قضايا وآراء

معرض الفنان التشكيلي ستار كاووش (نساء التركواز) / قاسم ماضي

نظم مؤخرا في العاصمة الأردنية عمان وعلى قاعة كاليري دار الأندى الكائنة في جبل اللوبيدة المعرض التشكيلي الذي يحمل العنوان (نساء التركواز) للفنان العراقي المغترب ستار كاووش وتم الإفتتاح برعاية السفير الهولندي في الأردن، والمتأمل لمجمل اللوحات يجد أنها تميزت بنسق فني باهر متحرر إلى حد كبير من محددات أسلوبية تنتمي إلى مدرسة فنية بعينها، وتجلى ذلك في الخطوط المستخدمة وتوزيع الكتل وإختيار زوايا التعبير فضلا عن إستخدام اللون الذي يعد من أبرز عناصر اللوحة في هذا المعرض، فالفنان المذكور حاول إستحضار شخوصه على المستوى البصري عبر إستنباطات متعددة الأبعاد، وقد تجح في إنجاز حدود الشخصية المطروحة للمعالجة البصرية بخطوط منفتحة، متحررة وعميقة في الوقت نفسه، ليقدم لنا رؤيته حيال هذه الأنثى أو تلك، كما أنه تمكن من نسج نسق متعدد المستويات على صعيد العلاقة بين المرأة والرجل، جسدها عبر التنوع في إستخدام االعناصر وطريقة تفعيل نظامها الدلالي بإتجاه إنتاج معنى معين لتلك العلاقة الجدلية للمرأة والرجل التي يمكن القول أنها في هذا المعرض تجسدت في وجود زوايا فلسفية جديدة اعتمد فيها الفنان على النزر الكبير في تصورها على تجربته الخاصة وبالتالي يكون قد أفصح في مواضع كثيرة عن شخصيته وما يختلج وجدانه من إرهاصات ومشاعر، ولعل 834-kawشريط الذكريات واحدا من أبرز مصادر الإلهام لدى الفنان وهو يصيغ رؤيته الفنية حيال المرأة والرجل، فهو يختار قرائن واقعية ممزوجة بتفاصيل معينة تشكل مفتاح الولوج إلى عالم اللوحة لفك شفرات خطابها الجمالي، وعلى الرغم من أن خطاب اللوحة في هذا المعرض حمل طابعا إنسانيا بمجمل ما عبر عنه إلا أن المحلية العراقية طبعت بعضا من لوحاته وذلك يعني أن فناننا كاووش برغم تجواله في أماكن مختلفة من هذا العالم إلا أن العراق لازال حاضرا في وجدانه وذاكرته ولايزال يشكل إحدى مصادر إلهامه، وإمتازت معظم لوحات المعرض بأنها كانت من الحجم الصغير الذي جعل الفنان يعمد لآلية التكثيف والإختزال في معالجة الأشكال التعاطي مع السطوح وكيفية توزيع اللون الذي يعد القيمة الأبرز لهذه المعرض حتى أن مفردة (التركواز) تحمل إشارة ضمنية وهي سمة أساسية ساهمت في تحريك تفاعلات اللوحة الظاهرة والخفية، ولاشك تبقى حركة الإنسان المعاصر هي أبرز المشاهد التي تثير مخيلة الفنان التشكيلي وسواه من الفنانين المشتغلين في حقول إبداعية أخرى، ليسجل هذا الفنان حركته الزمنية بطريقته الخاصة وفق معالجة لهذا النمط من الأعمال، فهو يحفز في ذاكرته الزمن بكل ما فيه من أفراح وأحزان تشوب تلك العلاقة الجدلية بين آدم وحواء، فكانت ذاكرته مساحات لونية فيها بعض البقع المتلألئة التي شكلت عناصر مهمة في التعبير البصري لموضوع وفكرة كل لوحة، وتأتي بعد ذلك بقية الأشكال اللونية والخطوط والمساحات المساندة لتشرح الحدث وتملأ الفراغات البصرية بتلميحات رمزية هي أبعد ما تكون عن الإنحياز لموقف ما، بقدر ما تحاول تقديم أبعاد جديدة لعلاقة الرجل والمرأءة لها علاقة بواقعنا المعاش وبتجليات العولمة التي طبعت ملامح العصر برمته، وبرغم أن فناننا كاووش تناول موضوعا جوهريا في واقعنا المعاصر من خلال تصديه لأهم علاقة إنسانية في المجتمع وهو واقع مشحون بالتشنجات ومصاب في كثير من الاحيان بالصراع العاطفي إلا أن معالجته الفنية والفكرية جاءت متوازنة، وقابلة على فتح باب التأويل والإستنباط والإستنتاج .

 

قاسم ماضي - عمان 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2126 الأحد 20 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم