قضايا وآراء

عيد الأضحى بين العرف والعادة وروح الدين / مولاي احمد صابر

الحرج المادي والمعنوي عن الناس بدل أن يكون سببا فيه، وأن يجعل حياتهم متصلة بالعقل والروح معا بدل استحضار أحدهما دون الآخر. ووفقا لهذا المدخل يأخذ تدين الفرد والجماعة صبغة التجديد، الذي يحصل معه العقل والنظر في التعاطي مع الشعائر والمناسك التي جاء بها الدين، بدل الجمود والتقليد في القول والفعل، بتكرار مقولات الأولين وأفعالهم، فالتقليد يحول الشعائر والمناسك إلى طقوس جامدة ميتة بدون روح، ولا يتبقى منها إلا ما هو ثقافي وذو صبغة تاريخية. ويتبقى منها كذلك ما هو اجتماعي يتعارض أحيانا مع مدارات المصلحة العامة للواقع المعاش.

عيد الأضحى اليوم يمتزج فيه ما هو ثقافي بما هو ديني، كما تحضر العادات والتقاليد الاجتماعية في الاحتفال بهذه المناسبة، التي يحضر فيها  الاحتفال بسيلان الدم بذبح الخروف  وأكل لحمه من جهة، والفرح ببهجة العيد من جهة ثانية، والواقع أن هذا العيد قد أخذ أهميته ومكانته في قلوب الناس من الأضحية التي تذبح فيه، والتي وضع لها الفقهاء مواصفات وشروط عدة، وقد سماه عموم المغاربة بالعيد الكبير مقابل عيد الفطر الذي وصفوه بالعيد الصغير لأنه لا ذبح فيه.

يسبب شراء أضحية العيد للكثير من الفآت الاجتماعية  خاصة الفقيرة وذات الدخل المحدود، إكراهات اجتماعية تجعل الكثير منهم يستغني عن بعض ضروريات الحياة، كشراء الدواء أو مستلزمات الدخول المدرسي ...وغير ذلك من أجل شراء خروف العيد، وقد يضطر البعض إلى بيع ما هو من مستلزمات البيت من أواني وغيرها قصد شراء خروف العيد... وقد يضطر البعض إلى أن يأخذ قرض من البنك من أجل شراء الأضحية. ولا مبالغة في القول إن قلنا أن ما يصحب شراء أضحية العيد من إكراهات اجتماعية ينطبق عليه  القول "مكره أخاك لا بطل" والمفارقة هي أن الكثير من الناس يظنون أن أضحية العيد أمر لا بد منه، كأنه من ضروريات الدين التي لا يقوم الدين إلا بها، وهذا أمر غير صحيح، وقد ورد عن الإمام مالك رأيين في الموضوع. الرأي الأول: مفاده أنه بالإمكان للفرد أن يتصدق بثمن الأضحية بدل ذبحها، والرأي الثاني: مفاده بأن ذبح الأضحية أولى من غيره، إلا أن الفقهاء تشبثوا برأيه الثاني بدل الأول هذا فضلا على أن رأي الأئمة الأربعة حول موضوع أضحية العيد لم يستقر على رأي واحد.

والمتمعن في الواقع المعاش اليوم سيدرك بأن الرأي الأول للإمام مالك الذي قال فيه بعدم الذبح والاكتفاء بالتصدق بثمن الأضحية، أقرب بكثير إلى روح الواقع اليوم. ومع الأسف فالوعاظ والمشتغلين بقضايا الشأن الديني لا يذكرون الناس بهذا المقصد. وإلا ما الفائدة من أن تذبح جميع الأسرة قاطبة خروف وزيادة من البقر و الإبل... ألا يتعارض هذا مع المقصد الكلي للدين الذي نهانا وحذرنا من الإسراف؟؟ قال تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)" سورة الأعراف. ألا يتسبب هذا أحيانا في أزمات مالية تتعلق بسوق الماشية بشكل خاص، وهو الأمر الذي جعل الملك الراحل الحسن الثاني ليتدخل أكثر من مرة لمنع الذبح يوم العيد.

المجال الحضري بشكل خاص يتحول يوم عيد الأضحى بعد صلاة العيد إلى مزبلة ممتدة الأطراف، لا تليق بمستوى الذين اجتمعوا في مصلى العيد، وهذا أمر طبيعي، إذ من غير المعقول أن يتم تحويل كل شوارع وزقاق وأحياء المدينة إلى مسلخ ومجزرة للذبح... فسيكون من المفيد جدا تخصيص أماكن معينة لهذا الغرض في جميع أحياء المدينة، وهذا أمر مستبعد وغير مفكر فيه.

