قضايا وآراء

أثر القاعدة القانونية الدبلوماسية في العلاقات الدولية مع العراق

وبهذه العلاقات حاولت هذه المجتمعات البسيطة ـ سواء كانت قبائلاً وعشائراً أم شعوباً أم دولاً سياسية ـ أن تحلّ بعض أزماتها ومشاكلها عن طريق التوافق بين المصالح.

وبتطوّر الحياة وتشابك المصالح الدولية أصبحت الحاجة ملحّة لإقامة علاقات بين الدول من أجل التوافق بين مصالحها، وحلّ إشكاليات التضارب بين هذه المصالح، وتسوية الخلافات والمنازعات، وإيجاد الحلول الملائمة لها. وبطبيعة الحال هذا يقتضي فن التفاوض بين الدول، وعقد اتفاقيات ومعاهدات سواء كانت ثنائية (بين دولتين) أم شارعة (بين دول عديدة) لتنظيم العلاقات الدولية، وفق قواعد القانون الدولي العام، وحلّ أزمات ومشاكل الدول على ضوء القواعد الدولية وإيجاد الحلول الملائمة فيما إذا تضاربت مصالح هذه الدول أو تعارضت، وتلك هي مهمة (الدبلوماسية) .

والمعروف أنَّ العلاقات بين الدول واتصالها بعلوم أخرى أقدم منها عصراً أدّى إلى انبثاق علم وليد سُمّي (علم العلاقات الدولية) ، الذي تأثّر كثيراً بقواعد القانون الدولي، والتأريخ السياسي، ونظرية (العلاقات الاقتصادية الدولية)، والجغرافية السياسية، وعلم النفس الاجتماعي .

ومن الملاحظ أنَّ الدراسات المتعلقة بفنّ التفاوض الدبلوماسي، والدراسات المتعلقة بالعلاقات الدولية عموماً لم تكتسب ذاتية مستقلة إلاّ في العقد الثاني من القرن العشرين، وبدأ أول الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى ، عندما أخذت الجامعات الأمريكية الواحدة تلو الأخرى في تدريس العلاقات الدولية ، كعلم مستقل تحت اسم (The International Relations)، وبعدها أخذت الجامعات البريطانية تدرّس هذا العلم، بحيث أنشأ كرسي للدراسات الدولية في جامعة ويلز في عام 1919م ، ودُرّست هذه المادة في بريطانيا تحت أسماء متعددة مثل: السياسة الدولية (International Politics) أو الشؤون الدولية (International Affairs)، أو الشؤون العالمية (World Affairs)، أو العلاقات الدولية (International Relations).

 

ثم بدأت الجامعات الفرنسية في تناول هذا العلم تحت اسم: (الدراسات الدولية)، أو تحت اسم (العلاقات الدولية). كما دخل ضمن برنامج الدراسة في الجامعات الألمانية تحت اسم (السياسة العالمية)، أو (السياسة الخارجية) أو (العلاقات الدولية) .

 

ومن ناحية أخرى فقد أدّت الحروب الطاحنة، والبحث عن الأسلحة الحربية الفتاكة إلى الدمار والبؤس والفقر للشعوب والأمم، ولذا برزت الحاجة لفن التفاوض والدبلوماسية لحلّ كثير من المنازعات، وضرورة التعاون بين الدول في هذا الشأن.

ومن المفيد ذكره أنّ تشابك المصالح الدولية، ووجود ثغرات عديدة في القانون الدولي العام، تقتضي ضرورة وجود (مجمع القانون الدولي العام) في بغداد وإنشاء كرسي مرتبط به لعلم العلاقات الدولية للمساهمة في إبراز كثير من الدراسات والبحوث الأكاديمية العراقية في فن التفاوض والدبلوماسية.

 

ففي طريق هذا الفن تتم إقامة علاقات متميزة مع الدول وتدعيمها، ومعالجة كافة الشؤون التي تهمّ كافة الدول، والتوفيق بين المصالح المتعارضة ووجهات النظر المتباينة، وحلّ المشاكل والخلافات وإشاعة الود وحسن التفاهم بين الدول، وتوطيد مركز الدولة العراقية ونفوذها ومصالحها في مواجهة مصالح الدول الأخرى.

 (فالدبلوماسية هي إذاً بالنسبة للمجتمع الدولي بمثابة القوى المحركة للحياة الدولية ومبعث نشاطها، وهي بالنسبة لكل دولة بمثابة الأداة التي تمكّنها ـ لو أحسنت استخدامها ـ من الحصول على كل المزايا التي تسعى إليها ومن تبوّء المركز اللائق بها في هذا المجتمع) .

 

الدكتور قاسم خضير عباس

خبير قانوني متخصص بالقانون الدولي العام

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1417 الجمعة 04/06/2010)

 

في المثقف اليوم