قضايا وآراء

ثقافة نفسية: (19) لغـــــة الجســـــد / قاسم حسين صالح

هل عجز لسان الحبيب عن ايصال مشاعره الى حبيبته فتولت (عيناه) هذه المهمة؟! اذا كان الجواب نعم، وهو كذلك فعلا، فهذا يعني ان  لغة الجسد (ابلغ) من لغة الكلام... بل انها تكون احيانا اصدق من اللسان.. ولهذا تزايد الأهتمام عالميا بدراسة لغة الجسد لا سيما في التحقيقات التي يقوم بها رجال الشرطة (ولا نقصد بذلك جهاز كشف الكذب) وتنوعت فيها الدراسات وشملت حتى الحركات البسيطة التي قد لا تعني شيئا، كأن يحك المتحدث   اذنه من الخلف وهو يتحدث الى الجمهور، او حين يشبك اصابعه العشره بيدين عموديتين أو يضعهما تحت حنكه. فقد تبين من دراسة حركات معينة انها تقول الحقيقة فيما الكلام المنطوق المصاحب لها هو الكذب بعينه.

وقد لا تعلم – عزيزي القاريء -  ان الدراسات العلمية توصلت الى ان حصة الكلام (اللغة اللفظية) في احاديثنا التقليدية بحدود 45% ، فيما تكون حصة لغة الجسد من التواصل بحدود 55% ! اي ان اقل من نصف المعنى يأتي عبر لغة الكلام ،فيما يأتي اكثر من النصف من لغة الجسد . وانه يوجد بالدماغ جهاز او مركز خاص لفك الشفرات التي تبعث بها لغة الجسد، فأن فسّرها بشكل صح،حصل تفاهم وتودد .. وصداقة..  وربما الوقوع في الحب!، وان فسّرها بشكل خطأ، ادى ذلك الى نفور او خصومة .. وربما شجار .ولأننا نخشى أن يكتشف الآخرون حقيقتنا من لغة جسدنا، فان أفضل طريقة للكذب هي ..على التلفون،وان كنت في شك .. (اسأل موبايلك ..الوارد منه والصادر ايضا!).

هذا يعني علينا ان نمتلك  ثقافة جديدة بالسلوك غير المنطوق (لغة الجسد) لانها هي التي تزودنا بأفضل المفاتيح لمعرفة مشاعر الفرد الداخلية بشكل منفصل تماما  عن حديثه، وما اذا كانت اللغتان (اللفظية وغير اللفظية) متطابقتين بالمعنى، او ان احداهما تحمل معنى يناقض ما تحمله اللغة الاخرى ، فتكون في حيره.. ايهما تصدق: كلامه ام لغة جسده؟. بل ان لغة الجسد نفسها قد تحمل معاني متناقضة، فالراحتين المفتوحتين تقترنان عادة بالنزاهه، ولكن عندما يبسط المزيّف (المنافق) راحتيه ويبتسم لك وهو يكذب، فان اشارات اخرى تفضحه كأن يرتفع احد حاجبيه او قد ترتعش زاوية فمه. وتشير الدراسات الى ان كثيرا من السياسيين هم خبراء في تزييف لغة الجسد بهدف حمل الناخبين على تصديق ما يرددون من اقوال، والسياسي الذي يفعل ذلك بنجاح يقال عنه انه يتمتع بكاريزما، فيما يفشل اخرون كما حصل مؤخرا  لسياسي عراقي صرف ملايين الدولارات في دعاياته الانتخابية ولم تحصل قائمته حتى على مقعد واحد!.

في ضوء ذلك يتبين كم هي مهمة لغة الجسد، لكن معرفتنا بها تكاد تكون عامة أو سطحيه. ولانها مهمة في فهم الآخرين ونواياهم الحقيقية، ولانها المفراس الذي يفرز لك الصدق من الكذب.. فأننا سنزودك بأهم مفاتيح هذه اللغة.. فتابعنا في الحلقات المقبلة..التي سنبدأها بلغة العيون متبوعة بتحليل ايماءات اليدين والذراعين .  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1569 الأحد 07 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم