..) أو من الباقين على قيد الشعر (كريم محمد حمزة ويعرب الزبيدي وحامد العبيدي وناظم السماوي وزهير الدجيلي وعلي الشباني) كانوا يدركون خطورة الخطاب الشعري الذي جاء به هذا الشاعر الظاهرة فأصطفوا بجالنبه وعاضدوه، بل أن بعضهم أصبح من محبيه ومريديه ومن السائرين على خطاه في الأنجاز الشعري .

 

لقد أسرّني كثيرا ما قرأت عن شاكرالسماوي بأقلام خيرة شعراء العراق ونقاده وفي مقدمتهم أستاذنا الناقد الكبير البروفسور د. عبد الإله الصائغ على المواقع الألكترونية العراقية والعربية .. فهذا الرجل يستحق كل ما يكتب عنه على الرغم من أن نصوصه بحاجة كبيرة الى الدراسة المعمقة لفك مغاليقها والوقوف على أسرارها الكبيرة والواسعة .

 

ما بوسعي إلا أن أقول الف تحية لأستاذي الحبيب أبي طلعت في غربته، الذي لا يحلو لي إلا أن اخاطبه كما كنت أناديه به سابقا .." شاكر حجاية جرح " .

  

صحيفة المثقفwww.almothaqaf.com     العدد: 1055  الجمعة 22/05/2009    (ارشيف الاعداد)

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي الصحيفة بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.

في المثقف اليوم