هذه المناسبة ارتبطت في أذهان الناس بالكثير من المغالطات مفادها أن الله جل وعلا شاء أن يختبر نبيه إبراهيم، وأمره بذبح أحد أبنائه وقد أقبل إبراهيم على ذبح أحد أبنائه، وتدخلت مشيئة الله مرة ثانية وأحالت بين إبراهيم وذبح ابنه، مما يفهم منه أن الله تعالى تراجع عن ما أمر به نبيه إبراهيم، ويعتقد البعض أنه لو تم ذبح إبراهيم لابنه فعلا لاستمر الناس في ذبح أبنائهم إلى اليوم، إلا أن هذا التصور لا يتوافق مع قصة إبراهيم التي ينبغي قراءتها كما هي في القرآن الكريم  بشكل كلي بدل هذه القراءة التجزيئية. إبراهيم عليه السلام الفتى الذي عرف ربه من خلال النظر في ملكوت السماوات والأرض قال تعالى: " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)" سورة الأنعام.

إبراهيم عليه السلام الفتى الذي قارع قومه بالحجة والبرهان بقوله قال تعالى:" فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)" سورة الأنبياء  وقال أيضا " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)" سورة البقرة

ونتساءل، ألم تكن العناية الإلهية مع إبراهيم في رحلة النظر لملكوت السموات والأرض؟! ألم يحتضن الله سبحانه سؤال إبراهيم حول الحياة والموت؟! ألم تكن عناية الله متجلية فكانت النار بردا وسلاما على إبراهيم ؟! أليس الله بكل شيء عليم؟!  فما هي الفائدة إذن من اختبار الله لنبيه بهذه الصيغة التي يظن بها الكثير من الناس؟! ويكفي أن نتدبر قوله تعالى :" وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ" سورة الأنعام 137. فكيف لله جل وعلى الرحمن الرحيم بعباده أن يأمر نبيه بذبح أحد أبنائه، سبحان ربك رب العزة عما يصفون.

 نبي الله إبراهيم هنا "الشيخ" وليس "الفتى" المفعم بالسؤال والنظر في التعاطي مع فهم الأشياء والظواهر، قد تخلى إبراهيم "الشيخ" بعض الشيء عن قدراته العقلية والوجدانية في فهم الظواهر ومال إلى الفهم المبسّط، وهذا يبدو جليا من خلال إسراعه في تحويل رؤياه، التي مفادها ذبح ابنه إسماعيل إلى واقع محسوس؛ إنه هذه المرة لم يجعل من موضوع ذبح ابنه فضاء للسؤال كخاصية من خصائص طبعه، بل وضع أسئلته جانبا وأقبل على ذبح ابنه الذي كان بدوره في هذه اللحظة على طباع أبيه، وهو في سن بلغ فيه السعي، أي لم يعد صبيا كما يتوهم البعض، بل هو البالغ العاقل الذي له كامل الأهلية في اتخاذ قرار أي مشورة، وإلا ما معنى أن يستشير إبراهيم صغيرا في ذبحه، فالمشورة والنظر لا يكون إلا للكبار بدل الصغار، ومن هذا الباب أوصانا الله سبحانه بالصغار خيرا خاصة اليتامى منهم.

قال تعالى" فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" الصافات102 لقد حول الإبن ـ رؤيا الأب ـ إبراهيم إلى أمر، والفرق كير بين الرؤيا كرؤيا والأمر كأمر، إذ أمر الله لا رجعة فيه قال تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" يسن 82  قال تعالى: " وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ " القمر 50، وهذا موضوع في حاجة إلى الدراسة والتحليل. [1]

   لقد ذهب كثير من الناس إلى أن الله ابتلى إبراهيم واختبره  بأمره له بذبح ابنه كما أشرنا سابقا، وقد ظن البعض بأن ذلك نذر نذره إبراهيم لله[2] وقيل بأن إبراهيم، فعلا أقبل عن ذبح ابنه وقد عمل الشيطان أن يحيل بينه وبين ذلك[3]، إلا أن هذا الفهم لا مكان له داخل سياق الآيات القرآنية.

ولتعديل الموقف الذي اتخذه إبراهيم، لطفا من الله جاءه النداء قال تعالى:  "وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)  " سورة الصافات.  وهذا النداء يحتمل نوعا ما من العتاب.  ما كان لك يا إبراهيم أن تصدق رؤياك بهذا الشكل وتقبل على ذبح إبنك فهذا عمل غير محمود وهو من عمل الشيطان قال تعالى : " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ " الإسراء 33 إن هذا هو البلاء الذي يتعارض مع الإحسان " إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ "

ونتيجة للإحسان الذي كان عليه إبراهيم والذي ذكرنا به القرآن، جاء الفداء   الذي ذبحه إبراهيم ولا شك أنه ذبح ذبحا عظيما قربانا إلى الله جل وعلا، فالقربان إلى الله سبحانه لا يكون من جنس الإنسان أبدا لكون هذا يتعارض مع روح الدين وجوهره، بل من جنس الحيوان، فالفداء هنا لا يتعلق بالابن بل يتعلق بالأب و بموضوع القربان لله.

إن نداء الله لنبيه إبراهيم والفداء بالذبح العظيم جاء ليحيي ويجدد في شخص إبراهيم حالة النظر التي أهملها في تعاطيه مع رؤياه وهو الفتى الذي عرف ربه، بالنظر في ملكوت السموات والأرض، وكيف له وهو شيخ أن يهجر ذلك المنهج أو يستبدله بغيره، وعلينا اليوم أن نتحلى بالعقل والنظر في التعاطي مع فهم الظواهر والأشياء كما هو نبي الله إبراهيم عليه السلام.

 

بقلم: ذ. مولاي احمد صابر



[1]  أنظر: العالمية الإسلامية الثانية، أبو القاسم حاج حمد، ج .1، دار ابن حزم، ط.2، ص.445

[2] حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: قال جبرائيل لسارَة: أبشري بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت جبهتها عَجَبا، فذلك قوله( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) و( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) إلى قوله( حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) قالت سارَة لجبريل: ما آية ذلك ؟ فأخذ بيده عودا يابسا، فلواه بين أصابعه، فاهتز أخضر، فقال إبراهيم: هو لله إذن ذَبيح; فلما كبر إسحاق أُتِيَ إبراهيمُ في النوم، فقيل له: أوف بنذرك الذي نَذَرْت، إن الله رزقك غلاما من سارَة أن تذبحه، فقال لإسحاق: انطلق نقرب قُرْبَانا إلى الله، وأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال له الغلام: يا أبت أين قُرْبانك؟( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) فقال له إسحاق: يا أبت أشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكففْ عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء، فتراه سارَة فتحزن، وأَسْرِعْ مرّ السكين على حَلْقي؛ ليكون أهون للموت عليّ، فإذا أتيت سارَة فاقرأ عليها مني السلام; فأقبل عليه إبراهيم يقبله وقد ربطه وهو يبكي وإسحاق يبكي، حتى استنقع الدموع تحت خدّ إسحاق، ثم إنه جرّ السكين على حلقه، فلم تَحِكِ السكين، وضرب الله صفيحة من النحاس على حلق إسحاق; فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، وحزّ من قفاه، فذلك قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) يقول: سلما لله الأمر( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) فنودي يا إبراهيم( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) بالحق فالتفت فإذا بكبش، فأخذه وخَلَّى عن ابنه، فأكبّ على ابنه يقبله، وهو يقول: اليوم يا بُنَيّ وُهِبْتَ لي; فلذلك يقول الله:(وفديناه بذبح عظيم) فرجع إلى سارَة فأخبرها الخبر، فجَزِعَت سارَة وقالت: يا إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تُعْلِمني!.

أنظر: جامع البيان في تفسير القرآن، لإبن  جرير الطبري، عند تفسيره للآيات 107إلى 111 من سورة الصافات

 

[3] قال أبو هريرة: بلى، قال كعب: لما رأى إبراهيم ذبح إسحاق، قال الشيطان: والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا، فتمثل الشيطان لهم رجلا يعرفونه، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارَة امرأة إبراهيم، فقال لها: أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق؟ قالت سارَة: غدا لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما لذلك غدا به، قالت سارَة: فَلِمَ غدا به؟ قال: غدا به ليذبحه! قالت سارَة: ليس من ذلك شيء، لم يكن ليذبح ابنه! قال الشيطان: بلى والله! قالت سارَة: فلم يذبحه؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك; قالت سارَة: فهذا أحسن بأن يطيع ربه إن كان أمره بذلك. فخرج الشيطان من عند سارَة حتى أدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، فقال: أين أصبح أبوك غاديا بك ؟ قال: غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما غدا بك لبعض حاجته، ولكن غدا بك ليذبحك، قال إسحاق: ما كان أبي ليذبحني! قال: بلى; قال: لِمَ ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك; قال إسحاق: فوالله لئن أمره بذلك ليطيعنَّه، قال: فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم، فقال: أين أصبحت غاديا بابنك؟ قال: غدوت به لبعض حاجتي، قال: أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه، قال: لِمَ أذبحه؟ قال: زعمت أن ربك أمرك بذلك; قال: الله فوالله لئن كان أمرني بذلك ربي لأفعلنّ; قال: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسَلَّم إسحاق، أعفاه الله وفداه بذبح عظيم، قال إبراهيم لإسحاق: قم أي بنيّ، فإن الله قد أعفاك; وأوحى الله إلى إسحاق: إني قد أعطيتك دعوة أستجيب.

أنظر: جامع البيان في تفسير القرآن، لإبن  جرير الطبري، عند تفسيره للآيات 107إلى 111 من سورة الصافات

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2257 السبت 27 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم