قضايا وآراء

خيانات السيدة حياة .. مهماز الشعرية الجديدة لشعراء العراق الشباب

مهما بلغ من درجات العلو والمرتبة، ومهما أطلق عليه من ألقاب وأوصاف، تتصل بالأمارة والسلطنة والعرابة والفحولة والفطحلة وغيرها .. فليس هناك عندي  في الشعر من استذة ودكترة، كما وليس هناك من مّلا ولا شيخ ولا قاض ولا "قصخون". ولاخير في اسم (كبير) مهما بالغ واستوى لا يعمّد إسمه بمنجز كبير، فسلطة النص .. هي الأساس الذي يقوم عليه التقييم والنقد _ من المفروض _ خارج دائرة الشهرة

 والتشهير .. أعني : قيمة النص بمقدار شعريته لاغير وتأتي متعلقاته الأخرى تدرجا في الأهمية والتماثل .

أنني ومع شديد تحفظي الشخصي فيما يتعلق بماهية المسابقات من حيث التكوين والشروط ، وما ينتج عنها من نتائج ، وما يحيط بها من ملابسات في التقييم، والعلاقات التي قد تشوبها آحيانا ، أقف الآن في آخر قراءة لي عند مجموعة الشاعر الشاب عمر علي الجفال (خيانات  السيدة حياة)، الفائزة  بالجائزة الأولى لمسابقة دار تكوين للتأليف والترجمة بدمشق .. هذه المجموعة التي ربما لأول مرة أقول عن شعر المسابقات :

 أنها تستحق جلال القراءة في الكتابة عنها، رغم أنني لم أطلع على بواقي المجاميع الأخرى , لكنها أي المجموع تمتلك مقومات الشعرية بأمتيار وجودها ترسيخا مما جعلها في مقدمة غيرها لتنال هذه الجائزة بكفاءة.

لقد تابعت ولم أزل شعر الشباب وأهتم به أيما إهتمام وقد كتبت مقدمات  لمجاميع عديدة لبعضهم، بل وأفردت لهم  حيزاً مهما في الصفحات الثقافية التي تحملت مسؤولياتها في أكثر من  جريدة ..إلا أنني أعترف  بأنني لم أكتب دراسة عن  مجموعة أحد الشباب لأسباب كثيرة منها تقني ومنها ماهو شخصي واعتباري ..

يقول الجفال عمر عن فتحه الجديد في أول نص له في المجموعة..

سآتيكم فاتحا

محشّدا أمواتي ببغال تعرج ..

أجل، وبشراك في فتح وضع أقدامك على جادة الصواب الشعري الرصين بعيدا عن تظاهرات الزيف الكتابي والشعري وحشود اللغو الطباعي والنشري ونشاز التعليقات التي الغت دور النقد لصالح العانسين والعانسات شعريا التي أرهقتنا بها بعض مواقع النشر الألكتروني على غرار (ضرب السرة والدور) وما يطلبه القراء والمستمعون من خرابيط  وترهات التنظير الفارغ على ألسنة غير الأدباء ممن يمتطون المعرفة غير الأدبية عن طريق الكتابة والنشر المجانيين ..

أقول .. أجل هذه المجموعة هي غيرها ولا تحتاج الى من يزكيها قولاٍ وكتابة .. مع عتبي العنيف على النقاد والأدباء في الغرق بعيدا عن الجديد الجيد لشبابنا وعدم الوقوف إلا عند من يعنيهم أو تعنيهم مجرورات المآخذة بالدوافع والنوازع والإتجاهات التي تأكل من جرف العراق الشعري لصالح إلا شعري المرحلي وفي مقدمته الشعر المؤدلج سلطويا لصالح الطغاة والمتخلفين المبهورين بالسطوة والجاه والصور والتماثيل  ..

أستدر فرسخا ..

وانحن ِ على زمنٍ زائلٍ كي تزول

..   ..    ..   ..   ..

  ..   ..   ..   ..  ..

 ..   ..   ..   ..   ..

أيها الأعمى :

هل لي بيديك، كي استدل علي ّ ؟

ضمت المجموعة (15 ) نصا مليئة بالجديد المعنوي صوب جماليات الإبتكار الصوري لشاعر شاب أتوفع له أن يكون الأول بين من سيجايله ويعاصروه في الحياة وقصيدة النثرة تحديدا على وجه الخصوص .. ولعمري إن عمر الجفال لجدير بالقراءة والحب فيما يكتب، وإنها دعوة لكل زملائي من الأدباء أن يتنبهو وينتبهو لهذا الغريد الممتلىء بالوجع والشعر والغربة والنار ..

فراشي :

فواصل كلام ٍ بين الأجساد

علامات استفهامٍ مستفزة

الغريبة التي وجدتها على باب منزلي

تعجب ٌ .. دون نقطة .

وكانت همزة .. تنام فوق ألفٍ عزلاء .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1194 الاحد 11/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم