قضايا وآراء

الشاعرة أخماتوفا .. مترجمة / ضياء نافع

الى اللغة الروسية بعد ان منعتها السلطة السوفيتية من نشر شعرها في عشرينيات القرن الماضي. لقد تم اعتقال زوجها الاول وهو الشاعر والمترجم الروسي الكبير غوميليوف في 3 آب 1921 بتهمة التآمر ضد الثورة وتم اعدامه في 24 من الشهر نفسه، وهكذا توالت الامور وتم منعها من النشر . وفي الثلاثينيات تم اعتقال زوجها الجديد وابنها (ليف غوميليوف) والذي كان طالبا في جامعة لينينغراد الحكومية، وكتبت رسالة الى ستالين بشأن ذلك، وتم اطلاق سراح ابنها، ولكن اعيد اعتقاله عام 1939،واضطرت اثناء الحرب العالمية الثانية ان تترك لينينغراد المحاصرة، وبعد انتهاء الحرب تم طردها من اتحاد الادباء السوفيت /عام 1946/، وتوفي زوجها في السجن عام 1953، اما ابنها، فقد تم اطلاق سراحه من السجن اثناء الحرب وتطوع للقتال وساهم في المعارك ووصل الى برلين، ولكن تم اعتقاله مرة اخرى بعد الحرب ولم يطلق سراحه من السجن الا في عام 1956، بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي المعروف بانتقاده لستالين وسياسته . وقد عادت اخماتوفا للنشر في تلك الفترة طبعا، اما اثناء تلك السنين العجاف فقد اضطرت لتكريس نشاطها في مجال ترجمة الشعر العالمي من اجل الحصول على مبالغ من المال تساعدها على تمشية امور حياتها، وقد اصدرت عام 1956 مجموعتين، الاولى بعنوان (الشعر الكوري الكلاسيكي) والثانية بعنوان ( الشعر الصيني الكلاسيكي)، وبعد 9 سنوات، اي في عام 1965 صدر لها كتابان، الاول بعنوان( قصائد عاطفية من مصر القديمة) والثاني بعنوان (اصوات الشعراء)، وهي من اواخر كتبها،اذ انها توفيت في عام 1966.

اشار معظم الذين كانوا يعرفونها عن قرب، ان علاقتها تجاه ترجمة الشعر العالمي كانت في الواقع سلبية جدا، وانها لم تكن تحب ممارسة الترجمة، وانها كانت مضطرة للقيام بذلك العمل لاسباب اقتصادية بحتة ليس الا، ولكن يشهد الجميع ايضا، ان تلك الترجمات التي قدمتها اخماتوفا تعد قمة في الابداع الترجمي، اذ انها استطاعت ان تحافظ على التناغم بين موهبتها كشاعرة مع ترجماتها،دون ان تمسخ خصائص الشاعر الاجنبي،اي انها استخدمت موهبتها الشعرية بشكل دقيق للتعبير الفني الرفيع دون الغاء الشاعر الذي تترجم له، كما حدث مع ترجمات الشعراء الكبار،والذين طغت موهبتهم الشعرية على ترجماتهم لدرجة انها اصبحت في نهاية المطاف جزءا من نتاجاتهم الابداعية وليس ترجمة لقصائد شعراء آخرين، وهذا ما حدث –بالنسبة لتاريخ الادب الروسي – عند بوشكين وليرمنتوف، ولنتذكر ترجمة احمد رامي لرباعيات الخيام مثلا في ادبنا العربي.

تناول الباحثون الروس ترجمات اخماتوفا بالدراسة والتحليل وبالشكل الذي تستحقه هذه المبدعة الكبيرة، واعطونا ارقاما مدهشة عن نشاطها هذا،وقد تبين انها ترجمت ل (150) شاعرا، وبلغ مجموع ترجماتها (20) الف بيت من الشعر، ولم نجد انعكاسا لنشاط اخماتوفا الترجمي بلغتنا العربية،رغم محاولات بعض المترجمين العرب تقديم ابداعها بالعربية،ونخص بالذكر الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر والدكتور برهان شاوي وآخرين.

نقدم طيا 6 قصائد من هذه الترجمات،والتي حاولنا – قدر امكانياتنا-ان نحافظ على شفافية صياغتها الشاعرية كما جاءت عند اخماتوفا،ونتمنى ان تسمح ظروفنا بالعودة الى هذه الترجمات الرائعة وتقديمها للقارئ العربي، كي تكتمل الصورة الفنية للشاعرة الروسية العملاقة في ذهن هذا القارئ.

 

قصائد من كوريا للشاعر يون سون دو

 

القمر

ضئيل هو في السموات

لكنه يضئ كل الكائنات.

اين نجد مثل هذا القنديل

الذي يجعل الظلام الحالك- منير؟

انه ينظر الينا بصمت حزين

مثل صديق مخلص امين.

 

ماء النهر

رائع لون الغيوم

لكنه اسود يكون

بعض الاحايين.

رائق صوت الرياح

لكنها تخفت

بعض الاحايين.

ماء النهر

رائع دائما

ومتدفقا

في النهر.

 

الحجر

الزهرة

تزهر

ثم تذبل،

العشب-

اخضر

ثم الى اصفر

يتحول.

فقط الحجر

في هذا العالم

لا يتغير.

 

القصب

لا يشبه الاشجار

بتاتا،

ولا يشبه الاعشاب

بتاتا.

أجوف- داخله،

صلب- خارجه.

ولانه

دائم الخضرة-

فاني اعشقه.

-------------------------------

 

قصيدتان من ارمينيا

للشاعر آ. ايساكيان

 

العاشق

مغني انا،

طير في العلى،

ثروات الارض كلها

لا حاجة لي بها

انا.

---

اعشق الزهور

والحسناوات

في ربيع العطر والشذى،

والهمس الرقيق

اعشقه انا،

والاغاني الحزينة

في الهدوء والسكينة...

 

النجم والحب

مدويا سقط النجم

من السماء

على صدر الارض،

لكن الارض

احتضنته

بصمت وخفوت،

وهكذا ينتهي

طريق النجم

ويموت.

---

اندفعت اليك انا

باغنية رقيقة

وحارة

مثل الدماء،

وحبي

كان ينبض بالحياة،

لكنك

كنت خرساء

وبلا حياة.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2275 الخميس 15 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم